خلال تنصيب أعضاء المرصد الوطني للمجتمع المدني، دعاهم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، للمساهمة في ترقية المواطنة والممارسة الديمقراطية، والقيم الوطنية، على المستويين المحلي والوطني، تجسيدًا لالتزاماته، حيث يعتبر المرصد هيئة استشارية تابعة للرئاسة الجمهورية، تَعمل على ترقية المواطنة والممارسة الديمقراطية وتكريس القيم الوطنية، بحسب ما ورد في بيان رئاسة الجمهورية.
يتوجّس المجتمع السياسي من أن احتضان السلطة للمجتمع المدني سينعكس سلبًا عن أداء المنظمات الاجتماعية وتحولها إلى حزام سياسي يشكّل تكتلًا موال للرئيس تبون
في هذا السياق، قالت مريم بلقاسمي، الناشطة السياسية غداة تنصيبها ضمن المرصد الوطني للمجتمع المدني، إن مهام الهيئة الاستشارية هي المساهمة في تفعيل دور المجتمع المدني في التنمية المحلية، وحتى صياغة القوانين.
اقرأ/ي أيضًا: تبون يوقّع شهادة ميلاد المرصد الوطني للمجتمع المدني
وأكّدت المتحدّثة أن الفضاء سيكون مساحة للنقاشات والحوار يتناول كل المحاور الأساسية المتعلقة بالمواطنة ونشاط المجتمع المدني، مضيفة أن المرصد بوابة لنقل انشغالات المواطنين ورفع اهتمامات نشاط الجمعيات المدنية، كما وعدت على العمل على مراجعة عميقة للعمل الجمعوي وتقديم رؤى ونظرة حديثة تتماشى وتطور المجتمع.
مخاوف وتحفظات
في المقابل، وغداة إعلان تنصيب المرصد الوطني للمجتمع المدني، تساءل رواد مواقع التواصل الاجتماعي ونشطاء ميدانين عن المعايير التي تم من خلالها تعيين أعضاء المرصد، وما هي آليات التي اعتمدت في اختيار الأعضاء، وكيف تم تحديد جمعيات على حساب تنظيمات أخرى، هنا تساءل الناشط الاجتماعي مروان بن قطاية، عن مكونات وأعضاء المرصد الوطني للمجتمع المدني، مستغربًا في الوقت نفسه تهميش الكفاءات، وإبعاد منظمات لها رصيد تاريخي في خدمة المجتمع الجزائري.
وخلال حديثه مهمّة هذا المرصد وأهدافه، شدد بن قطاية على أن دور المرصد الوطني هو دعم النجاحات والكفاءات، ومركز جامع للكوادر الوطنية والمجتمعية، متسائلًا عن أسباب إقصاء منظمات، ذكر أنها لها دورًا بارزًا في بلورة أفكار الحراك الشعبي، وتقريب وجهات النظر وتأطير المجتمع خدمة للانتقال الديمقراطي السلس، وعلّق قائلًا أن "هذه الممارسات هي استمرار للسياسية القديمة الصانعة للزبائنية والتي ستحرم الجزائر من عدة كفاءات".
مرحلة جديدة
من جهته، ثمن أحمد فيصل الورقلي، الناشط بالمجتمع المدني، خطوة تنصيب المرصد الوطني للمجتمع المدني، معتبرًا أن المرصد يشكل ثورة فكرية وتنظيمية ستعزز مكانة ودور الشباب وسط المجتمع.
وأشار محدث "الترا جزائر" أن المرصد من شأنه نقل انشغالات واهتمامات المواطن، وتوطيد العلاقة العلاقة بين الفرد ومؤسسات الدولة، وأن عودة النشاط الجمعوي إلى الحركية والتأطير من شأنه إعادة الديناميكية المجتمعية، ويفتح أفق التكوين والتنظيم ويخلق جو التنافس الإيجابي.
ويتوقع أحمد فيصل أن الإقدام على تأسيس الجمعيات سيشهد تزايد بشكل كبير خلال خمس سنوات القادمة، خاصة الجمعيات ذات التخصص الميداني والمجال الإنساني والعلمي والأكاديمي والتضامني والثقافي، موضحًا "أن وجود المرصد الوطني للمجتمع المدني من شأنه تقديم إضافة نوعية وتأطير فعال، ويساهم في رفع العقبات أمام تطور المجتمع المدني بشكل أفضل".
فشل "نداء الوطن"
في سياق الموضوع، سبق وأن احتضنت رئاسة الجمهورية تكتلًا مدنيًا يُرف بـ "نداء الوطن" يضم أكثر من 100 جمعية ومنظمة وطنية قبيل الاستحقاقات الانتخابية، في مقابل ذلك، تحفظت أحزاب سياسية وشخصيات وطنية عن الانضمام لهذا التكتّل، إذ رأت أن دفع بالجمعيات المدنية لتصدر المشهد السياسي بديل عن الأحزاب السياسية، من شأنه تقويض العمل الديمقراطي، خاصة بعدما أكّد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اعتماده على المجتمع المدني كحزام سياسي بشكل غير مباشر.
وتضمن الدستور الجديد ستة مواد دستورية ترسم دور المجتمع المدني، وتمكينه في المشهد السياسي والجمعوي، ونصّ الدستور على تأسيس المرصد الوطني للمجتمع المدني، أما قانون الانتخابات الجديد فتضمن تمويل الدولة القوائم الشبابية المستقلة في مواجهة الأحزاب السياسية.
في السياق نفسه، أظهرت الانتخابات التشريعية والمحلية الأخيرة صعود القوائم الانتخابية الحرة، إذ تحصلت القوائم المستقلة المركز الثاني بـ 78 مقعدًا نيابيًا، والمركز الثالث في الانتخابات المحلية، فعدد المقاعد المحصل عليها 4430.
هنا، يرى متتبعون أن تأطير السلطة وتشجعيها للمجتمع المدني من شأنه تقليل دور المجتمع السياسي في أداء وظيفته الأساسية، ودوره "المعارضاتي" ضمن المقاربة المطالبة والمغالبة، كما تسعى السلطة إلى التخلص من عبئ الأحزاب التقليدية، وعدم وجود نوايا لدى أصحاب القرار في استخدام الأجهزة السياسية التقليدية في البحث عن القاعدة السياسية والوعاء الانتخابي.
ويتوجّس المجتمع السياسي من أن احتضان السلطة للمجتمع المدني سينعكس سلبًا عن أداء المنظمات الاجتماعية وتحولها إلى حزام سياسي يشكّل تكتلًا موال للرئيس تبون.
إنشاء المرصد الوطني تحت قبة الرئاسة سيعزز من مكانة المجتمع المدني عبر دسترة مكانته وترسيم إطاره التشريعي والتنظيمي
في مقابل ذلك، تنفي أطراف قريبة من المرصد الوطني للمجتمع المدني تم تعينها مؤخرًا، رغبة السلطة في الاستغلال السياسي للمجتمع المدني، بل إن إنشاء المرصد الوطني تحت قبة الرئاسة سيعزز من مكانة المجتمع المدني عبر دسترة مكانته وترسيم إطاره التشريعي والتنظيمي لتكريس أدائه الديمقراطي، عبر مساهمته ومرافقته الميدانية في صناعة القرار الوطني.
اقرأ/ي أيضًا:
تسريع إنشاء مرصد المجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب
هل يتفوّق المجتمع المدني على انتكاسة المجتمع السياسي؟