فاجأ الممثّل والمكوّن والمخرج المسرحي ورئيس فرقة "البلّيري" في قسنطينة وحيد عاشور، المشهد الثّقافيّ والفنّيّ برسالة قصيرة وجّهها إلى وزيرة الثّقافة والفنون وفاء شعلال قال لها فيها إنّه يعاني البطالة؛ "فأنا بلا عمل قارّ ولا راتب شهري ولا ضمان اجتماعي ولا سكن! فأنا أعيش على الإيجار لحدّ الآن!".
أطلق فنّانون وإعلاميّون هاشتاغ #متضامن_مع_وحيد_عاشور، في حركة حملت كثيرًا من الاستياء والتّذمّر
وأضاف مخرج أحدث المسرحيّات في المشهد القسنطينيّ "الزيلومان"، وصاحب دور "عمّي سليمان" في الجزء الثّالث من مسلسل ذائع الصّيت "عاشور العاشر": "المسرح الجهويّ لقسنطينة لا يبالي.
اقرأ/ي أيضًا: افتحوا لنا أبواب المسارح!
أماكن الشّغل فيه لاتُعطى للفنانين، بل للأبناء والأقارب. من حقّي أن أشتغل في المسرح لأنّني ابنه.. تعبت".
وأطلق فنّانون وإعلاميّون هاشتاغ #متضامن_مع_وحيد_عاشور، في حركة حملت كثيرًا من الاستياء والتّذمّر من واقع "بات يعاني فيه المحترف ناهيك عن الهاوي"، بحسب وصف المسرحي رياض سقني الذّي يقول: "إذا كان وحيد عاشور الذّي التحق بالممارسة المسرحيّة عام 1978، وفرض اسمه من خلال عدّة جوائز وأعمال في الدّاخل والخارج ويرأس واحدة من أعرق وأنشط الفرق المسرحيّة وكان عضوا في لجنة تحكيم آخر دورة من مهرجان المسرح المحترف يعيش تحت طائلة البطالة، بكلّ ما يترتّب عنها من حاجات ومتاعب، فكيف نستطيع أن نقنع الجيل الجديد بخيار الفنّ؟ إنّ أيّ سعي في ذلك يعدّ عبثًا في نظري".
من هنا، يقول محدّث "الترا جزائر"، بات محتّمًا علينا الذّهاب إلى وضع قانون حقيقيّ وجاد يحمي حقوق الفنّان في الجزائر. ويوفّر المناخات التّي تجعله يعيش بكرامة من عرق جبينه، ومن جملة الامتيازات التّي هو جدير بها بحكم مقامه الفنّي.
ويسأل رياض سقني: "ما مبرّر وجود وزارة للثّقافة والفنون بكلّ إداراتها وإطاراتها ومقرّاتها وميزانياتها في ظلّ غياب قانون للفنّان؟ أين نتائج لجنة إصلاح المسرح التّي أعلنت عنها الوزيرة السّابقة؟ أم أنّ كلّ من يأتي يلغي مشاريع سابقه، من غير أن يُقدّم بديلًا؟".
في السّياق؛ يقول الممثّل المسرحيّ منير عي إنّ بحثًا بسيطًا في طبيعة من حظوا بالتّوظيف في المسارح الحكوميّة يجعلنا نقف على حقيقة صارخة هي أنّ نسبة كبيرة منهم إمّا قادمون من خارج الحقل الفنّي، وإمّا فنّانون غير مؤهلين؛ "فبأيّ منطق يقف أمامهم فنّان انخرط في الممارسة المسرحيّة قبل أن يولدوا؟ أليس الحقل الفنّي أكثر الحقول مطالبةً بأن يحتكم إلى معايير الجودة والكفاءة؟ لقد نتجت عن هذا الواقع مجازر مسّت الفنّ والفنّانين".
ويشير محدّث "الترا جزائر" إلى عدّة ظواهر قال إنّه مسكوت عنها رغم خطورتها فنّيًّا، منها أنّ كثيرًا من الفنّانين إمّا انسحبوا لصالح مهن وانشغالات أخرى، وإمّا هاجروا إلى الخارج، وإمّا انخرطوا في الأسلاك العسكريّة والأمنيّة؛ "في مقابل توظيف شباب في المؤسّسات الفنّيّة والثّقافيّة لا يملكون مؤهلًا ما عدا العضلات المفتولة؛ فلا نحن استفدنا من الفنّان صاحب المواهب ولا من الشابّ صاحب العضلات لأنّ كلّ واحد منهما توجّه إلى غير حقله!". يسأل: "متى نتفطّن إلى خطورة هذه الفوضى، ونضع حدًّا لها، حتّى نستفيد من طاقاتنا المختلفة في المجالات كلّها؟".
من جهته، طرح أستاذ المعهد العالي لفنون ومهن العرض والسّمعيّ البصريّ حبيب بوخليفة جملة من الأسئلة دفعةً واحدةً: "كيف لقسنطينة تلك المدينة الدّافئة والمتميّزة بعبقها التّاريخيّ الجميل أن تترك ابنهاالفنّان الملتزم بالجمال والطّيبة في هذه الحالة؟ وكيف لوزارة الثقافة والفنون ألا تبالي بملفّه؟ وكيف لأهل المسرح في قسنطينة أن يهملوا مبدعًا متميّزًا هو أحسن بكثير ممّن هم منذ ثقل على المؤسّسة منذ سنين؟ كيف يحدث ذلك في بلد الغاز والبترول وكلّ الطّاقات والموارد؟ أليس هذا عبث بعينيه وبصورته البشعة؟ ماذا ينقص مسرح قسنطينة حتّى لا يوظّف أحد أبنائه المعطائين بشكل مستمر؟". وختم بالقول: "عار على الدّولة الجزائريّة أن يبقى أبناؤها المبدعون والوطنيّون من فنّانين ومثقّفين في هذه الحالة المزرية".
ظلّت حالة الفنّان وحيد عاشور تتكرّر دوريًّا في الجزائر؛ فبالموازاة معها ظهرت حالة الفنّان عيسى خليفي، بما يخلق حالة من التّضامن المؤقّت
ظلّت حالة الفنّان وحيد عاشور تتكرّر دوريًّا في الجزائر؛ فبالموازاة معها ظهرت حالة الفنّان عيسى خليفي، بما يخلق حالة من التّضامن المؤقّت، ثمّ يبقى الوضع على ما هو عليه، من غير أن يؤدّي ذلك التّضامن إلى فرض واقع بديل. فهل يحدث ذلك هذه المرّة؟
اقرأ/ي أيضًا: