لقي تصويت الجزائر لصالح ملف المغرب لاستضافة كأس العالم 2026، تقديرًا بالغًا من المغاربة، وعلى إثر ذلك برزت دعوات تطالب بفتح الحدود بين البلدين وتجاوز الخلافات السياسية، كبادرة حسن نية وعربون للأخوة التي تجمع الشعبين الشقيقين.
كان لتصويت الجزائر في صف ملف المغرب لاستضافة كأس العالم أثر إيجابي كبير على العلاقات المتشنجة بين البلدين
ورغم أن الرباط خسرت تنظيم كأس العالم 2026، بتصويت 65 مقابل 134 عضوًا لصالح الملف الثلاثي، المكون من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، فإنه كان لتصويت الجزائر في صف المغرب أثر إيجابي كبير على العلاقات المتشنجة بين البلدين، خاصة وأن دولًا عربية أخرى فضلت دعم الملف الأمريكي الشمالي وخانت ثقة المغرب، مثل السعودية، والإمارات، والكويت، والعراق، والأردن.
وقد عبّر ملك المغرب محمد السادس، في رسالة موجهة إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، عن "صادق الشكر والامتنان لتصويت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم للملف المغربي" واصفًا إياه بالنبيل، و"العاكس لعمق أواصر الأخوّة والتضامن، التي تجمع الشعبين الشقيقين".
ودعا العاهل المغربي إلى "تعزيز العلاقات الثنائية بين بلاده والجزائر في جميع الميادين والارتقاء بها إلى مستوى طموحات الشعبين لتحقيق المزيد من التقارب والوحدة والتكامل"، وهو ما قرأه مراقبون على أنه دعوة من الرباط لإذابة الجليد مع الجزائر، ودراسة فكرة فتح الحدود المغلقة بين البلدين بجدية.
اقرأ/ي أيضًا: لماذا صوتت السعودية للمرة الثانية ضد استضافة المغرب لكأس العالم؟
وبالفعل في اليوم الموالي توجّه النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، محمد أبودرار، بسؤال كتابي إلى رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، حول العلاقات الاقتصادية مع الجزائر، التي تضررت بفعل الحدود البرية المغلقة منذ 24 عامًا، داعيًا إلى "طرح مبادرات لتحسين العلاقات الثنائية مع الجارة الجزائر في الجانب الاقتصادي، كخطوة لفتح المجال أمام تذويب جليد باقي الخلافات السياسية بين البلدين".
من جانبها، ساندت الجزائر ترشح المغرب لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2026 منذ البداية، ومنحت صوتها لصالح الملف المغربي دون تردد. وقال الأمين العام للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، محمد ساعد، موضحًا خلفية هذا الدعم، إن "مبدأ حسن الجوار يحتم علينا الوقوف إلى جانب المغرب، الذي كان يملك فعلًا ملفًا قويًا، إلا أن حسابات المال حالت دون فوزه". كما رحب محمد ساعد بمبادرة الترشح بعرض ثلاثي، يضم المغرب والجزائر وتونس، لتنظيم مونديال 2030، مؤكدا أن "ملفًا مشتركًا سيكون أقوى وأوفر حظًا من ملف أحادي خصوصًا في ظل التقارب بين بلدان المنطقة، سواء على المستوى الجغرافي أو الثقافي أو غيرهما".
وكتبت صحيفة "الشروق" الجزائرية واسعة الانتشار حول الموضوع، قائلة "إن الموقف الجزائري في موقعة موسكو، لا شك خلف حالة من الانفراج في العلاقات المتأزمة دومًا بين الجارين الشقيقين"، مضيفة أن ما على الطرفين سوى أن يستغلا هذا المعطى المهم، في ترميم ما تبقى من العلاقات الثنائية، وذلك عبر التوجه إلى طرح القضايا التي لا تزال تسمم العلاقات الثنائية، وهو ما يتطلب إرادة سياسية فولاذية من قيادة البلدين.
أما على المستوى الشعبي فقد كان التقارب أكبر، حيث بادل المغاربة الشكر والعرفان أشقاءهم الجزائريين، نظير تصويتهم على الملف المغربي، وتشجيع "أسود الأطلس" في المونديال الجاري حاليًا في روسيا.
فيما غصت وسائل التواصل الاجتماعي بالمنشورات التي تعبر عن الأخوية بين الشعب المغربي والجزائري، ودشن نشطاء حملة تطالب بضرورة "تجاوز الخلافات الثنائية وفتح الحدود"، من خلال هاشتاغ #متصالحين و#فتحو_الحدود، وهي الخطوة التي لاقت قبولًا واسعًا لدى الرأي العام المغاربي.
ومنذ سنة 1994 والحدود مغلقة بين البلدين الشقيقين، حيث باءت كل محاولات الصلح بالفشل، نظرًا لتجذر الأسباب المحركة للصراع وتبطنها، والتي تؤدي إلى توليد أسباب أخرى للنزاع بدورها، مما يدخل البلدين في حلقة مستمرة من العداء، على الأقل على المستوى السياسي. وكانت آخر هذه الحلقات اتهام الرباط الجزائر بمساعدة إيرانيين وعناصر من حزب الله في زعزعة استقرار المغرب، الأمر الذي نفته الجزائر.
وأتت موقعة تصويت الجزائر لصالح الملف المغربي لاستضافة كأس العالم 2026، لتحدث انفراجًا سياسيًا ربما يبشر بتصالح العلاقات الثنائية، وربما تكون كرة القدم مفتاح الحدود التي طال أمد إغلاقها بين البلدين الشقيقين.
اقرأ/ي أيضًا:
كأس العالم لكرة القدم.. أهم الحقائق والأرقام في تاريخ البطولة