22-أبريل-2024
برج موسى

برج موسى في بجاية (الصورة: الترا جزائر)

خلال زيارتها إلى ولاية بجاية نهاية الأسبوع، أسدت وزيرة الثقافة الجزائرية صورية مولوجي تعليمات للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية بتحويل الممتلكات الموجود به بعد عملية الجرد للانطلاق مباشرة في عمليات ترميمه،الأمر يتعلق ببرج موسى أو متحف موسى أحد أبرز المعالم الأثرية التي يروي تاريخ بجاية العريق.

بحسب باحثين في التاريخ شيد برج موسى خلال فترة الاحتلال الإسباني، حيث استعمله الإسبان جدارا دفاعيا ليحتموا من أساطيل المسلمين وسكان المنطقة الذين يشنون هجومات ضدهم دفاعا عن أرضهم وكرامتهم وهويتهم.

برج موسى الضارب في جذور التاريخ عبارة عن متحف تابع للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية، استفاد في إطار البرنامج الخاص بأضرار الزلزال، من تسجيل عملية تخص دراسة وترميم برخصة برنامج تقدر بـ 145 مليون دينار، أين تمّ الانطلاق في عملية الدراسة بتاريخ 24/09/2023، والتي دخلت المرحلة الثالثة. بحسب بيان وزارة الثقافة.

متى شيد برج موسى؟

وبحسب باحثين في التاريخ شيد برج موسى خلال فترة الاحتلال الإسباني، حيث استعمله الإسبان جدارا دفاعيا ليحتموا من أساطيل المسلمين وسكان المنطقة الذين يشنون هجومات ضدهم دفاعا عن أرضهم وكرامتهم وهويتهم.

برج موسى

وورد في مقال بحثي للدكتورة عائشة حنفي من معهد الآثار بجامعة الجزائر تحت عنوان "محاولة حفظ وصيانة برج موسى بمدينة بجاية" أنّ هذا المعلم يحتل موقعا هاما بالمدينة ولا يزال يحافظ على معماره الأوّل، وهو عبارة عن عمارة دفاعية بالدرجة الأولى بناه الإسبان، من أجل الاحتماء من هجمات الأهالي وأساطيل البحرية الجزائرية من البحر، وبالتالي أدّى دورا دفاعيا هاما في تلك الحقبة واليوم يلعب دورا سياحيا.

وتشير الباحثة حنفي في بحثها المنشور بمجلة العلوم الإنسانية الدورية التي تصدرها جامعة وهران "1" إلى أنّه "في سنة 1510 استولى على المدينة الجنرال الإسباني دير ودي نافارو وأصبحت بجاية تحت السيطرة الإسبانية، ما ألحق بها دمارا كبيرا شمل مختلف المباني التي شيدت في عصر الدولة الحمادية، حيث تم تحويل المباني إلى حصون من بينها البرج الإمبراطوري (برج موسى) الذي حل محل قصر الكوكب البديع، لكن لم يدم الاحتلال الاسباني ببجاية طويلا فبعد 25 سنة استسلم القائد الإسباني دون برالتا لصالح باي باشا الجزائر في شهر سبتمبر 1555م، وصارت بجاية بيد باشا الجزائر.

سرّ التسمية؟

وعلى ضوء هذه المعطيات التاريخية التي وردت في مقال الباحثة حنفي فإن "برج موسى دفاعي بالدرجة الأولى، مبني بالآجر والحجر وتقدر مساحته بـ1442 متر مربع، وارتفاعه يبلغ 14.49 مترا، في حين تحيط به أسوار ضخمة وسمكها يبلغ مترين، وجرى تشييد البرج على أنقاض قصر "النجمة" الموروث عن الفترة الحمّادية (1088 م-1105م).

برج موسى

يقع برج موسى فوق هضبة مرتفعة تتوسط الجهة العليا للمدينة ويحده من الشمال شارع المجاهد وجنوبا شارع بلحوسين، بينما يحده شرقا شارع تواتي مراد وغربا تحده ممتلكات خاصة.

والتضاريس التي بني عليها هذا البرج شبه جبلية، حيث ينحدر أسفل جبل قوريا المعروف، بينما يحاذي البحر من الجهة الجنوبية.

 كان برج موسى يطلق عليه اسم "قصر الإمبراطور"، لكن حمل تسميته "برج موسى" وهي التي ظلت إلى اليوم بعد مجيء العثمانيين الذي أطلقوا عليه هذا الاسم، تكريما إلى 7 محاربين أحدهم يسمى موسى، حيث قام رفقة رفاقه الستة باقتحام هذا الحصن ومواجهة الجنود الإسبان، لكن لم يتمكنوا من النجاة. وفق ما ورد في البحث. وبعد طرد الإسبان، عمل الأتراك على إصلاحه وتخذوه حصنا دفاعيا يحمي مدينة بجاية من حملات الغزاة.

من ثكنة عسكرية إلى متحف يضم أشهر المتقنيات

وفي 1830 تمكنّ الفرنسيون من الاستيلاء عليه خلال احتلالهم للجزائر وتحويله إلى ثكنة عسكرية، وأسموه "برال"  وهو جنرال فرنسي قتل على مقربة من البرج، ودفن فيه، قبل أن يتم ينقل جثمانه إلى فرنسا، أمّا بعد الاستقلال (1962)، مكث فيه جيش التحرير الجزائري لفترة، قبل أن يغادره ويبقى منذ ذلك التاريخ مكانا مهجورا ومهملا لفترة أخرى، إلى أن ردّ إليه الاعتبار وحولته السلطات إلى متحف جهوي في نوفمبر 1989 وجرى افتتاحه تزامنا والاحتفال بذكرى الثورة التحريرية (1 نوفمبر 1989-1 نوفمبر 1954).

برج موسى

وأوردت الباحث صبرينة مازري في مذكرة لنيل شهادة الماجيستير في المتاحف عن جامعة الجزائر2 أنّ "هذا الموقع الاستراتيجي كان عامل جذب ومهم لكل الحقبات الاستعمارية التي تعاقبت على احتلال بجاية منذ الفترة الرومانية إلى غاية الاستعمار الفرنسي، مما جعله يحتل مكان هاما في تاريخ المدينة.

ووفق الباحثة "برج موسى المبني الذي بني على أنقاض قصر الكوكب، يضاف إلى جمال قصورها التي ضربت بها الأمثال وأصبحت مادة يتغنى بها الشعراء كقصر اللؤلؤة وأميمون، ويعتبر من بين الأبراج العتيقة والمعالم الأثرية التي تحمل دلائل عن عظمة تاريخ المدينة."

تصميم البرج

وتحدث بحث المذكرة عن تصميم برج موسى بالتفاصيل وجاء فيها أنّه  "مربع الشكل، ينتهي على جانبيه بجناحين من الناحية الشرقية والغربية، قام بتخطيطه المعماري ليبرانو، ومنح تصميما في شكل بناية ضخمة جدرانها مائلة وسميكة يصل ارتفاعها 011 قدم، وسمكها 53 قدم، مع 12 خاصة بالمدفعية، ويكون طابقها الأرضي من 3 عقود كبيرة، يصل ارتفاعها إلى 9 أمتار وعرضها 6 أمتار، ويتراوح سمك جدرانها حوالي 6 أمتار.

برج موسى

ويتشكل الطابق الأرضي مخزنا للسوائل، وينقسم إلى 3 أقسام: المدخل و3 أروقة تشكل دعامة للسقف والثاني والثالث عبارة عن مثلثين متطابقين، إضافة إلى قاعة كبيرة بها 10 فتحات للإضاءة والتهوية، إضافة إلى مدخل رئيسي.

ويحتوي الطابق الثاني على 5 غرف بالجهة الجنوبية مخصصة للحراس، تغطي سقف المدخل والقبو، كما أنه يغطي البناء الأول والثاني للطابق الأرضي، كما توجد بالمثلث الشمالي الشرقي فتحة للتهوية بالوسط مدعمة بأسوار سطحية للمراقبة، والجدار الشمالي دعم بثالث فتحات للمدفعية، أما بالنسبة للمثلث الغربي فهو تدعيم للطابق الثالث الذي يحتوي على السلم الرئيسي الذي يربط بين الطابقين الأرضي والعلوي، بينما الثالث يضم 3 غرف مماثلة للطابق الثاني، كما نجد فتحة للتهوية أو ما يسمى ببئر الإضاءة، أما المثلثين الشرقي والغربي المخصصين للمراقبة والحراسة فيحتويان على 6 فتحات للمراقبة، إضافة إلى احتواء القصر على نفق.

برج موسى

وبعد تحويله إلى متحف تم نقل إليه مجموعة من المقتنيات لمتحفية مثل تحف خاصة بالصناعة الحرفية بمنطقة القبائل، أسلحة وأوراق نقدية تعود للحقبة الاستعمارية الفرنسية، لوحات فنية يعود تاريخها إلى القرنين 18 و19، كلوحات إيميل أوبري، قطع رومانية.