ردًا على الجدل الذي أثير حول إمكانية مراجعة منظومة التقاعد، دعت النقابة الوطنية المستقلّة لمستخدمي الإدارة العمومية "سناباب"، إلى إعادة النظر في قانون التقاعد الحالي، والعودة إلى نظام استفادة العامل من التقاعد بعد 32 سنة من الخدمة، مطالبة بـرفع التجميد عن التشغيل في قطاع الوظيفة العمومية.
نور الدين بودربة: "الأموال الموجّهة إلى صندوق البطّالين يتمّ توجيهها إلى الخواص"
وانتهى اجتماع الأمانة الوطنية لنقابة "سناباب"، الذي انعقد الثلاثاء 8 تشرين الأوّل/أكتوبر، إلى المطالبة بـ"إعادة النظر في قانون التقاعد الذي لا يخدم سياسية التشغيل بالجزائر، ولا يساعد على امتصاص البطالة"، حيث يزيد ويكرّس استمرار العامل في منصبه بعد سن الـ 60، في مُقابل ارتفاع نسب البطالة بين الشباب، داعيةً إلى "العودة إلى أحقيّة العامل في الاستفادة من التقاعد بعد 32 سنة خدمة فعلية".
اقرأ/ي أيضًا: بسبب قانون التقاعد..نقابات جزائرية تصعد بالإضراب
كما طالبت الشبكة النقابية الحكومة برفع قيمة النقطة الاستدلالية من 45 إلى 80 دينار جزائري كحدٍ أدنى، ورفع الحدّ الأدنى المضمون للراتب من 18 ألف إلى 35 ألف دينار، مع احتساب الضريبة على الدخل، على أساس الأجر الأدنى المضمون المقدّر 18.000 دج عوض القديم (15.000 دج)، مع تحيين المنحة الجغرافية لكافة عمال الجنوب دون إقصاء أو مفاضلة بين القطاعات، بالإضافة إلى رفع التجميد عن التشغيل بقطاع الوظيفة العمومية.
وعن تمويل الصندوق الوطني للتقاعد، أبرزت النقابة أنها تقدّمت بعدة اقتراحات، منها "تخصيص 0.5 في المائة المقتطعة لفائدة الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية، وصبّها في صندوق التقاعد، مع رفع المنح العائلية إلى 1500 دينار، كحد أدنى عن كل طفل وكذا منحة المرأة الماكثة بالبيت إلى 3000 دينار.
خلل في المنظومة
يختلف النقابي نور الدين بودربة، في هذه النقطة، مع تكتّل نقابات "سناباب"، مطالبًا باقتطاع 0.5 في المائة من الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة "كناك"، وليس من الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية. إذ "يوجّه ما يقارب 42 مليار دينار في السنة لاشتراكات العمال، ولكن لا أحد يستفيد من هذه المنحة".
كما تابع بودربة: "الأموال الموجّهة إلى صندوق البطّالين يتمّ توجيهها إلى الخواص، من أجل دفع اشتراكات وتربّصات منخرطيه"، معتبرًا أنّ القاعدة أصبحت عكسية في هذه الحالة.
وعن نفقات تسيير صناديق الضمان الاجتماعي، أكّد المتحدّث "في حال اعتماد سياسة اقتصادية رشيدة، فإنّه يُمكننا دفع 150 ألف منحة سنويًا خاصّة بالتقاعد".
وطالب الخبير الاجتماعي نور الدين بودربة، بضرورة التخلّي عن لعب دور "المُحَاسب"، والذهاب إلى سياسة واضحة وشفافة التسيير في الصناديق الاجتماعية، سيما وأن الأخيرة تعتمد مجالس إدارة تتستّر على التقرير المالي والعمّال لا يعرفون التفاصيل، رغم فرض قوانين تُطالب بالجهر بحساباتهم، على حدّ قوله.
وذكّر النقابي في حديثه إلى "الترا جزائر" أنّ "الوزير الأسبق للعمل والضمان الاجتماعي محمد الغازي في سنة 2016، وعد في مجلس الأمّة بأنه بعد إلغاء التقاعد النسبي، سيتمّ التخلّص نهائيًا من الاختلالات التي يعرفها صندوق التقاعد، لكن الحقيقة كانت العكس، والسبب يعود إلى الدراسات السطحية وغياب البصيرة الحكومية في معالجة المشاكل الاجتماعية الحقيقية".
كما دعا المتحدّث، إلى اعتماد استراتيجية لتجنيد التمويل للسماح بتمويل صندوقي الضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد دون اللجوء إلى الخزينة العمومية، مشيرًا إلى أن "صندوق الضمان الاجتماعي يصرف نفقات ذات طابع تساهمي وضمان اجتماعي على عاتقه، في حين هناك جزءٌ كبير منها يقع على عاتق الدولة، وهو ما يعزّز هذا الخلل في المنظومة".
تمييز اجتماعي
كما عاد النقابي نور الدين بودربة في حديثه عن مراجعة قانون التقاعد، إلى الصندوق الوطني لتقاعد إطارات الدولة واصِفًا إياه بـ "الظالم"، كون برنامج إعادة النظر في المنظومة يستثنيه في كل مرّة، مردفًا "مراجعة القانون ستمسّ بدرجة مباشرة الطبقة الشغيلة في القطاع العمومي دون الإطارات السامية للدولة، الذين يستفيدون من التقاعد بعد 20 سنة، ويستفيدون من معاشات تساوي 100 في المائة من الأجر، عكس الصندوق الوطني للتقاعد الخاصّ بالموظفين العاديين، والذي يمنح 80 في المائة أو أقلّ حسب طبيعة التقاعد".
من جانبه يرى، كمال سي محمد، الخبير الاقتصادي أنه: "حان وقت إعادة النظر في صندوق إطارات الدولة، الذي أثقل كاهل الخزينة العمومية، خاصّة وأنه من غير المعقول أن يتحصّل وزير أو أيّ إطار في الدولة على تقاعده الكامل، لمجرّد تحويله إلى مهام أخرى، أو انتهاء وزارته وشطبها من حقائب الحكومة، بينما الموظف العادي الذي يدفع اشتراكات شهرية يجد صعوبات حتّى في خروجه للتقاعد".
كمال سي محمد : "صندوق الإطارات السامية كرّس الظلم والتفاوت في حقوق المواطنة بين الموظف العادي وكوادر الدولة"
ودعا الخبير الاقتصادي، إلى ضرورة التعجيل بإصلاحات جذرية على صندوق الإطارات السامية، واصفًا صيغته بـ "تكريس الظلم والتفاوت في حقوق المواطنة بين الموظف العادي وكوادر الدولة".
اقرأ/ي أيضًا:
الرئيس الجزائري يفصل في قانون التقاعد
إلغاء التقاعد المبكر يقلق عمال الجزائر