06-مارس-2019

سحب الإشهار من قناة الشروق بسبب تغطيتها للحراك الشعبي (فيسبوك)

من القرارات التّي رفضت الحكومة في الجزائر أن تتخلّى عنها، تحرير سوق الإشهار والتراخيص من وصايتها المباشرة، حيث تُسيطر عليه كلّيةً من خلال "المؤسّسة الوطنيّة للنّشر والإشهار"، فلا يذهب منه شيء لمنبر إعلاميّ مستقلّ ورقيًّا كان أم سمعيًّا بصريًّا إلا بموافقتها، وهي الموافقة التّي لن تحصل إلا كان ذلك المنبر مرضيًّا عنه من طرف محيط الرّئيس عبد العزيز بوتفليقة.

سحبت الحكومة الجزائرية الإشهار من قناتين تلفزيونيتين هما "الشروق" و"البلاد" بسبب تغطيتهما التي رأت الحكومة أن فيها انحيازًا للحراك الشعبي

وأدّت هذه السّياسة إلى التّضييق على حرّية الصّحافة في الجزائر بطريقة غير مباشرة، فتوقّفت عدّة منابر بسبب الضّائقة الماليّة. كما أدت إلى تمييعها، حيث انتعشت منابر لا امتداد لها في سوق المبيعات أو المشاهدة، لكنّها تحظى بالاستمرار لموالاتها الحكومة وخياراتها.

اقرأ/ي أيضًا: عمال التلفزيون الجزائري ينتفضون.. منحازون للشعب والشارع

وفي ظلّ هذا الواقع، أعلنت قناتا "الشروق" و"البلاد"، اللّتين تمتلكان جريدتين ورقيّتين أيضًا، وتصنّفان ضمن القنوات التلفزيونية الأكثر مشاهدةً في الجزائر؛ أنّهما تلقّتا إشعارين بسحب الإشهار منهما، بعد نقلهما المباشر لتفاصيل الحراك الشّعبيّ في خرجته الثّانية مطلع آذار/مارس الجاري، بعد أن كان مطلوبًا منهما الاكتفاء بالإشارة إليه فقط، تماشيًا منهما مع الخيار الشّعبيّ القاضي برفض ولاية خامسة للرّئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذّي وصل إلى الحكم أول مرة عام 1999.

الشّعب يتعاطف ويستنكر

من أبرز الشّعارات المرفوعة في المسيرات الشّعبية، خلال الأسبوعين الماضيين، شعار "وينها الصّحافة؟"، في إشارة من المتظاهرين إلى تأخّر القنوات الخاصّة، التّي يتجاوز عددها 20 قناة، عن مواكبة حراكهم، خاصّة خلال الجمعة الأولى يوم 22 فبراير/شباط الماضي، بما وضع هذه القنوات في حرج شعبيّ وصل بمراسليها في الميدان إلى إخفاء هوّياتهم حتّى لا يتعرّضوا للتّعنيف.

ومن هنا، كان تفاعل الجزائريين مع سحب الحكومة للإشهار من قناتي البلاد والشّروق عكسيًّا، فعبّروا عن تعاطفهم معهما ومع عمّالهما المهدّدين في مستقبلهم المهني.

يقول النّاشط عقبة بوعافية، إنّ التحاق بعض القنوات الخاصّة بالحراك كان مكسبًا له ولمطالبه، "فأن تلتحق متأخّرًا بالمساعي النّبيلة أفضل من ألا تلتحق أصلًا. وقد رأى الجزائريّون في التعسّف الحكوميّ في حقّ القناتين تعسّفًا في حقّهم أنفسهم"، على حد تعبيره. 

وتساءل: "كيف يُريدنا محيط الرّئيس أن نصدّق وعوده، التّي وردت في رسالة الرّئيس، وهو لم يستطع أن يتعامل مع الإعلام بسعة صدر"؟

وعلقت الصحفية ليلى بوزيدي التي انسحبت من قناة العربية والتحقت بقناة ال في تدوينة على فيسبوك قائلة: "سلطة الريع توزع الإشهار الذي هو حق أي مؤسسة إعلامية للموالين، وتمنعه عن الذي لا يسير على خطاها".

فيما وصف الصحفي الجزائري وعضو البرلمان عن الحزب الحاكم نزيه برمضان، سحب الترخيص من القناتين بأنه "مساس بحق الشعب في التعبير وحقه في الحصول على المعلومة".

 

يُشار إلى أنّه سبق لقطاع واسع من صحفييّ القنوات الحكومية والمستقلّة، أن تظاهروا في ساحة حرّية الصّحافة بالجزائر العاصمة، مطالبين بتحرير المعلومة والمرافقة الإعلامية لتفاصيل الحراك الشّعبيّ السّلميّ. 

بعد ما حدث مع قناتي الشروق والبلاد، ظهرت دعوات لوقفة احتجاجية ثانية من قبل صحفيين وإعلاميين جزائريين

وبعد ما حدث مع قناتي الشروق والبلاد، ظهرت دعوات لوقفة ثانية لصحفيين وإعلامي القنوات التلفزيونية، على نفس المطالب، يضاف إليها عدم التهديد بسحب الإشهار والتراخيص.

 

اقرأ/ي أيضًا:

3 سيناريوهات جزائرية معلقة بين الشارع و"الدولة العميقة"

انسحابات جديدة من انتخابات بوتفليقة وبرلمانه وحزبه.. العزلة تتأكد