يرى حسني عبيدي، مدير مركز دراسات العالم العربي و أستاذ محاضر بجامعة جنيف، أن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الجزائر تأتي كمحصلة طبيعية لتتابع الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
الباحث يؤكد أن عدم مشاركة الكثير من الجزائريين في التصويت لا يعبر بالضرورة عن معارضة سياسية
ويؤكد الباحث في حديثه مع "الترا جزائر"، أن "هذه الانتخابات لم تساهم في ظهور تعبئة سياسية واسعة أو بناء فضاء إعلامي وسياسي غير مقيد"، وهو ما انعكس على الحملة الانتخابية التي وصفها بالضعيفة وعلى أداء المرشحين الذين لم يكونوا بمستوى التوقعات.
وفي اعتقاد عبيدي، فإن الحملة الانتخابية كانت باهتة إلى حد كبير، حيث قام الرئيس عبد المجيد تبون بأربعة تجمعات انتخابية فقط، وهو عدد قليل يعكس ضعف الحملة، خاصة في ظل غياب منافس جدي يمكن أن يشكل تحدياً حقيقياً له.
هذا الواقع، كما يوضح، دفع الناخب الجزائري إلى التساؤل عن جدوى التصويت، خاصة في ظل التوقعات التي كانت تشير جميعها إلى فوز الرئيس المدعوم من الإدارة.
ويشدد أستاذ العلوم السياسية، على أن عدم مشاركة الكثير من الجزائريين في التصويت لا يعبر بالضرورة عن معارضة سياسية، بل يكشف عن عدم اعترافهم باللعبة الانتخابية الحالية التي لم تعد تمثلهم.
وفي هذا السياق، يشير إلى أن الجزائر تشهد رفضاً لممارسة السياسة بشكلها الحالي، وليس انفصالاً عن السياسة بشكل عام، مستدلاً بالحراك الشعبي الذي أظهر مستوى عالياً من النضج السياسي لدى الجزائريين عندما أتيحت لهم الفرصة للتعبير عن آرائهم بحرية.
ومع أن الرئيس تبون سيتمكن من البقاء في منصبه رغم "النقص الواضح في التأييد الشعبي لبرنامجه"، يلفت عبيدي إلى "هذا البقاء مرهون بإعادة النظر بشكل كامل في مقاربة الحوكمة وإجراء تغييرات جوهرية في فريقه".
وفي رأي المحاضر فإن العزوف عن التصويت، المصحوب بعدم الثقة في السلطة، يبرز حدود السياسة التي يتبعها تبون، التي لم تنجح في إقناع الجميع، وهو ما انعكس أيضاً على الحكومة والبرلمان، حيث حمّل الناخبون الجميع مسؤولية الفشل المبرمج، وفق ما قال.
وفي هذا السياق، يشدد الباحث على أهمية رسالة الشباب، الذين يعبرون عن رفضهم للوضع السياسي الحالي من خلال مقاطعة الانتخابات، وهو ما يعيد إحياء روح الحراك على مستوى جديد، رغم غيابه عن الفضاء العام، لكنه يتجلى –حسبه- في "رفض الذهاب للتصويت كنوع من الاحتجاج السلمي والمدني".
ويخلص في استنتاجه إلى أن الرئيس تبون قد فاز في هذه الانتخابات، لكن هذا الانتصار يحمل في طياته تحذيراً واضحاً. فقد خرج تبون من هذا الاقتراع في "موقف ضعيف"، حيث "لم ينجح في طي صفحة رئيس سابق لم ينتخب بشكل جيد".
وكان رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، قد أعلن حصول المترشح الحر عبد المجيد تبون، على 5 ملايين و 329 ألف و253، ما يمثل نسبة 94.65 بالمائة، في وقت لم تتعد نسبة التصويت وفق التقديرات الحسابية 25 بالمائة، في انتظار تأكيد ذلك من سلطة الانتخابات التي لم تصرّح بها لحد الآن.