19-أغسطس-2021

شركة إنتاج الأكسيجين بولاية البليدة (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

تتوالى في الجزائر الأخبار المحزنة المتعلقة بوفاة مصابين بفيروس كورونا جراء توقف تزويدهم بمادة الأوكسجين في المستشفيات، وذلك رغم الكميات الهائلة التي تقول الحكومة إنها وفرتها لمواجهة الموجة الثالثة من الوباء التي تضرب البلاد، وكذا بالرغم من تمكن العمليات التضامنية التي أطلقت في البلاد وخارجها من توفير أجهزة مكثفات الأوكسجين بأعداد مقبولة قد تغطي عدد الإصابات بكوفيد-19 المسجل في الجزائر.

في ظلّ استمرار أزمة الأوكسجين رغم كل ما يبذل من جهد لتوفيرها بكميات كبيرة، تتبادر تساؤلات إن كانت هذه الأزمة مفتعلة أم أن هناك توجيه لهذه المادة لأغراض أخرى؟

اقرأ/ي أيضًا: معركة الأكسيجين.. فصلٌ آخر من تضامن الجزائريين ضدّ الوباء

مشاهد صادمة

تطلعنا مواقع التواصل الاجتماعي يوميًَا عن حالات مأساوية لمرضى "كوفيد-19"، في عدة ولايات من الجزائر، بدءًا من مغنية بولاية تلمسان أقصى غرب الجزائر إلى عنابة شرق البلاد، تتعلق باستنجاد عائلات المرضى بالسلطات وبكل من إمكانه توفير الأوكسجين للمصابين فإنقاذ ذويهم من الموت.

 

ونقل ناشطون فيديوهات لاستغاثة عائلات، لإنقاذ ذويهم، أو لفجعهم بوفاة أقاربهم جراء نفاد الأوكسجين بالمؤسسات الاستشفائية التي كانوا يرقدون بها.

ورغم أن إصدار الحصيلة اليومية للوفيات بفيروس كورونا من مسؤولية اللجنة الوطنيو لمتابعة ورصد فيروس كورونا، إلا أن ناشطين كانوا يعلنون عن وفيات بالجملة تعدت في بعض الحالات عشرة أفراد في المستشفى الواحد جراء نفاد الأوكسجين.

وكانت هذه المشاهد تمتزج فيها أجواء الحزن والبكاء بصرخات الاستهجان والاحتقان من تأخر السلطات العمومية في توفير العلاج لذويهم الذي هو حق يوجبه الدستور على السلطة تجاه مواطنيها.

جهود بالجملة

في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ 25 تموز/جويلية الماضي، أمر الرئيس تبون بـ "تحسين تسيير مخزون وإنتاج الأكسجين والتحلي بالهدوء وعدم الارتباك خلال عمليات التوزيع والاستعمال، خلال الإقبال العالي للمرضى على المصالح الاستشفائية، خاصة وأن طاقة استيعاب المرضى لم تتجاوز 56 بالمائة".

 وأعلن تبون وقتها بـ"إطلاق عملية كبرى فورا لصيانة وتجديد منشآت وأجهزة التموين بالأكسجين بالمؤسسات الاستشفائية، واقتناء وحدات إنتاج متنقلة للأكسجين فورًا دعمًا للمستشفيات الكبرى لتوفير هذه المادة الحيوية، مما سيساعدها على الإنتاج الذاتي مما تحتاجه من أكسجين".

وقال الرئيس وقتئذٍ إن الدفعة الأولى من مكثفات الأكسجين للاستعمال الفردي ستصل في ذلك اليوم 25 تموز/جويلية، والمقدرة بـ 1050 وحدة، على أن تصل إلى 9 آلاف وحدة تدريجيًا في غضون أسبوعين، أي على أكثر تقدير الأحد الماضي.

ورغم كل هذه الجهود والأرقام، إلا أن الأوضاع بالمستشفيات مازالت تسجّل نقصًا في هذه المادة الحيوية، وهو ما جعل ملف توفير الأوكسجين يكون ضمن أجندة اجتماع المجلس الأعلى للأمن  المنعقد الأربعاء برئاسة الرئيس تبون، الذي أمر بسريع الإجراءات لمواصلة اقتناء مكثفات جديدة للأكسجين.

وكان الرئيس أعلن عن وصول 3 آلاف وحدة من مكثفات الاوكسجين، مع تسلم دفعة مماثلة في نهاية الأسبوع، داعيا إلى "وضع محطات لإنتاج الأكسجين داخل المستشفيات لتلبية الطلب الذاتي لهذه المادة الحيوية في أقرب وقت ممكن".

من جهته، أعلن وزير الصناعة أحمد زغدار دخول مشاريع لإنتاج وتعبئة الأكسجين الطبي حيز الخدمة بدءا من الأسبوع القادم في أنحاء مختلفة من الوطن، مها مشروع مركب "ريان أوكس" ببطيوة بوهران الذي تقدر طاقة إنتاجه تقدر ب 100 ألف لتر يوميًا.

ويضاف إلى هذا عديد الكميات والأجهزة التي تبرعت بها جمعيات خيرية كجمعية العلماء المسلمين، والأطباء الجزائريون المقيمين في المهجر، وغيرها من منظمات المجتمع المدني من الجالية الجزائرية.

ورغم كل هذا يبقى مشكل نفاد الأوكسجين يتكرّر يوميًا في عديد المستشفيات وفي مختلف الولايات، ووتواصل معه صرخات المواطنين المفجوعين بوفاة ذويهم.

تفسيرات مختلفة

بالنسبة لوزير الصحة عبد الرحمان بن بوزيد، فإن الجزائر لا تعاني أزمة أكسيجين، إنما كل ما في الأمر أن كثرة الطلب على هذه المادة بسبب الانتشار السريع للسلالة المتحورة دلتا أحدث بعض التذبذب".

غير أن عديد المواطنين والأطباء يؤكدون أن الجزائر تسجل بالفعل نقصا فادحا في تزويد المستشفيات بمادة الأوكسجين، ما أدى إلى وفاة بعض المرضى بسبب عدم توفر هذه المادة.

وأدى هذا الوضع إلى حدوث مضاربة في أسعار قارورات الأوكسجين، صاحبه سوء توزيع، وفوضى في توصيله وتحويله إلى وجهات أخرى، وهو ما جعل البعض يعترضون إحدى شاحناته بولاية سيدي بلعباس، لتتم محاكمته بعدها من قبل القضاء.

وبالنسبة لرئيسة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية سعيدة نغزة، فإن أزمة الأوكسجين تقف وراءها العصابة لإحداث "أزمة الموت"، كما كانت سابقا وراء أزمة السكر.

وحمّلت سعيدة نغزة مسؤولي قطاع الصحة مسؤولية ما آلت إليه الأمور.

غير أن الخبير في علم الأوبئة عبد الرزاق بوعمرة يرجع استمرار أزمة الأوكسجين إلى التهويل الذي حدث بشأن الحالة الوبائية الجديدة بالجزائر، وإلى بعض الاعتقادات الخاطئة بشأن علاج الإصابة بكورونا. وقال بوعمرة إن "هناك اعتقادا خاطئًا بأن الأوكسجين هو الدواء بالنسبة للمصاب بكورونا بينما ليس الحال كذلك بالنسبة لجميع المرضى".

عبد الرزاق بوعمرة: هناك اعتقاد خاطئ بأن الأوكسجين هو الدواء بالنسبة للمصاب بكورونا بينما ليس الحال كذلك بالنسبة لجميع المرضى

ومهما اختلفت أسباب استمرار أزمة الأوكسجين بمستشفيات الجزائر، فإن الحقيقة المؤكدة هي أن عديد المرضى قد يفقدون حياتهم هم أيضا في حال استمرار هذا الوضع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مختصون يقدّمون 3 فرضيات حول عدم تعرض الأطفال لمضاعفات "كوفيد-19"

تعليق أداء صلاة الجمعة بجميع مساجد ولاية سعيدة