13-أكتوبر-2021

روبير مينار، عمدة بلدية بيزييه الفرنسية (Getty)

فريق التحرير - الترا جزائر

قد لا يوجد في فرنسا كلها، شخص بمواصفات روبير مينار، رئيس بلدية بيزييه جنوب بلاده، في قدرته على التحول من النقيض إلى النقيض، والدفاع بصوت عال في كل مرة عن أفكاره التي تلامس حدود العنصرية وكراهية الأجانب في تطرفها.

بدأ مينار المولود بوهران غربي الجزائر حياته كطفل بصدمة قوية بعد أن أُجبرت عائلته الكاثوليكية المحافظة على مغادرة الجزائر 

بدأ مينار المولود بوهران غربي الجزائر، حياته كطفل، بصدمة قوية بعد أن أجبرت عائلته الكاثوليكية المحافظة، على مغادرة الجزائر التي استوطنتها منذ سنة 1850، وهو في التاسعة من عمره.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائريات كنّ "مثيرات" قبل الحجاب.. فرنسي يميني متطرف يثير الجدل

سيحمل هذا الطفل جينات  حقدٍ دفين ضد الجزائريين الذين كانوا يناضلون من أجل تحرير بلدهم، متأثرًا بوالده الذي كان استعماريًا متطرفًا وانضم إلى منظمة الجيش السري الإرهابية، التي ارتكبت العديد من المجازر في حق الجزائريين قبيل استقلال الجزائر سنة 1962.

استقرّت عائلة روبير بعد أن غادرت الجزائر في جنوب فرنسا، وبالضبط في مدينة بيزييه التي أصبح اليوم رئيس بلديتها، وكان طموحه أن يصبح راهبًا لكن أمه رفضت الفكرة، وبعد أن أكمل دراسته الثانوية، اختار دراسة الفلسفة بجامعة مونبولييه، ليحصل منها على دبلوم في الدراسات الجامعية.

ظهرت على مينار، ميول يسارية في بداياته الأولى وتحرك قلبه باتجاه التروتسكية التي كانت أفكارها مهيمنة سنوات الستينات، وكان من الذين تأثروا بحركة أيّار/ماي 1968 التي ظهرت فيها الأفكار التحررية الرافضة لنمط المجتمع القديم القائم على الذكورية وتقديس العائلة والزواج، والحضور القوي للكنيسة في المجتمع بعد أن ابتعدت عن السياسة.

اختار مينار الصحافة كمهنة يدافع من خلالها عن أفكاره، ثم سرعان ما قرّر مع مجموعة من رفاقه تأسيس منظمة "مراسلون بلا حدود" التي تعنى بحرية الصحافة في العالم وتحولت إلى أهم مراجع تصنيف الدول في هذا المجال.

وللمفارقة، خلال الفترة التي قضاها على رأس "مراسلون بلا حدود"، لاحظ رفاقه أنه بدأ يبتعد عن أفكاره اليسارية وينحرف أكثر فأكثر إلى اليمين، إلى أن اقترب من أقصى اليمين الفرنسي في بداية سنوات الألفين.

ويعترف مينار عند سؤاله عن سبب هذا التحول، بأن كان يشعر في دواخله دائمًا بأنه يميني، رغم مظهره اليساري، مشيرًا إلى أنه مع الوقت أصبح ناضجًا وقادرًا على التعبير عن أفكاره.

وكشأن اليمين المتطرف في فرنسا، أصبح خطاب مينار يدور في حلقة انتقاد الإسلام وسلوك العرب والمسلمين في بلاده، ثم محاربة وجودهم على الأرض الفرنسية.

وانتقل هذا السياسي، مثلًا من رفض حظر الحجاب في المدرسة الفرنسية إلى تأييد ذلك، بحجّة أن الحجاب ليس مجرد لباس بل طريقة لفرض الإسلام في المجتمع الفرنسي.

كما أدت لقاءاته مع المفكر رونو كامو، صاحب مفهوم "الإحلال الأكبر"، أي تحول فرنسا إلى أغلبية مسلمة، إلى الاعتقاد فعلًا بأن ثمة مؤامرة تستهدف بلاده من المسلمين.

يؤدي مينار اليوم دورًا في محاولة إنجاح تيار اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة

ويؤدي مينار اليوم دورًا في محاولة إنجاح تيار اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، باعتباره يمتلك صداقة قوية مع مارين لوبان زعيمة التجمع الوطني وإيريك زمور المرشح المحتمل لهذه الانتخابات، وهما الأكثر حظًا لمنافسة ماكرون حسب استطلاعات الرأي في الدور الثاني من هذه الانتخابات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمين المتطرّف الفرنسي ينبش في "أحداث وهران 1962 "

اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري.. اليمين المتطرف يتطاول على الجزائر