يتفاعل الجزائريون بوجع وحماس كبيرين مع ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، للتأكيد على موقفهم الثابت الداعم لقضية المسلمين والعرب الأولى، آملين أن تستطيع الدول العربية الخروج من جلباب الخنوع والمذلة وتتخذ موقفًا ينهي الاعتداء الإسرائيلي على الأرض المحتلة.
كانت الجزائر من البلدان القليلة التي أعلنت رسميًا رفضها وعدم مباركتها لـ" هرولة التطبيع العربية"
وإذا كانت مختلف القضايا الداخلية والخارجية محلّ خلاف وتباين في وجهات نظر الجزائريين، فإن فلسطين شكّلت على الدوام قضية الإجماع الدائم التي تستحق الدعم والسند دون أيّ شروط وتلكّؤ أو البحث عن مبرّرات، ويمتدّ ذلك إلى معادات كلّ من يقف ضدّها.
اقرأ/ي أيضًا: تحرّك جزائري لاستدعاء مجلس الأمن من أجل فلسطين
حملات شعبية
على مواقع التواصل الاجتماعي، ظلّت التغريدات المتعلّقة بدعم القضية الفلسطينية تتصدر ترند الجزائر، والأكثر تداولًا على فايسبوك، وانستغرام، وكانت وسوم #فلسطين_حرة، ولا_لليهود_الخونة و#فلسطين_قضيتي و#القدس_تنتفض و#غزة_تحت_القصف، و #انقذوا_حي_الشيخ_جراح وغيرها من العبارات الداعمة للقضية الفلسطينية، تشكّل أهم مضامين تغريدات الجزائريين التي دعّمت صمود الفلسطينيين رغم قلة الإمكانات في وجه آلة الاحتلال الإسرائيلي.
ونقل الجزائريون صورًا وفيديوهات لوقفات التضامن التي شهدتها عدة ولايات من الجزائر منذ بداية القصف الإسرائيلي على الأراضي المحتلة، منها على سبيل المثال وقفة التضامن التي قام به طلبة جامعة باب الزوار بالعاصمة.
وبدورهم، نظم محامون عبر المؤسّسات القضائية في عدة ولايات وقفات احتجاجية منددة بانتهاك الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
رياضيون وسياسيون
لم تتوقّف المؤازرة الجزائرية لفلسطين عند المستوى الشعبي فقط، إنما أيضًا كان الدعم من قبل مشاهير الكرة، وفي مقدمتهم نجم المنتخب الجزائري الأول رياض محرز الذي كان من السباقين للداعين عبر حسابه في فيسبوك لإنقاذ حي الشيخ جراح ودعم القضية الفلسطينية، وهو ما جعل المغردين يلفقونه بـ"فخر العرب الحقيقي"، بعد تأخّر بعض النجوم العرب ومنهم المصري محمد صلاح في التصريح بدعمه للقضية الفلسطينية، تلاها احتفاله بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز برفع العلم الفلسطيني.
واختار محرز رفع العلم الفلسطيني في وسط ملعب الاتحاد وأمام الجماهير، التي حضرت للاحتفال بتتويج النادي السماوي بالدوري للمرّة السابعة في تاريخه.
كما عبر نجم أسي ميلان إسماعيل بن ناصر هو الآخر عن دعمه للمقاومة الفلسطينية ،حيث كتب على حسابه في فايسبوك قائلًا "صُدمت بصور العنف التي يتعرّض لها إخواننا وأخواتنا الفلسطينيين، علينا ألا ننساهم من صالح دعائنا".
وعلى المستوى السياسي، لم تتأخّر عدة أحزاب شخصيات سياسية ووطنية في إعلان موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، في مقدمتهم المجاهدة جميلة بوحيرد التي جاء في رسالتها الموجهة للفلسطينيين أن"المقاومة الفلسطينية أعادت الأمل بأن الأمّة العربية ما زالت حيّة وأن الاستعمار ليس قضاءً وقدرًا وإنما هو حالة استثنائية ومؤقتة".
أما رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، فأوضح أن ما يحدث في الأراضي الفلسطينية جعل "المشروع التطبيعي الجديد في الإمارات والبحرين والمغرب يفتضح، وينكسر دعاة التخلي عن القضية الفلسطينية في كل البلدان أمام هذه الهبة الفلسطينية العظيمة التي بدأت في حي الشيخ جراح واتسعت لكل فلسطين مع أداء بطولي وفاعل للمقاومة انطلاقا من غزة".
وهاجم مقري من سماهم أصحاب "النفسيات المتصهينة بصواريخ غزة في مواجهة قوة سلاح المحتل"، مبينا أنه "هكذا كان الحركى والمنهزمون نفسيا حين كانوا يستهزئون بالثورة الجزائرية حين بدأت ببنادق الصيد والسلاح الأبيض ثم أصبحت تثخن في المحتل الفرنسي ومن ورائه الحلف الأطلسي حتى أخرجته. استقلت الجزائر وستستقل فلسطين."
موقف ثابت
لا تزال الجزائر حتى اليوم ثابتة على موقفها الأبدي الداعم لفلسطين، رغم الضغوط الدولية والإقليمية عليها، فقد كانت من البلدان القليلة التي أعلنت رسميًا رفضها وعدم مباركتها لـ" هرولة التطبيع العربية" مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد وزير الخارجية صبري بوقدوم في كلمة له خلال أشغال الاجتماع الطارئ الافتراضي لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي" إدانة الجزائر القوية والصريحة للأعمال الهمجية التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني".
وجدد بوقدوم تمسك الجزائر بموقفها "المبدئي والثابت في دعم القضية الفلسطينية العادلة، ووقوفها مع الأشقاء الفلسطينيين في هذه الظروف العصيبة".
وقال رئيس الدبلوماسية الجزائرية "نؤكّد مرة أخرى أن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال قضيتنا المركزية. وبينما نصب اهتمامنا على أولويات المرحلة الحالية من ضرورة وقف العدوان الوحشي والتكفل السريع بالأزمة الإنسانية الكارثية التي خلفها، يجدر بنا أن لا ننسى أو نتناسى الأسباب الجذرية للصراع".
وبين بوقدوم أن "احتلال الأراضي الفلسطينية ومحاولات تكريس منطق القوة وسياسة الأمر الواقع على حساب الشعب الفلسطيني، هي الأسباب الرئيسية وراء معاناة الشعب الفلسطيني لأكثر من سبعة عقود".
لم تتوقّف المؤازرة الجزائرية لفلسطين عند المستوى الشعبي وامتدّت إلى مشاهير كرة القدم
وجاء في كلمة وزير الخارجية الجزائري أمام نظرائه من الدول المسلمة أن "قناعتنا راسخة بأنه لا يمكن تحقيق السلام دون اتخاذ المجتمع الدولي، ولاسيما مجلس الأمن، موقفًا حازمًا وشجاعًا لإعادة بعث مسار التسوية السياسية بما يمكن من إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، والسماح للشعب الفلسطيني بممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
اقرأ/ي أيضًا:
الجزائر تعزي الشعب الفلسطيني في وفاة صائب عريقات
السفير الفلسطيني: تطبيع بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني خيانة للقدس