07-أبريل-2019

رفع متظاهرو الحراك الشعبي لافتات تندد بتدخلات الإمارات (فيسبوك)

ألترا جزائر - فريق التحرير

حين عاد عبد العزيز بوتفليقة إلى الجزائر رئيسًا للجمهوريّة عام 1999، كان قد قضى 20 عامًا في أبوظبي بصفته مستشارًا للشّيخ زايد. إذ غادر الجزائر عام 1979 بعد فشله في أن يكون خليفة للرّئيس هوّاري بومدين، الذّي كان وزير خارجيّته و"ابنه المدلّل"، بسبب توجّس المؤسّسة العسكريّة منه، ففضّلت عليه عسكريًّا مغمورًا هو الشّاذلي بن جديد.

ظهر الانحياز الإماراتي لخيار بقاء بوتفليقة وإفشال الحراك الشعبي في تغطيات منابرها الإعلامية المعادية للديمقراطية أساسًا

مهّدت رئاسة بوتفليقة الطّريق للإمارات العربيّة المتّحدة لأن تفرض كثيرًا من مصالحها الاقتصاديّة في الجزائر، التّي بدأت تستعيد أمنها وتدخل في مرحلة بحبوحة ماليّة واضحة، بسبب ارتفاع أسعار النّفط. غير أنّها واجهت عراقيل جمّة بسبب النّفوذ الفرنسيّ في البلاد، فشرعت بعض شركاتها في مغادرة التراب الجزائري.

اقرأ/ي أيضًا: بعد تصويتهما ضدّ المغرب.. الجزائريون ساخطون على الإمارات والسّعودية

كان ذلك سببًا في فتور العلاقة بين أبو ظبي وبوتفليقة. ثمّ تعزّزت تلك البرودة أكثر، بعد رفضه مشاركة الجيش الجزائريّ في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن، إضافة لعدم تورط الجزائر حصار قطر.

غير أنّ أبوظبي نسيت ذلك كلّه، وانحازت إلى بوتفليقة بعد انطلاق الحراك الشّعبي ضده يوم 22 شباط/فبراير الفائت، لخوفها من نجاحه فيصبح نموذجًا للشّعوب العربية الأخرى، وهي التي دأبت على التدخل لإفشال منجزات الانتفاضات العربية.

علامات الانحياز

ظهر الانحياز الإمارتي لخيار بقاء بوتفليقة وإفشال الحراك الشعبي الذّي ظلّ مستمرًّا في تحقيق أهدافه من جمعة إلى أخرى؛ بمحاولة المنابر الإعلاميّة التّي تموّلها أبوظبي أو تمولها الرياض وتحتضنها، خاصة قناتي العربية وسكاي نيوز عربية، أن تشوّه سلميّة الحراك، بالادّعاء أنّ رجال الأمن اعتدوا على المتظاهرين أو العكس.

النّاشط إسماعيل مسيلي: لم تنزعج الإمارات فقط من إمكانية أن يطيح الحراك الشّعبيّ الجزائريّ بجهودها في إجهاض الثّورات العربيّة، بل أيضًا من حمل الجزائريّين للعلم الفلسطينيّ

تجلّى ذلك أكثر بعد الجمعة السّادسة إذ قالت قناة العربية في موقعها الإلكترونيّ إنّ مناوشات حادّة نشبت بين الشّرطة والمتظاهرين، مّا أثار حفيظة شباب الحراك. يقول الإعلاميّ تقي زيّان لـ"الترا جزائر"، إنّ "الأمر كان سيظهر معقولًا لو أنّه حدث فعلًا، فوظيفة الإعلام أصلًا نقل ما يحدث، أمّا أن يتمّ اختلاقه، فالنّيّة في ضرب أقوى ما يميّز الحراك وهو سلميته، كانت صارخة".

وواصلت المنابر الإماراتيّة تشويهها للحراك من خلال محاولة تشويه صورة رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح، بعد خروجه من دائرة بوتفليقة وانحيازه للخيار الشّعبيّ، بدعوته إلى تطبيق المادّة 102 الدّاعية إلى إعلان شغور منصب الرّئيس، ولم تعد تستضف من الجزائريّين إلا الذّين يعتبرون ما حدث "انقلابًا عسكريًّا"، حتّى يتمّ إحراج الجيش الجزائريّ من طرف المجتمع الدّولي.

بالموازاة، تحرّك خليفة حفتر، حليف الإمارات، باتجاه طرابلس، حتّى يكون قريبًا من الحدود الشّرقيّة للجزائر، فيزعج راحة مؤسّستها العسكريّة، في اللّحظة التّي تتفرّغ فيها للقضاء على فلول بوتفليقة، والتّمهيد لمرحلة انتقاليّة كما تريدها قوى الحراك.

سخط شعبي في المسيرات

لم تخفَ نوايا أبوظبي على شباب الحراك الشّعبيّ الجزائريّ، فظهر سخطهم عليها خلال المسيرات، التّي عرفتها الولايات الـ48، الجمعة الماضي، فساوو بينها وبين فرنسا ذات الإرث التاريخي الاستعماري السيء مع الجزائر، ورفعوا شعارات مناوئة لأبوظبي وداعية إلى قطع العلاقات معها، منها شعار "يا أصحاب القرارات قاطعوا الإمارات"، وشعار "لا للقنوات الفرنسيّة، لا للإمارات في أرض الشّهداء"، وشعار "احذروا فيروس الإمارات.. فإنّه مضرّ بالثّورات".

وفي حديث مع "الترا جزائر"، يقول النّاشط إسماعيل مسيلي، إنّ الإمارات "لم تنزعج فقط من إمكانية أن يطيح الحراك الشّعبيّ الجزائريّ بجهودها في إجهاض الثّورات العربيّة، بل أيضًا لحمل الجزائريّين للعلم الفلسطينيّ في مسيراتهم، إذ يكاد لا يخلو بيت منه"، في إشارة من مسيلي إلى التوطد المتنامي في العلاقات بين أبوظبي وإسرائيل.

وأضاف الناشط الجزائري: "هذا مزعج فعلًا لإسرائيل، التّي تخاف أن يفرز الحراك نظامًا أكثر عداءً لها من نظام بوتفليقة، بانتقاله من خيار المقاطعة إلى خيار الحرب".

لم تخف نوايا أبوظبي على شباب الحراك الشعبي فظهر سخطهم عليها في الشعارات التي تضمنتها لافتات مسيراتهم

وما يخفى على أبوظبي، بحسب مراقبين، أنّها لا تستطيع التّأثير سلبًا على الحراك الجزائريّ، من زاوية أنّ إعلامها لا يحظى بمصداقيّة في الأوساط الجزائريّة، بسبب فضائحه المختلفة وسقطاته المهنيّة المتكرّرة، ومن زاوية أنّ حليفها اللّيبي خليفة حفتر لا يتوفّر على الخبرة والعتاد الكافيين، اللّذين يجعلانه يهدّد الجيش الجزائريّ المصنّف ضمن أقوى الجيوش في العربية والأفريقية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الأخبار الكاذبة.. سيف على رقبة الحراك الشعبي!

الحراك يرفض بقايا بوتفليقة.. هل يترقب الجيش تفويضًا شعبيًا؟!