"لا للغاز الصخري" شعار شغل الشارع الجزائري ورفع فيه على مدار أكثر من ثلاثة أعوام، أي منذ بداية الحديث والخطوات الحكومية نحو تفعيل عملية استخراج الغاز الصخري، والتي لم تقابل إلا بالسخط الجماهيري الذي عم البلاد، وما زال يتفاعل من فترة إلى أخرى، طالما أن المراوغة الحكومية قائمة بشأن الملف.
إثارة قضية الغاز الصخري حفزت الشارع الجزائري، المثار ضد النظام أساسًا، لفتح ملفات مطلبية عدة
تمتلك الجزائر ثالث أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا، بعد ليبيا ونيجيريا، وفيما يتعلق بالاحتياطي المؤكد للغاز الطبيعي فتحتل البلاد المرتبة العاشرة عالميًا. لكن ما أثار شهية الحكومة الجزائرية أكثر، بتحفيز من الشركة العمومية الجزائرية لاستغلال الموارد البترولية "سوناطراك" وتحشيد من شراكات هذه الشركة وعلاقاتها في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، كان استخراج الغاز الصخري من الجنوب الجزائري، خاصة من مدينة عين صالح في ولاية تمنراست.
إلا أن الشارع الجزائري، الجنوبي خصوصًا، لم يرق له توجه الحكومة نحو استغلال الغاز الصخري، لما في ذلك من آثار اجتماعية وبيئية، إضافة إلى أن إثارة القضية حفزت الشارع الجزائري، المثار ضد النظام أساسًا، لفتح ملفات مطلبية عدة، منها ما يتعلق بالبطالة وأخرى ترتبط بالتعليم والحريات العامة والتنمية.. إلخ.
وعليه، لم تقتصر الاحتجاجات على مدينة عين صالح ولا ولاية تمنزارت، ولا حتى على الجنوب، بل وجدت طريقها لتصل إلى العاصمة الجزائرية، كما إلى بعض العواصم الأوروبية حيث كثافة الجاليات الجزائرية. لكن حال الاحتجاجات، أو ردة الفعل عليها، ليست في خارج الجزائر كما في داخلها، فعلى الرغم من أن الاحتجاجات والاعتصامات التي شهدتها باريس، بالتزامن مع الجنوب الجزائري، بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس 2015 تستهدف الاعتراض على الدور الفرنسي، للحكومة وللقطاع الخاص، في تغذية مطامح النظام في الجزائر، إلا أن هذه التظاهرات والفعاليات لم تشهد قمعًا ولا تنكيلًا كما كان الحال في وجه أهل الجنوب وباقي المناطق الجزائرية.
أكبر التجمهرات هذا العام كانت في مدينتي ورقلة وعين صالح يوم 14آذار/مارس، وكان الطابع المميز لفعاليات هذا اليوم، أن المطلب لم يكن مضادًا للغاز الصخري فقط، بل كان يرمي إلى الضغط من أجل تحويل مبلغ الـ70 مليار دولار أمريكي لصالح ما ينقص أهل الجنوب من بنى تحتية، صحية وتعليمية خاصة، وكذلك المواقع الأثرية التي تتعرض لتهميش الدولة منذ الاستقلال.
يتركز رفض الجزائريين لمشروع استغلال الغاز الصخري على تأثيرات العملية على البيئة والمياه الجوفية والواحات والزراعة، وكذلك الأمراض التنفسية والسرطانية التي تؤدي لها تبعات عملية الاستخراج لما يدخل فيها من مركبات كيماوية تتسلل إلى طبقات الأرض ويصعب تنظيفها أو التخلص منها. هذا دون ذكر ما يمكن أن تسببه عملية استخراج الغاز الصخري من ارتجاجات أرضية وزلازل كونها تعتمد آلية "التكسير الهيدروليكي" بشكل أساسي.
في بلاد "قسمًا" أصبحت النازلات الماحقات التي يتحداها الجزائريون في نشيدهم الوطني، نازلات من جنبات الدولة وعصيها ورجال مالها وأعمالها، وليس من المستعمر. وبقي صوت الجنوب مذكرًا بأن "عقدنا العزم أن تحيا الجزائر".
لسان حال عين صالح