للمرة الثانية، يتم استهداف المواقع الاستراتيجية النفطية والغازية بالصحراء الجزائرية من طرف الجماعات الإرهابية، حيث تمكن الجيش الجزائري من إفشال عملية اعتداء طالت -مساء الجمعة 18 آذار/مارس الجاري- موقع مراقبة تابع لشركة المحروقات الجزائرية "سونطراك" بالشراكة مع شركات نفطية أجنبية أخرى.
الاعتداء على مركز الغاز في "الخريشبة" بالجزائر، يعد عملية استعراضية لا أكثر لكنها تطلق صفارة إنذار متجددة بأن خطر الإرهاب لا يزال قائمًا
حسب بيان وزارة الدفاع الجزائرية، يتعلق الأمر بـ"سقوط مقذوفات تقليدية الصنع بالقرب من المركز الغازي بمنطقة "الخريشبة" بمحافظة غرداية، 875 كيلومترًا جنوبي الجزائر"، لكن نفس البيان أكد أنه لم تسفر العملية عن خسائر بشرية أو مادية وتم تطويق المكان بنجاح.
ويعيد الهجوم الإرهابي بمنطقة "الخريشبة"، للأذهان الهجوم الدامي الذي استهدف منشأة الغاز "قاعدة الحياة" بمنطقة "تيقنتورين" بمحافظة اليزي جنوبي الجزائر، في شهر كانون الثاني/يناير 2013، وأسفر عن مقتل 32 إرهابيًا عقب احتجاز 700 من عمال وموظفي المنشأة الغازية.
اقرأ/ي أيضًا: "سونطراك 1".. مفتاح فضائح الفساد في الجزائر
الاعتداء برأي المتتبعين للشأن الأمني في الجزائر يعد "عملية استعراضية"، تبناها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لكنها تطلق صفارة إنذار متجددة بأن "خطر الإرهاب قائم والجزائر في خط النار"، خصوصًا وأن الاعتداء استهدف المركز الغازي أي أنه مس مجال الطاقة ذا الأهمية الكبرى في الجزائر.
ويرى الخبير الاستراتيجي وأستاذ العلوم السياسية عمار بسعة في تصريح لـ"الترا صوت" أن "الاعتداء هو إشارة صارخة لتواصل الخطر الإرهابي في الجنوب الجزائري"، ويعيد بحسبه تأكيد المخاوف السابقة التي أطلقها نائب وزير الدفاع وقائد الجيش الجزائري الفريق قايد صالح ودعوته الجيش إلى اليقظة.
كما لفت الإعلامي المتابع للشأن الأمني حكيم عزي إلى أن "العملية جاءت بعد الضربات الموجعة الأخيرة التي تلقتها هذه المجموعات الإرهابية في عمق الصحراء، آخرها القضاء على البعض منهم بمنطقة الوادي واسترجاع أسلحة ثقيلة علاوة على تشديد الخناق عليها في منافذ الحدود البرية مع الدول المجاورة". ويرى المتحدث أن الاعتداء هو "محاولة فاشلة" للجماعات الإرهابية لإدخال الشك لمعنويات الجيش الجزائري، واصفا إياها بكونها عملية شبيهة بـ"الفرقعة الإعلامية" لا أكثر، خاصة وقد نشر الجيش الجزائري أزيد من 40 ألف جندي عبر الحدود البرية التي تتجاوز6500 كيلومترًا.
اقرأ/ي أيضًا: الجيش الجزائري.. عين على ليبيا وأخرى على تونس
ورجح الإعلامي أن تكون المجموعة التي حاولت استهداف المنشأة الغازية على علاقة بالمجموعة الإرهابية المشكلة من ثلاثة إرهابيين والذين تم القضاء عليهم من طرف قوات الجيش الأسبوع الماضي في منطقة وادي سوف، ومن بينهم أمير في تنظيم القاعدة، التي لا تبعد عن منطقة الهجوم سوى مائة كيلومتر، وهي العملية التي أسفرت عن حجز ستة صواريخ كانت موجهة لتنفيذ عمليات متطورة.
وعلى الأرض، كثفت قيادة الجيش الجزائري زياراتها الميدانية إلى مختلف النواحي العسكرية الجزائرية وخاصة في الجنوب الجزائري، حيث أطلق قائد الجيش الجزائري تحذيرات إلى الوحدات على طول الحدود مع كل من تونس وليبيا ومالي، ونبه إلى إمكانية استهداف منشآت حيوية طاقية في الصحراء الجزائرية.
وفي قراءة أخرى للهجوم، يقول المحلل السياسي سعيد زواوي لـ"الترا صوت" إن "الاعتداء إشارة أخرى للفت انتباه السلطات الجزائرية ومحاولة استمالتها من جهة وتحذيرها من جهة أخرى من وجود تهديدات على الأرض في الصحراء الجزائرية، وخاصة عقب الهجوم الإرهابي الذي شهدته منطقة "بنقردان" جنوب تونس والقريبة من الحدود الجزائرية من طرف ما يسمى بـ"داعش"، وهو ما يوحي بأن التهديدات الإرهابية متواصلة وخاصة القادمة من الجنوب وعلى الحدود مع ليبيا"، مضيفًا أن "الجزائر جددت موقفها في أكثر من مناسبة بخصوص رفضها التدخل العسكري في ليبيا لمخاوفها من تمدد التنظيم الإرهابي نحو أراضيها والبحث عن مساحات آمنة للاستيلاء عليها، وهو ما حدث في محاولة الهجوم على بنقردان"، حسب زواوي.
اقرأ/ي أيضًا: