يُطِلّ على الجمهور بين الفينة والأخرى عبر القنوات التلفزيونية وصفحات الجرائد، يحظى بشُهرة خاصة عند الجزائريين، تعرّض لانتقادات لاذعة لكنه لا يأبه، مثير للجدل كلّما تعلّق الأمر بمناسبة سياسية بالجزائر؛ كالانتخابات سواء التشريعية أو الرئاسية ليس بسبب تصريحاته ولكن بسبب أغانيه الشعبية والحماسية.. إنّه الفنان محمد مازوني الذي غنّى عن السياسة والرؤساء والحب والرياضة والمرأة.. وغيرها.
مع اقتِراب أي موعد انتخابي، تَعوَّد الجزائريون على "مفاجآت" مازوني، فصاروا يعلمون مسبقا أنّ هذا الفنان سيصدر أغنية خاصة بالانتخابات
ومع اقتِراب أي موعد انتخابي، تَعوَّد الجزائريون على "مفاجآت" مازوني، فصاروا يعلمون مسبقا أنّ هذا الفنان سيصدر أغنية خاصة بالانتخابات، فلم يعد السؤال هل سيصدر مازوني أغنية عن الانتخابات أم لا؟ بل أصبح الأمر عادي، إذ سيسجّل حضوره وسيكون في الموعد بأغنية جديدة شاملة عن الاستحقاق الانتخابي أو لدعم مرشح معين.
قصة مازوني مع الأغاني السياسية
قصة مازوني مع الأغاني السياسية والوطنية ليست وليدة اليوم بل تعُود إلى نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، وخاصة في فترة الرئيس الراحل هواري بومدين، أين بدأ مازوني يُحقق الانتشار، وقد ساهم في ذلك ظهوره المستمر على شاشة التلفزيون العمومي.
ولطالما أثارت أغاني محمد مازوني الضجّة والنّقاش في أوساط الجمهور وفي الإعلام، مرفوقة بانتقادات حادة له، بسبب تأييدها للسلطة بحسب متابعين، حيث قدّم في هذا الصدد جملة من الأغاني حول الانتخابات، منها عودته في 2019 خلال الحراك الشعبي، حيث أطلق أغنية جديدة بعنوان "انتخبوا من أجل الجزائر الجديدة"، كما ساند حزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر وحزب التجمع الوطني الديمقراطي "موالاة" قبل فترة الحراك الشعبي، وغنّى أيضا للرئيسين الرحلين عبد العزيز بوتفليقة وهواري بومدين.
ليست سياسية فقط
أغاني مازوني لا تقتصر على الجانب السياسي فقط وإنّما لامس جميع المواضيع معالجا، مواضيع عاطفية بطريقته الخاصة وأخرى توعوية وتحسيسية من بعض الظواهر السلبية في المجتمع.
في نهاية الستينيات أصدر مازوني أغنيته "وداعا فرنسا.. صباح الخير يا الجزائر" التي تحدث عبر كلماتها عن نعمة الاستقلال وظروف الجزائريين المقيمين في المهجر ومعاناتهم، كما عبّر خلالها عن شوقه للجزائر.
اعتمد مازوني في أغانيه على تنويع الطرح في تناول المواضيع وطريقة المعالجة، فتمكن من النجاح في كتابة وتأدية الأغاني بالعربية وباللّهجة الدّارجة ممزوجة في بعضها باللغة الفرنسية، ولم يتخلف عن المواعيد التي تشهدها بلاده أو القضايا العربية، ففي عام 1991 أصدر أغنيته الشهيرة الداعمة للعراق ولرئيسها الراحل صدام حسين ضد الولايات المتحدة الأمريكية أثناء حرب الخليج وكان عنوانها "أزدمأزدم يا صدام وحنا معاك للأمام".
كما ارتبطت ثلة من أغانيه ضمنيا بنوع من الطرافة على مستوى الكلمات الموظفة، ومثال ذلك أغنية أدّاها قبل 3 عشريات، ولكن نشطاء منصات التواصل يتداولونها بين الفينة والأخرى في الوقت الراهن من باب النكتة وإضحاك جمهور منصات التواصل الاجتماعي على غرار "خوك ترافولتا".. وغيرها.
وشكل الطابع الاجتماعي جزء مهما في الرصيد الفني لمحمد مازوني فقد غنّى للمرأة والزواج، وعالج مواضيع عن المشاكل الزوجية، والحرقة (الهجرة غير الشرعية)، وانتقد عدد من الظواهر السلبية في المجتمع كارتفاع حوادث المرور، والكسل والعزوف عن العمل، وتطرق إلى التأثير السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي على الشباب والأطفال وبشكل عام على الأسر الجزائرية وجسد ذلك في أغنيتيه "ينعل بوك يا فيسبوك" و"يا تيك توك"..إلخ.
القمة العربية ومونديال قطر
ولم يتوقع الجمهور والمهتمون بالشأن الثقافي والفني بالجزائر، أن يطلق مازوني أغنية عن القمة العربية التي احتضنتها الجزائر في 2022، حيث عاد إلى المشهد بعد 3 سنوات بفيديو كليب "القمة العربية"، وفيه يتغنى عن الوحدة العربية، ويقول: " بالمسك والعطور، وباقات الزهور، نستقبل في المطار ضيوفنا.. أنا وأنت فاهم، ماذا تغير في العالم، نجلس ونتفاهم بالله من الغد نبدأ".
وفي السنة ذاتها رافق مازوني كأس العالم التي استضافتها قطر، وأشاد عبرها بالجهود القطرية من أجل تقديم أحسن نسخة من كأس العالم على مرّ تاريخ تنظيم هذه التظاهرة الدولية، وجاء فيها: "مبروك يا قطر مبروك عليك، العالم كله حاب (يريد) أن يحضر وحاب يجيك (يريد زيارتك)"، ويقول في نفس المقطع: "يشوف الملاعب يا من شرفت العرب، الجزائر لا تشارك لكن نهديك أغنية تهنيك، وتقول لك برافو عليك".
من هو محمد مازوني:
محمد مازوني فنان جزائري ولد 4 ماي في العام 1940، في ولاية البليدة، وأقام مدة 30 سنة في المهجر، بدأ ممارسة الغناء بتقليد الفنان المصري فريد الأطرش، ثم انتقل إلى فن البدوي لكن لم يواصل، عاصر الراحل خليفي أحمد وعاصر واحتك بعديد المطربين المعروفين أمثال الراحلين رابح درياسة، عبد الرحمان عزيز، سليمان عازم.. وآخرين ما ساهم في إثراء فنّه.
وبحسب تصريح تلفزيون سابق لمازوني: "في عمر الـ 14 أثناء الثورة بعد استشهاد أخويه في الثورة التحريرية، بدأ العمل في الصغر لإعالة والدته، فاشتغل في المقهى وبائع خضر وحمّالا للمعمرّين، بينما كان ولوجه عالم الفن صدفة، فقرر المواصلة واختيار الموسيقى العصرية الحماسية التي تلائم طبيعة المجتمع الذي يحب الحياة."
في رصيد محمد مازوني عشرات الأغاني ولعل أشهرها "امرأتان"، "فاطمة"، "شاري دالة"، "عربية في فرنسا"، "يا ناس يا ناس"، "l’amour arabe " (1970)، "تحيا لبلاد"، "بوست تلغرام، تلغرام"، كما دغدغ الجزائريين بأغنية " يفرج ربي.. إدعيلي يا يما"، وهي الأغنية التي نالت الإعجاب لدى الجزائريين، خصوصا بالنسبة للفئات المهمشة مستهدفا أيضا الشباب الطامح لغد أفضل.