18-يناير-2022

الممثلة وهيبة باعلي (الصورة: يوتيوب)

ورد في الجريدة الرّسميّة؛ قبل أيّام، إقرار إنشاء ثلاثة مسارح جهويّة جديدة، هي مسرح ولاية النّعامة في أقصى الغرب الجزائريّ؛ وولاية أدرار في أقصى الجنوب، ومسرح ولاية الأغواط على مداخل الصّحراء التّي احتضنت مؤخّرًا مهرجان المنودرام الأفريقيّ؛ ليقترب عدد المسارح الجهويّة التّابعة لوصاية وزارة الثقافة والفنون من عشرين مسرحًا، وُرث الثّلثان منها عن الحقبة الفرنسيّة. 

تأتي تمنراست التّي تعرف بكونها عاصمة السّياحة في الجنوب الجزائريّ في صدارة هذه المدن المحتاجة إلى مسرح جهويّ لاعتبارات فنّية واستراتيجيّة

استقبل المشهد المسرحيّ قرار الحكومة، بين مثمّن ومشيد وممتنّ، وداعٍ إلى إنشاء مسارح أخرى في مدن أخرى، خاصّةً تلك التّي تشهد حراكًا مسرحيًّا، في الآونة الأخيرة، وسبق أن تلقّى فنّانوها الذّين يثبتون جدارتهم، من خلال أعمال جادّة داخل وخارج الولاية، وعودًا حكوميّة بذلك. 

اقرأ/ي أيضًا: 2021 ثقافيًّا.. تفوّق الفرديات والجمعيات على الوزارة الوصيّة

وتأتي تمنراست التّي تعرف بكونها عاصمة السّياحة في الجنوب الجزائريّ؛ وتبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 1700 كيلومتر، في صدارة هذه المدن المحتاجة إلى مسرح جهويّ لاعتبارات فنّية واستراتيجيّة، بحسب النّاشط الثّقافيّ محي الدّين بن محمّد، "أمّا الاعتبارات الفنّيّة، فتقوم على وجود عشرات الممارسين، من مختلف الأجيال، وهم يفتكّون دوريًّا جوائز وألقابًا خارج الجزائر، فقد جعلوا المسرح في الجنوب حقيقةً وليس حلمًا كما كان إلى وقت قريب؛ ومن حقّهم توفير مسرح جهويّ يوفّر لهم الظروف الصّحيّة للإنتاج". 

وأمّا الاعتبارات الاستراتبجيّة، يقول محدّث "ألترا صوت"، فتقوم على كون تمنراست بوّابة أفريقيا، وعلى الدولة الجزائريّة أن تحصّن عمقها الأفريقيّ ثقافيًّا أيضًا وليس عسكريًّا وأمنيًّا فقط. ويعدّ المسرح في طليعة الفنون التّي تستوعب هذه المهمّة. لو كنّا واعين بقدرة الثقافة والفنون على خدمة الرّهانات الاستراتيجيّة الوطنيّة لأطلقنا مهرجانّا مسرحيًّا أفريقيًّا يستقطب الفاعلين في هذا الحقل على مستوى القارّة، ولتمنراست مؤهلات احتضانه، لكن ليس قبل إنشاء مسرح جهوي محترف.  

وأبدى المخرج والنّاشط المسرحيّ عزّوز عبد القادر الذّي قدّم عدّة أعمال توّجت وطنّيًا وعربيًّا وأفريقيًّا، كثيرًا من الخيبة في الوعود التّي تلقّاها، منذ سنوات تعاقب خلالها عدّة وزراء على هضبة العناصر، مسرحيّو تمنراست بإنشاء مسرح جهويّ. يسأل: كم يجب لنا أن نعيش ليتحقّق هذا الحلم؟ وكم لا بدّ لنا من خيبات في حياتنا؟ وكم يلزمنا من فانوس علاء الدين؟ مرّ ربع قرن على قرار  إنشاء مسرح جهوي بتمانغست! هل هذا معقول؟ أكثر من إحدى عشرة سنة لم نرَ في تامنغست عرضًا مسرحيًّا قادمًا من خارج الولاية؟ هل هذا منطقيّ؟ أمّا داخلها فنحن نجد صعوبةً في تقديم عروضنا التّي ننتجها بإمكانيات محدودة؛ فأقرب مسرح جهوي من تمنراست يبعد عنها 1400 كيلومتر! علمًا أن في الولاية عشر جمعيات مسرحيّة". 

يواصل: "لن نتوقّف عن حقّنا. ولن نرضى أن نكون رقمًا في معادلة. مسرح جهويّ أقل حقّ ثقافيّ جديرة به هذه  الولاية المنسيّة". 

من جهتها، تقول الممثّلة وهيبة باعلي التّي افتكّت حوالي عشرين جائزة مسرحية وازنة إنّ مسرحييّ تمنراست لا يطالبون بمسرح جهويّ ليحصّلوا فيه وظائف دائمة ومكاسب موسميّة، مثلما يحصل في كثير من مسارح الحكومة، "بل ليبدعوا ويتألّقوا ويساهموا في إثراء وتفعيل المشهد المسرحيّ الإفريقيّ. ما الذّي جعلهم يقطعون آلاف الكيلومترات ليقدّموا عروضهم لولا الشّغف؟". تختم: "في ظلّ انتعاش واستفحال المطالب الشّعبيّة المتعلّقة بالبطون، ها هم مسرحيّو تمنراست يرفعون مطلبًا ثقافيًّا يتعلّق بالعقول. نريد مسرحًا". 

قوبل مطلب مسرحيّي تمنراست بتضامن واسع من طرف المسرحيّين الجزائريّين

وقوبل مطلب مسرحيّي تمنراست بتضامن واسع من طرف المسرحيّين الجزائريّين، فهو مطلب، بحسب المخرج عقباوي الشّيخ، لا يعني تمنراست فقط، بل يعني الجزائر كلّها لو كنت كانت واعيةً برهناتها الثّقافيّة. فهل ستلتفت إلى هذا المطلب حكومة تبّون الذّي قدّم لتمنراست وعودًا كثيرة في حملته الانتخابيّة قبل سنتين؟

 

اقرأ/ي أيضًا

السينما الجزائرية.. أفلامٌ في العراء

حوار| الناقد محمد عبيدو: السينما الفلسطينية انتماء نضالي وإنساني أولًا