05-مايو-2021

في أحد أجنحة معرض الجزائر الدولي للكتاب (صورة أرشيفية: بلال بن سالم/Getty)

تُمثّل القراءة والمطالعة في شهر رمضان فرصة للكثير للتصالح مع الكتاب، حيث تبعث روحانية الشهر والبحث عن استدراك الوقت، إلى اهتمام كثيرين بوضع برنامج للقراءة والمطالعة ومناسبة لاختيار جملة من العناوين والمؤلفين.
يبحث مطالعو الكتب عن اعتدال المزاج والخلوة مع النفس خاّصة مع زيادة ساعات الراحة
تٌعدّ القراءة في شهر الصيام من الطقوس التي يفضّلها كثيرون من محبي المطالعة، إذ يبحثون فيه عن اعتدال المزاج والخلوة مع النفس خاّصة مع زيادة ساعات الراحة، حيث تختلف طقوس القراءة من شخص للآخر، وتتعدّد خيارات المطالعة عند عشاق الكتب.
 بين الديني والتاريخي
 في سياق الموضوع، يَذكر الكاتب والروائي حميدة عياشي في حديث لـ "التر جزائر"، عن طقوسه القرائية في شهر رمضان، إذ يقول: "أضع برنامجًا خاصًا للقراءة يتناغم مع نشاطي الفكري اليومي"، مضيفًا أن هذه الفترة فرصة للكتابة وإعادة ترتيب النصوص المتفرقة، وأن محتوى قراءته تشاركه الكتب الدينية، والمؤلّفات التاريخية، والأدب والفلسفة، أمّا حاليًا فيَعكفُ حميدة عياشي على تصحف مذكرات السياسي سعيد سعدي في الجزء الثاني.
وتناسقًا مع ممارسة رياضة الجري، يشير حميدة إلى مطالعته كتابًا إلكترونيًا بعنوان "BORN TO RUN"، للمترجم إلى الفرنسية للكاتب الأميركي كريستوفر ماكدوغال، يحكي فيه عن ممارسة الجري، ليس كرياضة فقط، وإنما كأسلوب ونمط حياة وثقافة يومية.
يُفضّل عياشي قراءة روايات وليام فولكنر وهنري بول، أمّا في الجانب الروحاني، فهو يتدارس على قراءة فصول من كتاب الفتوحات، ويجتهد في حفظ أجزاء من سورة البقرة،  
ويختتم حميدة يومياته على واقع ممارسة الركض قبيل وقت الإفطار.
الشعر يمتلكني 
 في السياق ذاته، تشكّل تجربة الشاعرة نصيرة محميدي مع القراءة، مسألة وجدانية، حيث تصف علاقتها بالكتاب باليومية وليست موسمية، بالقول: "نشأت في بيت معمور بعبق الكتب، وأنا صغيرة محيطة في أطراف البيت بالكتاب والمؤلفات".
القراءة بالنسبة لنصيرة محمدي هي تجاوز الجغرافيا والزمان، والعبور إلى المدن والضفاف، تقول محدثتنا، إن القراءة عملية تتطور بفعل الوقت، إذ تتسع الرؤية وتصير أكثر انتقائية وانتباهًا.
علاقة نصيرة محمدي بالكتاب هي ارتباط نفسي ووجودي قائلة "الكتب هي التي تهزّنا وتُسائلنا وتحرقنا"، وعن الكتب التي تُطالعها عن قراءتها اليومية تعلّق المتحدّثة أن "الشعر يمتلكها إلى ما لا نهاية، كما تتهاوى في عوالم الرواية وشساعتها"، وتستثني صاحبة الديوان الشعري "غجرية" النصوص الفلسفية ضمن قائمتها المختارة، التي تضمّ سير الفنانين والكتاب والفلاسفة. 
السير إلى المكتبات ورائحة الكتب من يوميات الشاعرة، بداخل كل مكتبة تقول:" تسكن الروح وتبتهج الحواس"، وتذكر أن على طاولتها في هذه الفترة، مؤلّفات محمد ديب، كتاب في نقد العقل السردي، وكل ما يقع بين يديها من شعراء كونيين، على حدّ قولها.
تنوع في المقروئية  
تعدُ مكتبة "ناتجي ميغا بوكستور" أكبر مكتبة في الجزائر افتتحت مؤخّرًا، وتقع في حي عميروش ببلدية حسين داي بالعاصمة، وتتسع المكتبة إلى بناية من ثلاثة طوابق توفّر عدّة تخصّصات ومحتويات متنوعة. هنا، يؤكّد عمر أحد مسيري المكتبة أن شهر رمضان يمثل مناسبة للعودة القارئ، والترحال في عالم المكتبة. 
وبخصوص توجهات المقرِوئية، يقول إنه لا يمكن تحديد بالضبط اختيارات الزبائن، مؤكّدًا أن المناسبة الدينية تستوجب الاهتمام بالكتاب الديني أكثر سواءً باللغة العربية أو باللغة الفرنسية، ويذكر أن كُتب التفسير والتصوّف والمصاحف هي ضمن أعلى سلم في المبيعات، على حدّ تعبيره.
كما أشار محدثنا إلى وجود اهتمام بالرواية خاصّة إصدرات منشورات "عصير الكتب"، إضافة إلى الكتب الدينية الأكثر مبيعًا على غرار "لأنك الله" لعلي بن جابر الفيفي، و"لأنك محمد" لشادي وحيد قطنة، و"فاتتني الصلاة" للكاتب إسلام كمال.
ويلُفت مسير المكتبة الانتباه إلى وجود اهتمام بكتب التنمية البشرية وتطوير الذات، مثل كتاب "الأب الغني الأب الفقير" للكاتب روبرت كيوساكي، وكتاب "نظرية الفتسق" للكاتب فهد عامر الأحمدي.
القراءة تقليد يومي 
 علاقة القراءة والقارئ قد تكون وظيفية أيضًا بحكم الانتماء إلى المجتمع الأكاديمي، هنا يقول الأستاذ الجامعي والناقد الأكاديمي لونيس بن علي، إن فعل القراءة لا يختلف في شهر رمضان عن باقي الأشهر، بحكم الالتزامات الجامعية والاهتمامات الشخصية. 
وتحتل مؤلفات إدوارد سعيد مكانة مميزة في قراءات لونيس، مشيرًا إلى رسالة الدكتوراه حول صاحب كتاب الاستشراق، كما يواظب محدثنا خلال شهر رمضان على تصفح الجرائد والمجلات الفرنسية والقراءة الإلكترونية لما توفّره من إصدارات جديدة وحديثة الإصدار.
يختلف ذوق القرّاء في شهر رمضان الكريم وخياراتهم إذ أن المطالعة حالة شخصية يتفرّد بها كل قارئ على حدة
على العموم، يختلف ذوق القرّاء في شهر رمضان الكريم وخياراتهم؛ فالمطالعة حالة شخصية يتفرّد بها كل قارئ على حدة، لكن الكل يجمع على المتعة والاسترخاء والتكامل بين العادات الرمضانية والمطالعة.