في محلٍّ يقع بوسط العاصمة مكتظ بالزبائن، يبدو عبد الله مصدومًا من الارتفاع الحاد للأسعار، خاصة ملابس الأطفال، عبد الله الشاب أربعيني والد للطفلين، نهاد وعبد الرؤوف عامل في القطاع العمومي، يقول في حديث لـ "التر جزائر"، إن أسعار ملابس الأطفال عرفت ارتفاعًا كبيرًا هذه السنة، مضيفًا أن محدودية الأجرة الشهرية لن تسمح له بشراء ملابس لأولاده وفق الأسعار المعروضة في المحلّ.
تختار عائلات محدودة الدخل اللجوء إلى الأسواق الشعبية المنتشرة وسط العاصمة على غرار "دلالة" باش جراح وسوق العقيبة وسط حي بلكور الشعبي
قبل أن نلتقيه زار عبد الله أربعة او خمسة محلّات تجارية، دون أن يتمكّن من اقتناء ما يريده ويتلاءم مع جيبه، بسبب الارتفاع المحسوس في أسعار ملابس الأطفال هذه السنة، يحدّثنا أن القدرة الشرائية تراجعت بشكلٍ ملموس بسبب الارتفاع الحاد لمختلف الأسعار الأساسية والخضروات والفواكه، لكن عبد الله مصرّ على اقتناء ملابس لأطفاله بمناسبة عيد الفطر المبارك.
إقبال واسع
تشهد مختلف شوارع العاصمة ذهاب العائلات الجزائرية إلى المحالات لشراء الملابس، استعدادًا لاستقبال عيد المبارك، وتعرف أسعار الملابس وفق جولة لـ "التر جزائر " في الأسواق والمحلات ارتفاعًا جنونيًا مقارنة بالسنوات السابقة.
وتختار العائلات المتوسّطة المساحات التجارية الكبرى المتواجدة على مستوى بلديات باب الزوار والمحمدية والشراقة، إذا توفر مختلف الأصناف والأنواع بأسعار مقبولة نسبيًا، بحسب النوعية وفرصة انطلاق عملية البيع بالتخفيض لموسم رمضان، التي أعلنت عنها وزارة التجارة.
ورغم الأسعار المعقولة تبقى عملية الشراء تُكلف العائلات متاعب مالية إضافيًا، يقول منور (موظف وأب لأربعة أولاد) إنه يضطر لاستدانة لشراء ملابس العيد، مضيفًا أنه لا يمكن كسوة أربعة أطفال مباشرة بعد مصاريف شهر رمضان.
من جهتها، تقول السيدة عايدة (اسم مستعار) في العقد الرابع من العمر، إنها تعمل هي وزوجها في القطاع المصرفي الخاص، غير أنهما غير قادرين على تحمل مصاريف شراء ملابس الأطفال، إضافة إلى تكاليف الكراء والتمدرس والتنقّل، وبنبرة ساخطة تقول إن العيش بات صعًبا اليوم، حتى فرحة الأطفال باتت صعبة.
الأسواق الشعبية وباعة الأرصفة
من جانبه، تختار عائلات محدودة الدخل اللجوء إلى الأسواق الشعبية المنتشرة وسط العاصمة على غرار "دلالة" باش جراح، وسوق العقيبة وسط حي بلكور الشعبي، أو حي باب الواد، أو الأسواق الموازية الموجودة في بلدية الرغاية، هنا يقول عبد القادر (عامل يومي، أب لطفلين) إنه "اعتاد شراء ملابسه وملابس الأطفال وكل لوازم البيت من الأسواق الشعبية ومن باعة الأرصفة"، ويعود السبب بحسب محدثنا لانخفاض أسعارها مقارنة بأسعار المحلات.
في السياق، يعتبر أحد بائعي الرصيف بباش جراح أن أسعار ملابس الأطفال العيدية منخفضة مقارنة بالمركز التجاري "حمزة"، مضيفًا أنهم لا يتحملون تكاليف الكراء ولا يدفعون الضرائب، لكن هي مهنة تحمل التكاليف من نوع أخر، إذ يعانون من مطاردة الشرطة وحجز سلعهم في كثير من المرّات، داعيًا بائعي الأرصفة بتقنين نشاطهم، عبر تنظيم أسواق موسمية دون تكاليف مالية، "فالعائلات الجزائرية هي المستفيدة من تلك الأسواق".
السلع كلها مستوردة
من جهته، قال الحاج أحمد صاحب محل الملابس الجاهزة للأطفال بمنطقة دالي براهيم، إن أسعار الملابس الخاصة بالأطفال عرفت ارتفاعًا جنونيًا منذ بداية أزمة كورونا، موضحًا أن أغلب السلع الموةجودة في السوق مستوردة من الصين أو تركيا.
وأرجع محدثنا الارتفاع إلى تراجع قيمة الدينار مقابل الدولار، إضافة إلى الارتفاع الحاد في مصاريف الشحن، موضّحًا أن بسبب ارتفاع أسعار الملابس جعل الاقبال نسبيًا ضعيفًا مقارنة بالسنوات السابقة، وأن الاكتظاظ الموجود في المحلّات سببه فضول الزبائن أو رغبتهم في مقارنة الأسعار.
تبقى السوق الجزائري عرضة لتقلبات في أسعار المواد الأولية وارتفاع تكاليف الشحن وانخفاض في العملة الوطنية
ونتيجة لانعدام صناعة نسيجية خاصة بالملابس الجاهزة لأطفال، تبقى السوق الجزائري عرضة لتقلبات في أسعار المواد الأولية، وارتفاع تكاليف الشحن وانخفاض في العملة الوطنية، إذ تتراوح فساتين البنات حسب الأعمار ما بين 3500 إلى 12000 دينار جزائري، أما طقم الأطفال الذكور فيتراوح ما بين 10000 إلى 18000 دينار جزائري إضافة إلى الحذاء، وهي أسعار تكون مساوية أحيانًا للحد الأدنى للأجور في الجزائر.
اقرأ/ي أيضًا:
قبل عيد الأضحى.. الكبش الأقرن مطمح الجزائريين
أضحية العيد.. موضة سادية أو شعيرة دينية؟
اقرأ/ي أيضًا: