عادة ما يفتخر مسؤولون جزائريون بعدد المؤسسات الجامعيو التي تجاوزت 60 مؤسسة في 43 محافظة، ما بين جامعة ومركز جامعي ومدرسة وطنية، ويبدون الفخر كذلك بعدد الطلبة الحاليين الذي يوشك على الاقتراب من مليونين، باعتباره رقمًا قد يجاوز أعداد سكان دول أعضاء في الأمم المتحدة.
قال وزير التعليم العالي الجزائري إن الجامعة الجزائرية "لن تستفيد شيئًا في حال فوز أحد باحثيها بجائزة نوبل"!
غير أن أحدًا من المسؤولين لم يلتفت إلى أنه ليس ثمة جامعة جزائرية واحدة في مرتبة مشرفة في القوائم العالمية للجامعات، فأفضل جامعة جزائرية، هي جامعة باب الزوار للعلوم والتكنولوجيا، جاءت في 2018 في المرتبة 2250 عالميًا، والـ13 في شمال أفريقيا حسب تصنيف "Ranking Web of Universities"
اقرأ/ي أيضًا: نظام LMD في الجامعات الجزائرية.. 10 سنوات من الجدل
وفي تصريح صحفي سابق لوزير التعليم العالي الطاهر حجار -الذي كان أستاذً للأدب العربي بجامعة الجزائر قبل أن يعين وزيرًا عام 2015- قال فيما سخر منه كثيرون، إن "المنابر والهيئات، التي تقوم بتصنيف وترتيب الجامعات العالمية تعتمد على معايير خارجة عن المضمون المعرفي، منها مدى توفر المؤسسة الجامعة على الإنترنت، ونحن نعاني نقصًا في هذا الباب"!
هذه الأيام، أثار نفس الوزير موجة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المستقلة، بسبب تصريح له قال فيه، إن "الجامعة الجزائرية لا تستفيد شيئًا في حالة فوز أحد باحثيها بجائزة نوبل"! مضيفًا: "بل إنّها لن تستفيد حتّى إذا حصل عليها عشرة من الجامعيين الجزائريين".
وقال إنّ الجامعة الجزائرية كانت قادرة على تحسين ترتيبها العالمي لو أنّها نسبت إليها الباحثين الفرنسيين، الذين كانوا منتسبين إليها وحصلوا على هذه الجائزة قبل الاستقلال الوطني.
أثارت تصريحات الوزير الطاهر حجار موجة من السّخرية من جهة، وأخرى من الاستنكار من جهة ثانية، خاصّة من طرف الطلبة والأساتذة الجامعيين، إذ رأوا فيها تقليلًا من أهمية البحث وقيم الاجتهاد وتثمين الجهود. فقال الأكاديمي عاشور فنّي، في تدوينة له على فيسبوك: "تصريح وزير التّعليم العالي ليس جديدًا، بل يمثّل تيّارًا غالبًا يحطّ من قيمة الجامعة ومن دورها في تكوين نخبة علمية وطنية".
وفي رسالة وجّهها أستاذ الأدب في جامعة بجاية، لونيس بن علي، إلى الوزير، ورد فيها أنّه "إذا كانت جامعات الجمهورية عاجزة عن التّفكير في إنتاج حلول لمشكلاتنا الاقتصادية، فما حاجتنا إليها؟ ما الحاجة إلى أقسام الاقتصاد والتّسيير؟".
وأضاف بن علي مخاطبًا الوزير: "أنت تحدّثتَ عن نوبل، وقلت بعظمة لسانك: ما الذي سيفيدني إن تحصل باحث جزائري عليها؟ أنت محقّ في كلامك، لأنّ السؤال الأهم الذي تمنّيت لو أنّك انتبهت إليه هو: ما حاجتنا إلى أقسام الاقتصاد إذا كانت عاجزة عن إيجاد حلول لأبسط أزماتنا الاقتصادية؟".
من جهته يسأل الإعلامي رشيد ولد بوسيّافة: "هل يدرك الوزير حجّار أنّ الجامعة الجزائرية باتت منكوبة؛ ومن أوجه نكبتها المستوى العام الذي يتراجع يومًا بعد يوم، خاصّة مع نظام إل إم دي، الذي تمّ التسويق له في البداية على أنّه سيُدخل الجزائر في عهد جديد من الازدهار والتطوّر، لأنه يربط الجامعة بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للبلد؟".
ويواصل ولد بوسيّافة تساؤلاته: "ما الفائدة إذن من ملايين الشهادات التي تمنحها الجامعة؟ ولماذا بات الفشل قرين خرّيجي الجامعات في الوقت الذي يشق فيه المتسرِّبون من المدرسة طريقهم نحو النجاح في المهنة أو الحرفة التي يختارونها؟ وهل يعقل أن يتحول خريجو الجامعات من حمَلة الشهادات العليا بما فيها الماجستير والدكتوراه إلى موظفين بسطاء عند المتسربين من المدرسة الذين بدؤوا حياتهم بالفشل الدراسي؟".
يعتقد البعض أن تقليل وزير التعليم العالي الجزائري من جائزة نوبل، بسبب عدم حصول بوتفليقة عليها بعد أن كان قد رشح لها
ويذهب طالب العلوم السّياسية عماد ترايكية في حديث لـ"ألترا صوت" إلى أنّ تقليل وزير التّعليم العالي من جائزة نوبل، جاء بعد حرمان الرّئيس بوتفليقة منها، إذ تمّ ترشيحه لينال جائزة نوبل للسّلام، بعد إقراره مشروع السّلم والمصالحة، ما أدّى إلى انحسار موجة العنف والإرهاب في البلاد، "وإلا كيف نفسّر تصريحًا مثل هذا من طرف وزير يشرف على العلوم والمعارف في حقّ جائزة تعدّ هي الأولى في العالم؟"، كما قال ترايكية.
اقرأ/ي أيضًا: