فريق التحرير - الترا جزائر
يُثير المرسوم الذي أصدره الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لتمويل نفقات المرشّحين الشباب ضمن القوائم المستقلة، جدلًا لافتًا في الجزائر عشية بدء حملة الدعاية للانتخابات التشريعية المقبلة المقررة في12 حزيران/جوان القادم، حيث تباينت المواقف بين من يعتبر ذلك اخلالًا بمبدأ تكافؤ الفرص بين كل المرشّحين، وبين من يراه مُجرّد مساندة رمزية للشّباب لدَفعهم لخوض المنافسة الانتِخابية بحدّ أدنى من الإمكانات.
مترشحون للتشريعيات اعتبروا دعم الشباب دون الأربعين سنة مخلًا بالمساواة ومبدأ تكافؤ الفرص
في هذا السياق، كشف شرفي على هامش تنشيطه لندوة صحفية بمقرّ سلطة الانتخابات، الأربعاء الماضي، عن استفادة المترشحين الشباب من دعم يقدّر بـ 30 مليون سنتيم، لمن هم دون سن الأربعين سنة كشرط للاستفادة من المساعدة.
اقرأ/ي أيضًا: مترشّحون مقصيون.. فخّ المادة 200 في التشريعيات
تحسّبا للحملة الانتخابية، تشكّلت لجنة تتألف كل من اللجنة المستقلة للانتخابات والداخلية والمالية، تهتمّ بالتكفل بنفقات الحملة الانتخابية للشباب المترشحين الأحرار الأقل من 40 سنة، تبعاً للشّروط التي حدّدها المرسوم الرئاسي الذي وقعه الرئيس عبد المجيد تبون.
ويعتني هذا القرار بتغطية نفقات الحملة الانتخابية وبرنامج النشاطات والتنقلات المقررة لحملة الدعاية لكل مترشّح، ووثائق وفواتير تثبت النفقات.
وفي انتظار الإفراج عن التدابير فعليًا، يعتبر البعض من المنخرطين في العملية الانتخابية، أن دعم الشباب في الحملة الانتخابية للتشريعيات، وتوفير لهم حدّ أدنى من المساعدة، خطوة إيجابية، كما قال الناشط السياسي أستاذ العلوم السياسية فؤاد حمداش في تصريح لـ "الترا جزائر"، موضحًا أنّها قرارات من شأنها أن تضع حدّ لاستغلال المال الفاسد في الانتخابات.
وأكّد حمداش أن هذا المرسوم من شأنه أن يضع المشاركون في الانتخابات البرلمانية في مستوى تنافسي ورفع مقدراته التنافسية مقارنة مع الأحزاب السياسية أمر محتوم، خصوصًا بالنسبة لمن دخلوا المعترك السياسي الانتخابي لأول مرة، على حدّ تعبيره.
وفي هذا الإطار، كشف المرشح حسام الدين بلعطار عن قائمة حرة حملت تسمية "عهد الشرفاء"، بمدينة ميلة شرق الجزائر، أنهم لحدّ الآن" لم تردهم أيّة معلومة حول طريقة التمويل الخاص بالحملة الانتخابية"، معتبرًا ذلك عامل مرهق للمترشحين من الشباب زمنيًا، داعيًا في تصريح لـ "الترا جزائر" إلى أن "يكون التمويل قبليًا لا بعديًا، نظرًا لوضعية الشباب المادية" كما قال.
وأوضح أن ذلك يُسهِم في تمكين المشاركين وخصوا في القوائم المستقلة أن يقومون بحملتهم الانتخابية بأكثر أريحية، لافتا إلى أنه " رغم اجتهاد السلطة في قطع الطريق أما استغلال الأموال في الحملات الانتخابية الا أنه لا يمكن تجسيد رقابة تامة على ذلك" مشيرا إلى أن " المتضرر ن ذلك بالدرجة الأولى وطننا لوصول أشخاص عبر المال الفاسد وليس على أساس الكفاءة والبرامج".
كما أشار بلعطار إلى أن التشريعيات هي مسؤولية في الظرف الحساس الذي تعرفه البلاد، بهدف إحداث تغيير وإعادة الثقة للمواطن التي فقدت في أوساط كبيرة من الشعب هي فعلا مهمة صعبة، رغم الأمل الذي يحدو الكثير من الشباب.
عامل الوقت
ورغم استحسان الكثيرين لهذا القرار، إلاّ أن البعض لازال ينتظر الإجراءات التفصيلية لتفعيله ميدانيًا، كما يتخوف بعض المرشحين من العامل الزمني مع انطلاق الحملة الانتخابية والتحضير لها وتكاليفها.
وفي هذا المنحى، استغرب بلقاسم عجاج المرشح عن القائمة الحرة "الكفاءات الجزائرية" بولاية تيبازة غرب العاصمة الجزائرية، عدم تقديم الإجراءات التفصيلية بخصوص تمويل الحملة الانتخابية، فهي في نظره "غير واضحة" كما قال في تصريح لـ"اترا جزائر"، موضحا أنهم يحاولون تذليل صعاب العائق المادي لتمويل الحملة الانتخابية في بدايتها.
وشرح في هذا السياق أنهم "عقدوا اجتماعًا تنسيقيًا حتى نتمكن من دراسة والاتفاق على اشتراك مادي فيما بين أعضاء القائمة، ونقلص ما استطعنا من حجم المصاريف".
ومن بين الحلول التي أوجدتها قائمة " الكفاءات الجزائرية" تخفيف حجم الملصقات والاتجاه نحو المواطن مباشرة، كما قال، في المقابل يبقى العائق الوحيد هو "تغطية مصاريف المؤطرين على مستوى الولاية ويقدر عددهم 400 مكتب، وتمويلهم بمبلغ رمزي قد يكون ألف دينار يعني 40 مليون سنتيم أي 2000 يورو وبذلك سيكلف أكثر إن ارتفع المبلغ" على حسب تقديراته.
معيار السنّ
الملفت للنظر، أن هناك من المشاركين في الانتخابات من الأحزاب من يعتبر أن ذلك إخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين كل المواطنين، كما شرحت المحامية سامية حيمودي لـ" الترا جزائر" قائلة إن دعم شاب مرشح على أساس العمر أقل من 40 سنة وعلى أنه مستقل، وقد يكون وضعه المادي جيدًا، "ليس معيارًا مقبولًا لأنه قد يكون هناك شاب في نفس العمر مرشح في حزب صغير دون إمكانيات، ووضعه الاجتماعي والمادي أضعف وبحاجة احق للمساعدة في الانتخابات" كما قالت.
وعن دعم الشباب في القوائم الحرّة، يتّفق مرشّح "حركة مجتمع السلم"، في الدائرة الخاصة بالعاصمة الجزائرية عز الدين زحوف، مع طرح الحقوقية حيمودي، معتبرًا أن "الحركة كانت لها تحفظات واعتراضات قدمناها في حينها حيال ذلك"، مردفًا أن "السلطة هنا تقوم باللامساواة بين الشباب الجزائري وهذا من اللاعدالة".
طبقة سياسية جديدة
يضيف زحوف في تصريح لـ "الترا جزائر" أن "هذه الخطوة من شأنها أن تُنفِّر الشباب من ممارسة السياسة تحت الأطر التقليدية والتنظيمية والطبيعية لممارسة السياسة وكأنك تقول لهم من يريد أن يمارس السياسة فليس شرطًا أن ينخرط تحت مظلة مُكوِّن سياسي"، حسب قوله.
كما عبر المتحدّث عن تخوفّه من أننا أمام مسار "إنشاء طبقة سياسية جديدة انتهازية أقرب ما تكون إلى "لونساج سياسي" أي (القروض التي منحتها الحكومة للشاب في إطار دعم وتشغيل البطالين)، مفسِّرا ذلك أن ذلك يجعل من المرشحون الأحرار ستتوسع لتصبح " بدعة سياسية غير ملتزمون حزباي وليس لهم أي تأطير تنظيمي ولا خلفية فكرية ولا مرجعية وتجدهم في قوائم حرة لا يوجد بينهم أي ارتباط ولا يشكلون كتلة قوية"، كما قال.
هنا، يُشير إلى أنّ هذه "البدعة السياسية ستولد أزمات أخرى لأنها لم تبن على العدل بين الشباب الجزائري وبين الجزائريين، وتكرس خطّ اللامساواة، وتكسّر العمل الحزبي وإنشاء طبقة سياسية جديدة هي من المخاوف والقنابل الموقوتة في هذا القانون".
هناك من يعتبر هذه الخطوة محاولة من السلطة لتمكين القوائم المستقلة من الحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان
سياسيًا، هناك من يشكّك في الخطوة ويعتبرها محاولة من السلطة دعم القوائم المستقلة لتمكينها من الحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، لتتمكن السلطة من تشكيل ائتلاف وأغلبية رئاسية تسمح للرئيس تبون بتشكيل "حكومة الرّئيس".
اقرأ/ي أيضًا:
التشريعيات الجزائرية.. ماهي فرصة أحزاب بوتفليقة في دخول البرلمان؟
بعجي: قوائم "الأفلان" في التشريعيات لن تفتح أمام الفاسدين