25-أكتوبر-2024
(الصورة: فيسبوك) رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يترأس مجلس الوزراء

(الصورة: فيسبوك) رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يترأس مجلس الوزراء

بينما يترقّب الجزائريون تعديلًا حكوميًا وشيكًا قبل نهاية السنة، أطلق رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تحذيرًا صريحًا لوزراء القطاعات الاستراتيجية، داعيًا إياهم إلى الاستفاقة قبل حدوث هذا التغيير، حيث أظهرت التقارير عجزًا في تسيير بعض الملفات تستدعي تحركًا عاجلًا لضمان استقرار السوق وتلبيةِ احتياجات المواطنين من المواد الفلاحية والغذائية والأدوية.

جاء هذا الإنذار في وقت تشهد فيه بعض المواد تذبذبًا في عمليات الاستيراد لبعض الأصناف، وتعطّل إجراءات الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية

في هذا السياق، ترأس رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتاريخ 20 أكتوبر / تشرين الأول اجتماعًا لمجلس الوزراء، تناول تدابير ضبط ومتابعة عمليات الاستيراد حيث سجل الرئيس تراخيًا في عزيمة العمل لدى بعض الوزراء آمرا باستفاقة الجميع، وتحديد المسؤوليات، وفاءً للمهام الموكلة إزاء المواطن الذي ينبغي أن يكون الشغل الشاغل لكل موظف عمومي.

وتأتي هذه الامتعاضات من الرئيس عشية تعديل حكومي سيستفتح به العهدة الرئاسية الثانية، بعد استكمال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025 بالبرلمان فما هي السيناريوهات المنتظرة لهذا التعديل؟

هؤلاء طالبهم الرئيس تبون بالاستفاقة

في مجلس الوزراء الأخير، وجّه رئيس الجمهورية تحذيرًا صارمًا لوزراء القطاعات الاستراتيجية وذات الصلة المباشرة بالقدرة الشرائية للمواطن الجزائري، مطالبًا إياهم بضرورة الاستفاقة قبل التعديل الحكومي المرتقب.

وجاء هذا الإنذار في وقت تشهد فيه بعض المواد تذبذبًا تم تسجيله في عمليات الاستيراد لبعض الأصناف، وتعطّل إجراءات الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية، وعدم وضوح كيفية منح رخص التوطين البنكي ومعاييره، حسبما علمته "الترا جزائر".

 ومعلوم أنه سبق وأن أكّد الرئيس أن الجزائر لم ولن تمنع الاستيراد، وتلجأ إليه فقط في حالات الضرورة، من أجل تشجيع الإنتاج الوطني على الازدهار والتطوّر وحمايةً لاحتياطاتها المالية بما يقوي اقتصادها ويحافظ على استقرارها.

 كما أمر بعدم منع أي عملية استيراد للمواد الأولية التي تُستخدم في سلسلة الإنتاج والصناعات الحيوية، على أن تخضع باقي عمليات الاستيراد للترخيص المسبق.

وشدد الرئيس، وفقًا لبيان مجلس الوزراء المنعقد في الـ 20 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، على ضرورة بذل كل الجهود لتوفير الأدوية ورفع درجات اليقظة، ما يستدعي من وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني اتخاذ إجراءات فورية وفعّالة لتوفير هذه الأدوية.

ويأتي ذلك في سياق انتقادات متعددة من النواب والبرلمانيين لوزير الصناعة والانتاج الصيدلاني علي عون، والذين تساءلوا عن طريقة تسيير هذا الوزير لملف تصنيع السيارات واستيرادها، واتهمّوه بعدم وضوح التصريحات حول استيراد المركبات، وإصراره على اعتبار السيارة منتجات كمالية للمواطنين.

ولم تتوقف الانتقادات عند هذا الحد، بل طالت أيضًا وزير الفلاحة والتنمية الريفية، الذي يُتوقع منه ضمان وفرة المواد الأساسية في السوق.

هذه المطالب تعكس حجم الضغوطات التي تواجه الحكومة في تحقيق الاستقرار في الأسواق وضمان تلبية احتياجات المواطنين، مما يستوجب اتخاذ قرارات جريئة وفورية لتفادي أي تدهور إضافي في الأوضاع.

5  مواصفات للوزير الأول المنتظر

في أعقاب مناقشة مشروع قانون المالية لعام 2025 الذي يُنتظر أن يشهد جلسات عامة بالغرفة السفلى للبرلمان خلال أيام 4، 5 و6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تترقب الأوساط السياسية والإعلامية في الجزائر التعديل الحكومي المنتظر الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وهو الذي يراه الكثيرون، حسب النائب السابق بالمجلس الشعبي الوطني هواري تيغريسي، خطوة مفصلية في التحول الاقتصادي الذي تتجه إليه البلاد.

وسبق وأن قال رئيس الجمهورية إن هذا التعديل سيكون قبل نهاية السنة، وبعد استكمال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025 بالبرلمان.

 وفي المراحل التي تنتظر هذا التغيير الذي سيقيل معظم الوزراء ويأتي بكفاءات جديدة، يقول تيغريسي في إفادة لـ "الترا جزائر"، بعد المصادقة النهائية على مشروع قانون المالية بالمجلس الشعبي الوطني والمنتظرة قبل 10 نوفمبر / تشرين الثاني 2025، ومن ثم مجلس الأمة، حيث يتوقع أن يبقى القانون هناك لـ 10 إلى 15 يومًا، قبل أن يُقدم الرئيس عبد المجيد تبون على تعيين وزير أول جديد قبل منتصف ديسمبر / كانون الأول.

ويرى المتحدث أن الرئيس الجديد للجهاز التنفيذي يفترض أن يتميز بخمس مواصفات أولها أن يكون قادرًا على قيادة المرحلة المقبلة التي تُعد وفق تصريحات الرئيس تبون "عهدة اقتصادية بامتياز".

كما من المتوقّع أن يحمل التعديل الحكومي شخصية ذات كفاءة وخبرة في الملفات الاقتصادية، خاصّة وأن العهدة المقبلة ستشهد تحديات كبرى تتطلب شخصية ذات صرامة وقدرة على تنفيذ التعليمات الرئاسية الصادرة عن مجلس الوزراء.

وقد أكد الرئيس تبون مرارًا أهمية اختيار فريق حكومي قادر على العمل الجماعي والنجاح، في ظلّ التحديات الاقتصادية الراهنة، وهي مواصفات أخرى ضرورية في الشخصية المقبلة، مشيرًا إلى أن الحكومة الجديدة يجب أن تتسم بالانسجام والكفاءة.

ومن المعروف، يشدد تيغريسي، أن التعديل المنتظر سيكون الأول منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، حينما تم إنهاء مهام الوزير الأول السابق أيمن بن عبد الرحمن وتعيين رئيس ديوان رئاسة الجمهورية نذير العرباوي وزيرًا أول، حيث أن العرباوي احتفظ بكامل الطاقم الحكومي آنذاك، ولم يشهد التعيين أي تغيير في تشكيلة الحكومة، إلا أنه وبعد تقديم العرباوي استقالته، عقب أداء الرئيس تبون اليمين الدستورية لعهدته الثانية، تم تأجيل البت في هذه الاستقالة لحين الانتهاء من الملفات العالقة، بما في ذلك الدخول المدرسي والجامعي الجديد ومناقشة موازنة 2025.

وضمن المواصفات المطلوبة لخليفة العرباوي، يرتقب أن يجلب التعديل الحكومي المنتظر وزيرًا أول يمتاز بالكفاءة السياسية والقدرة على فرض الانضباط داخل الطاقم الحكومي، فضلاً عن تنسيق الجهود بين الوزراء.

وسيكون هذا الوزير الجديد، بالتشاور مع رئيس الجمهورية، مكلفًا باختيار فريق حكومي قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق الأهداف المنشودة، يضيف تيغريسي.

النائب هواري تيغريسي: يُتوقع  أن يحمل التعديل الحكومي شخصية ذات كفاءة وخبرة في الملفات الاقتصادية

وختامًا، يبقى التساؤل قائمًا حول هوية الوزير الأول الجديد والطاقم الحكومي الذي سيرافقه، في ظل تطلعات الشارع الجزائري نحو حكومة قوية قادرة على تنفيذ رؤية الرئيس تبون في تحقيق التحول الاقتصادي الذي تحتاجه البلاد، حيث تم تداول أسماء وزراء في قطاعات استراتيجية اليوم لترؤس الجهاز التنفيذي في المرحلة المقبلة، فهل سيكون ذلك؟