مجتمع

أشياء تسكن الجزائريين.. "القديم لا نفرط فيه"

31 مارس 2016
GettyImages-53044027.jpg
حزينة هي شرفات العاصمة الجزائرية فمنها ما تحمل هموم الكثيرين وبقايا أشيائهم(تيم غراهام/Getty)
فتيحة زماموش
فتيحة زماموش

سألتها لماذا تفضلين الاحتفاظ بالأشياء القديمة، فردت: "إنها حياتي، تاريخي، الماضي الذي يحفظ اللحظات الجميلة، فحتى الذاكرة تبدأ في النسيان وتشيخ مع مرور الزمن، إلا أن الأشياء تحتفظ بقيمة اللحظة ولو بعد مرور العشرات من السنين".

حتى الذاكرة تبدأ في النسيان وتشيخ مع مرور الزمن، إلا أن الأشياء تحتفظ بقيمة اللحظة ولو بعد مرور العشرات من السنين

هذه حكمة السيدة حليمة، 69 سنة، من منطقة "الأوراس"، 520 كيلومترًا شرقي العاصمة الجزائرية، في توثيق لحظاتها ليس بكاميرا أو صور وإنما بالحفاظ على أشيائها القديمة التي لا تفرط فيها، تقول لـ"الترا صوت" إن "الكثير من الأشياء تذكرها بلحظات قضتها مع زوجها المرحوم وبعضها يذكرها بمختلف فترات إنجابها لأولادها التسعة وبعضها يذكرها بلحظات محزنة، كيف كانت قوية وكيف كافحت من أجل أن ترى فلذات كبدها وهم اليوم في مراتب عليا".

اقرأ/ي أيضًا: عن الأماكن وبروتكولات الفقد

المثير في الأمر، الآن، أن احتفاظها بـ"القديم"، صار يلاقي الرفض من جزء كبير من المجتمع وتُطرح عليها أسئلة مختلفة وهناك من يستخف بإبقاءها على تلك "الأشياء"، التي يعتبرون أنها لا تضاهي الموضة ولا قيمة مادية لها، بحد تعبير أولادها وزوجاتهم وبناتها أيضًا، لكن المتحدثة ترد بألم كبير، "إنهم عالمي الخاص ويربطني بهم الحنين".  

الملابس، الملاحف، الأغطية، الأثاث، الأواني وأشياء قديمة مختلفة تزين زوايا البيوت وتشكل نوعًا من الديكور، تفضل الكثيرات في الجزائر عدم تغييره، وحتى إن قررن التعديل لا يقمن بإلقاء القديم بل بالعكس هناك من تحتفظ به في شرفة المنزل أو في غرفة فارغة أو حتى تقوم بعضهن بوضع هذه الأشياء بعناية في علب كبرى، المهم أن لا تخسر الأشياء ذاكرتها.

كثيرات في الجزائر يتعلقن في لحظات حميمية بالأشياء حتى وإن كانت بلا فائدة، ولكل سيدة فلسفتها في التقديس أيضًا. معظم هذه الأشياء عالقة بالذاكرة بصفة عامة أو بمرحلة من مراحل الحياة بشكل خاص مثل الزواج، تقول السيدة زبيدة، 75 سنة، لـ"الترا صوت": "هذا اللحاف اشترته قبيل زواجها، أي قبل 52 سنة، وحتى ذلك الغطاء القديم وعلبة الكحل وسواري الذهبي المرصع بما يسمى "اللويز"، إنه لا يفارق معصمي، كلها من رائحة المرحوم زوجي ولا يمكن أن أستغني عنها".

اقرأ/ي أيضًا: أنزلقُ نحو يومي الجديد كحشرجة

"الجديد حبو والقديم لا تفرط فيه"، حكمة أخرى للجدات في الجزائر، فمن يفرط في ماضيه لا حاضر له ولا مستقبل له. السيدة أم هاني، التي تعيش في منطقة القصبة العتيقة بأعالي العاصمة الجزائرية، وهي ترفض إلى هذه اللحظة مغادرة بيتها بالحي العتيق رغم أنه على وشك الانهيار، هي إحدى هؤلاء. تتعلق أم هاني بالمكان وبرائحة الحواري الضيقة في "القصبة"، ولا تنسى جيرانها وصديقات الطفولة والعمر، والمكان بالنسبة لها "غالي"، فكل ما يبقيها مرتبطة بالحياة هي الذكريات، وبخاصة صندوق جدتها الخشبي الذي لا تزال تحتفظ به وقد وعدت بتركه لحفيدتها الصغيرة بعد وفاتها.

حزينة هي شرفات العاصمة الجزائرية فمنها ما تحمل هموم الكثيرين وبقايا أشيائهم وبعضها الآخر يحمل أحلامهم وجزءًا مما علق بذاكرتهم. الاحتفاظ بالأشياء القديمة هي خاصية يتميز بها الكثيرون، خاصة من لا يملكون الشجاعة للتخلص منها حتى وإن انتهت صلاحيتها وهناك من يتوارثها أبًا عن جد فتتحول إلى ذكريات تحمل السعيد والمحزن.

اقرأ/ي أيضًا:

شعر أمازيغ الجزائر.. ذاكرة الألم

حديث المطار.. عن سحر مدن الجزائر

الكلمات المفتاحية

أعمال خيرية خلال رمضان

"المطبخ المُتنقل".. جسر للتّضامن وإفطار الصائمين في رمضان


(الصورة: فيسبوك)

الأرق الرمضاني في الجزائر.. ظاهرة متزايدة تهدّد الصحة

مع حلول شهر رمضان، تتغير العادات اليومية بشكل كبير في الجزائر، حيث يصبح النوم أحد أكبر التحديات التي يواجهها الصائمون. فبين السهر الطويل لمتابعة البرامج التلفزيونية الرمضانية، تغير أوقات الوجبات، وضغط الالتزامات اليومية، تتأثر الساعة البيولوجية للجسم بشكل ملحوظ، مما يجعل النوم غير منتظم ويؤدي إلى الأرق الرمضاني.


جدارية للشهيدة حسيبة بن بوعلي

عيد المرأة: بطولة الشهيدة حسيبة بن بوعلي.. فُرصة لتجديد الذّاكرة

في زاوية من زوايا القصبة العتيقة؛ سطع نجم فتاة لم تتجاوز السابعة عشرة، رمزًا للتضحية والفداء في سبيل الوطن، إبان فترة الاستعمار الفرنسي؛ إنّها الشهيدة حسيبة بن بوعلي .


"طيّاب الأوراس".. كفاحٌ بطعم الخبز والخير على كرسي متحرك

"طيّاب الأوراس".. كفاحٌ بطعم الخبز والخير على كرسي متحرك

كل ظهيرة، يشقّ عبد الكريم شافعي، 28 سنة، طريقه على كرسيه المُتحرّك من حي سلسبيل إلى موقف "باركافوراج" المُقابل لبلدية الزمالة بباتنة (شرق). تسبقه زوجته، ذات الثلاثين ربيعًا، إلى مقر عمله الصغير جوار محطة الحافلات.

(الصورة: فيسبوك)
ثقافة وفنون

المخرج عباس فيصل: تمثيل الجزائر في مهرجان "العودة" الفلسطيني شرف لا يقدّر بثمن

عباس فيصل ممثل مسرحي ومخرج سينمائي صاعد متخصص في صناعة الأفلام الوثائقية، حاصل على شهادتي تقني سامي في المحاسبة والتسيير، وليسانس في علم المكتبات والمعلومات، يترأس نادي الفن السابع بالجزائر العاصمة، شارك في عدد من المهرجانات الدولية وسيكون له حضور في مهرجان فلسطيني قريبا، سيتحدث عنه وعن تيمته وعن فيلمه الذي سيعرض ضمن هذه الفعالية، كما سيتطرق عبر حواره مع "الترا جزائر" إلى السينما…

جامعة الجزائر 3
أخبار

إنشاء 50 مؤسسة مصغرة في جامعة الجزائر

أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي كمال بداري، اليوم الخميس أنّ جامعة الجزائر 3 نجحت في إنشاء 50 مؤسسة مصغرة، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 150 مؤسسة في نهاية الموسم الدراسي الحالي (20224-2025).


موسم الحج 2025
أخبار

حجّ 2025.. فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية" وتطبيق "ركب الحجيج"

كشف الديوان الوطني للحج والعمرة في الجزائر في بيان له اليوم الخميس، عن برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج" لحساب موسم الحجّ 2025.

وزارة الخارجية الجزائرية (صورة: أرشيف)
أخبار

قضية بوشوارب.. الجزائر تتهم باريس بعدم التعاون في مجال تسليم المطلوبين

كشف بيان رسمي للخارجية الجزائرية مساء اليوم الخميس عن غياب تام للتعاون في المجال القضائي مع فرنسا على خلفية رفض القضاء الفرنسي، أمس الأربعاء تسليم الجزائر الوزير الأسبق للصناعة عبد السلام بوشوارب.