18-أكتوبر-2022
سباق نسوى ضد السرطان

سباق نسوي للتحسيس بمخاطر السرطان (الصورة: بشير رمزي/أ.ف.ب)

تتمسك الجزائر كل عام بإحياء مبادرة "أكتوبر الوردي" المخصصة لمكافحة سرطان الثدي الذي أصبح يسجل نسبًا عالية في البلاد. وهذه المبادرة عالمية وليست مقتصرة على الجزائر، فقد بدأ العمل بها على المستوى الدولي في أكتوبر 2006، حيث يشهد العالم  في هذا الشهر حملات توعية ومبادرات خيرية من أجل الفحص المبكر وتقديم المعلومات والمساندة للمصابين بهذا المرض.

الدكتورة آسيا موساي: وحدات العلاج لم تعد تستوعب عدد المريضات بسرطان الثدي

 ويعد "أكتوبر الوردي" مناسبة ذات أهمية بالغة في الجزائر بالنسبة للسلطات الصحية والجمعيات والمنظمات التي تعنى بمرض السرطان، فالبلاد تعرف منذ تسعينات القرن الماضي تزايدا كبيرا في حالات السرطان، حيث انتقلت من 10 آلاف حالة جديدة للسرطان إلى 55 ألف حالة جديدة سنويًا.

ويحتل سرطان القولون والمستقيم المرتبة الأولى عند الرجال والثاني عند النساء بعد سرطان الثدي والذي يعد السرطان الأول عند النساء في العالم والجزائر، حيث تم تسجيل 12 ألف حالة جديدة لسرطان الثدي سنويا، و5 آلاف حالة جديدة لسرطان الرئة و5 آلاف لسرطان البروستات، وفق أرقام رئيس الجمعية الوطنية الجزائرية لمكافحة أمراض السرطان، البروفيسور كمال بوزيد.

ما هو سرطان الثدي؟

يقول دكتور محمد كواش، الطبيب المختص في الصحة العمومية، في حديث  مع "الترا جزائر" إن سرطان الثدي هو تضاعف خلوي غير منتظم يصل الى الغدد اللمفاوية ويتحول إلى كتلة على مستوى الثدي أو الإبط تسبب أورام خبيثة بنسبة  15بالمائة بينما تكون كتل حميدة بنسبة 85 بالمائة. وأكد المتحدث على أهمية الفحص اليدوي للثدي بصفة دورية فهو يساهم في التشخيص المبكر ويساهم في تسريع العلاج وفعاليته، حيث أن 75بالمائة من حالات سرطان الثدي يتم الشفاء منها إذا كان التشخيص في المراحل الأولى من تطوره و 25 بالمائة  لا يتم الشفاء منه بسبب تأخر التشخيص.

وأضاف الطبيب محمد كواش أن سرطان الثدي لا يصيب فقط النساء ولكن الرجال  معرضين له بشكل نادر، لذا وجب على الشخص طلب استشارة فورية للطبيب إذا لاحظ  تغيرات، لافتا إلى  أن سرطان الثدي هو سرطان وراثي، لذلك التشخيص عبر  الفحص السريري والماموغرافي يجب أن يكون فحصا تلقائيا عند أي امرأة توجد حالة سرطان ثدي في عائلتها بدرجة قرابة أولى وثانية وثالثة.

وبخصوص أسباب ظهور سرطان الثدي، أبرز الدكتور أن العامل الوراثي يلعدب دورا بنسبة من 5 الى 10 % وعامل السن أيضًا،  حيث أن 80 من الحالات تأتي بعد الخمسين سنة و 18 بالمائة فقط قبل  سن الأربعين،  بالإضافة إلى عوامل أخرى منها البلوغ المبكر وسن اليأس المتأخر والحمل بعد سن الثلاثين والسمنة المفرطة خاصة بعد سن اليأس واستعمال موانع الحمل والهرمونات بطريقة فوضوية وإدمان الكحول والتدخين،  والتعرض للإشعاعات والتعرض لأشعة الشمس لمدة طويلة دون وسائل حماية. ومن أعراض هذا السرطان، الواجب الاحتياط منها، وجود تورم أو كتلة في الثدي أو تحت الإبط وتغير شكل وملمس الثدي ووجود إفرازات غير عادية في الحلمة وآلام على مستوى الثدي.

وعن الوقاية من سرطان الثدي، قال الدكتور إن اتباع  النظام الغذائي الصحي وممارسة الرياضة وتجنب الوزن الزائد، عوامل  تساهم في التقليل من فرص الإصابة به، بالإضافة إلى الابتعاد عن الكحول والتدخين وموانع الحمل الهرمونية، كما شجع على الرضاعة الطبيعية والولادات المتكررة للوقاية من سرطان الثدي.

حملات التوعية

من جانب آخر، لاحظ الطبيب محمد كواش في السنوات الأخيرة ارتفاع  الوعي بأهمية الفحص الذاتي والكشف المبكر، فأصبحت الكثير من الحالات تأتي للطبيب بسرطان في مراحله الأولى مما يسمح بالعلاج والشفاء منه. 

وفي الواقع، تقوم عدة جمعيات في السنوات الأخيرة بحملات تحسيس، كما أخذت مخابر أدوية على عاتقها الترويج لأهمية الفحص. وباتت عيادات أشعة في هذه الفترة من السنة تعرض خدماتها مجانا على النساء من أجل الفحص، خاصة من اللواتي لا تسمح لهن الإمكانيات بذلك.

وفي قلب العاصمة الجزائرية، تنصب بالموازاة مع الأيام الأولى لشهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، خيام يشرف عليها أطباء وممرضون متخصصون، ويتم فيها إجراء الفحوصات اللازمة وتقديم النصائح ودعوة النساء لأن يمرروا الرسالة في محيطهم العائلي وفي العمل وعلى مستوى الحي، لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المريضات في الوقت المناسب. وللفت الانتباه، تزينت عمارات الجزائر الوسطى، بديكور وردي ولافتات كبيرة تحث النساء على التقدم للكشف.

من جانبها، طالبت الدكتورة آسيا موساي، الطبيبة المختصة في طب الأورام وسرطان الثدي في تصريح "الترا جزائر"، السلطات المختصة بتسطير برنامج توعية وتحسيس على نطاق واسع، وعدم الاكتفاء بالمدن الكبرى، لأننا مازلنا رغم وجود جمعيات ناشطة وجهد إعلامي وتوعوي نشهد للأسف حالات لنساء في مرحلة متقدمة من سرطان الثدي. وذكرت أن حملات التوعية موجودة لكنها ليست بالوتيرة العالية ولا تصل إلى مناطق الظل حيث توجد نسبة أمية مرتفعة ولا تعرف فيها المرأة ما هو سرطان الثدي إطلاقا.

سرطان الثدي في المستشفيات

وعن واقع هذا المرض في الجزائر، توضح الدكتورة آسيا موساي في حديثها، أن سرطان الثدي يمثل 40 بالمائة من السرطانات التي تصيب المرأة في الجزائر،  وهو بذلك السرطان الأول الخاص بالنساء في البلاد.

وأضافت الدكتورة أنه على الرغم من جهود الدولة في فتح وحدات طب الأورام في غالبية مستشفيات ولايات الوطن، إلا أن هناك نقصًا في عدد الأماكن خاصة  في الولايات الكبرى مثل العاصمة وهران قسنطينة، نظرًا لأن وحدات العلاج لم تعد تستوعب عدد المريضات بسرطان الثدي.

وأبرزت أن هذا النقص في الأماكن، هو في جانب منه مؤشر إيجابي لأنه يكشف مدى الوعي والإقبال على الكشف المبكر، بينما كانت في السابق نسبة الوفيات كبيرة نتيجة الجهل بالاعراض والقدوم إلى المستشفيات بسرطان متقدم مما يحدث الوفاة مباشرة وبالتالي بقاء الأسرة في المستشفيات شاغرة.

الدكتورة آسيا موساي أكّدت أنها على اطلاع بالإشكالات المتعلقة بالانقطاعات المتكررة التي تعرفها أدوية السرطان

وبخصوص العلاج المتبع في الجزائر، قالت المختصة إن هناك أملًا في أن تتحسن الظروف لأن هناك إدارة جديدة تولت ملف الأدوية في وزارة الصناعة الصيدلانية في الجزائر، وهي مطلعة على الإشكالات المتعلقة بالانقطاعات المتكررة التي تعرفها أدوية السرطان.