05-فبراير-2020

محمد واجعوط، نورية بن غبريت (الصورة: الشروق أونلاين)

تعتزم الحكومة الجزائرية، القيام بإصلاحات جديدة في قطاع التربية، تكون "جذرية" مثلما قال وزير القطاع محمد واجعوط، الذي انتقد الوضع الذي يعيشه ميدان التعليم في الجزائر، خاصّة بعد تطبيق إصلاحات "الجيل الثاني"، التي أتت بها الوزيرة السابقة نورية بن غبريت.

أوضح وزير التربية والتعليم، أن الكوارث التي حدثت في التعليم وصلت إلى حد ارتكاب أخطاءٍ في المصطلحات

ومثلما كان لكلّ رئيس في البلاد دستوره الخاصّ، كان أيضًا لكلّ رئيس لمسته في قطاع التربية، وآخرهم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي قام في 2003 بتغييرات واسعة في قطاع التربية، تحت ما يعرف بلجنة علي بن زاغو لإصلاح المنظومة التربوية، فكيف ستكون لمسة الرئيس الجديد عبد المجيد تبون في هذا القطاع الحسّاس؟

اقرأ/ي أيضًا: وزيرة التربية الجزائرية.. وسياسة الهروب إلى الأمام

قطاع حسّاس

لم يتردّد وزير التربية الجديد محمد واجعوط، بعد أيّام فقط من تسلّم مهامه، عن إطلاق النار على فترة الرئيس بوتفليقة، والتي أتت بإصلاحات "الجيل الثاني" في مجال التربية والتعليم، رغم معارضتها من قبل فاعلي المنظومة التربوية، من أساتذة ومعلمّين ومفتشين، في ذلك الوقت.

وقال واجعوط، إنّ المناهج التربوية المدرجة ضمن إصلاحات "الجيل الثاني" مكّدسة بالأخطاء، وتحتاج إلى إعادة قراءة وتصحيح.

وكشف الوزير، مثلما نقلت الصحافة الجزائرية، أنّ الإصلاحات التربوية التي مسّت مناهج الطورين الابتدائي والمتوسّط، باستثناء السنة الخامسة ابتدائي والرابعة متوسط، "مليئة بالأخطاء في جميع المواد، ووجب استدراكها".

وطُبّقت إصلاحات "الجيل الثاني" على الطورين الابتدائي والمتوسّط، وكان منتظرًا أن تشمل خلال الموسم الدراسي الحالي، السنة الرابعة متوسّط والخامسة ابتدائي، غير أن الأمر تأجّل عقب حراك الـ 22 شباط/فيفري، الذي أطاح بالرئيس بوتفليقة وحكومة أحمد أويحيى، التي كانت تضمّ الوزيرة نورية بن غبريت.

 أخطاء علمية

وأوضح وزير التربية والتعليم الجديد، أن الكوارث التي حدثت مع إصلاحات "الجيل الثاني"، وصلت إلى حد ارتكاب أخطاءٍ في المصطلحات، مبينًا أن "بعض المصطلحات، بعيدة كل البعد عن الحقل المعرفي والدلالي".

ودعا الوزير، مفتشي التربية إلى الإسراع في معالجة هذا الخطأ "بتوحيد المصطلحات المتداولة بين الفاعلين التربويين، من خلال وضع قواميس خاصّة بالمصطلحات العلمية، المتعارف عليها دوليًا ومعرفيًا في جميع المواد، حيث لا يُمكن لأيٍّ كان أن يجتهد خارج أطر المنظومة التربوية".

ويُسقط هذا الخطأ الذي تحدّث عنه الوزير، الحجّة التي من أجلها جاءت "إصلاحات بن زاغو"، التي تذرّعت وقتها باستبدال الرموز العربية بالفرنسية، من أجل توحيد المصطلحات العلمية، غير أنه تبيّن أنها لم تنجح حتّى في هذا الجانب.

تصريحات وزير التربية، حسب متتبّعين، لم تنطلق من خلفية انتقاده للمنظومة السابقة، ولكن لقدرته على الوقوف بنفسه على هذه الأخطاء، لأنّه أستاذ متخصّص في الرياضيات، وينتمي إلى المدرسة الوطنية متعدّدة التقنيات، التي يشهد كثيرون بمستوى التعليم فيها، مقارنة بباقي المؤسّسات الجامعية الأخرى.

مجرّد شعارات

بالنسبة لوزير التربية الجديد، فإن الخطابات السابقة التي رفعتها الوزارة والحكومة في عهد الرئيس السابق، المتعلقة بعصرنة وتحديث المدرسة، كانت مجرّد شعارات فقط. حيث اعتبر محمد واجعوط، أن مضمون الإصلاحات التي تمّت في السنوات الماضية، كان نتاجه هدم مراحل التعليم الابتدائي.

وسبق لنقابات التربية، أن حذّرت مما يحدث في التعليم الابتدائي، بعد التخلّي عن مدرسة التعليم الأساسي، بإصلاحات كرّست تعليم الفرنسية في السنة الثالثة ابتدائي، ومنهج تدريس للرياضيات، زاد من ضعف مستوى التلاميذ في هذه المادة الأساسية.

وبالنسبة لعضو لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية، بالمجلس الشعبي الوطني، مسعود عمراوي، فإن مناهج "الجيل الثاني" أتت بـ "مقرّرات تفوق مستويات التلاميذ. ومثال ذلك كتاب اللغة الفرنسية للسنة الخامسة ابتدائي والرابعة متوسّط، فبعد طبعهما رُفضا نهائيًا من طرف خبراء جزائريين، يدرّسون بالمدرسة العليا للأساتذة، حيث أقرّوا بأن محتوى كتاب السنة الرابعة متوسّط، يُدرّس في مستويات الماستر بالجامعة الجزائرية، وهو ما جعل الأستاذة يتخلون عنهما، ويواصلون الاعتماد على المناهج القديمة حتى اليوم".

وأضاف النقابي السابق، مسعود عمراوي، أن حصيلة مناهج "الجيل الثاني"، هي حجم ساعي كثير وكبير على التلميذ، والعجز التام في تطبيق المقاربة بالكفاءات، وبالأخص الوضعية الإدماجية في الأقسام النهائية منذ تطبيق الإصلاحات، وتقزيم التاريخ الوطني والشخصيات الوطنية التاريخية، وأخطاءٌ فادحة وبالجملة، لغوية وعلمية في كل الكتب المدرسية وبدون استثناء.

وإن أبدى الوزير الجديد، نيّة وتفاؤلًا في إنقاذ المدرسة الجزائرية، من الوحل الذي تغرق فيه، إلا أن عمراوي، يعتقد أن ذلك لن يكون سهلًا، لأنّ الإصلاح كان "إيديولوجيًا بحتًا لفرض سياسة الأمر الواقع، وأيّ وزير يأتي بعد بن غبريت، يجد نفسه عاجزًا عن تغيير مضامين الكتب التي أنفقت الخزينة العمومية على طباعتها الملايير والملايير، وكانت نتيجتها نتائج ضعيفة وتدنٍ في المستوى الدراسي".

لن ينجح أي إصلاح جديد حتى ولو كان جذريًا، إلا بالاستماع لانشغالات الأستاذة

وحتى وإن صدقت نيّة وزير التربية، في إنهاء مشاكل قطاع التربية، والتخلّص من بقايا بن غبريت، يبقى تحقيق ذلك مربوطًا في البداية بمعالجة مشاكل موظفي القطاع، الذين لن ينجح أي إصلاح جديد حتى ولو كان جذريًا، إلا بالاستماع لانشغالاتهم ومحاولة حلّها، خاصّة وأن قطاعه يشهد إضرابات مستمرّة منذ تنصيبه في الحكومة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

صيف ساخن في قطاع التربية الجزائري

وزير التربية: نرفض تسييس المدرسة الجزائرية