دخلت حملة الانتخابات الرئاسية المنتظر تنظيمها في الـ 7 أيلول/ سبتمبر المقبل، آخر يومها من الأسبوع الأول، إذ باشر كلّ من المتنافسين الثّلاثة منذ الخميس الماضي الموافق لـ 15 آب/ أوت الجاري شرح برامجهم الانتخابية ومحاولة إقناع المواطنين بفحوى تصوراتهم للخمس سنوات المقبلة، مع تقديم تعهداتهم للنّاخبين من أجل المشاركة القوية والتصويت يوم الاقتراع.
نحى التّفاعل الشعبي مع المرشحين الثلاثة يبدو في تصاعد لافِت، بعدما كان بطيئا في يومه الأول
بعد مُرُور أسبوعٍ من الحملة الانتخابية، شهِدت فصولها الأولى العديد من النّشاطات والتجمّعات الشّعبية سواء قادها المتنافسون ويتعلق الأمر بكل من يوسف أوشيش عن حزب جبهة القوى الإشتراكية، وعبد العالي حساني شريف عن حركة مجتمع السلم، والمترشح الحرّ عبد المجيد تبون، أو نشطها الداعمون لهم، وكان نسقها يرتفع شيئاً فشيئاً فضلا عن لقاءات جوارية وسط وشرق وغرب وجنوب البلاد.
ويبدُو أنّ منحى التّفاعل الشعبي مع المرشحين الثلاثة في تصاعد لافِت، بعدما كان بطيئا، في يومه الأول وهو أمر معتاد عليه في الحملات الانتخابية، غير أنهم نجحوا في دخول "موفّق" في الحملة منذ اليوم الثالث، على الرّغم من توقعات كانت تُرجِّح أن يكون التفاعل الشعبي أقلّ من ذلك بسبب العطلة الصيفية والحرارةالتي تشهدها البلاد.
شباك الناخبين.. التنمية والسكن والأجور
حتّى الآن يبرُز عامل إيجابي في بدايات الحملة، يتعلّق بالتركيز على القضايا الاجتماعية والمسائل الاقتصادية، وذلك ما يشكّل تطورًا في الأداء الانتخابي مقارنة باستحقاقات سابقة.
فبالنّسبة لمرشّح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، فركّز في خرجاته منذ اليوم الأول من الحملة الانتخابية كثيرا على تكرار أهمية انخراط الشباب في العملية الشبابية، وأنّ حيوية عنصر الشباب هو أساس "بناء الجزائر والمستقبل"، مفيدا بأنّ نهوض الجزائر يتمّ" بسواعد الشباب"، كما شدّد على أنّ التغيير المنشود لن يكون إلا بالمشاركة بقوة في الانتخابات.
كما نال مِحور الاقتصاد، حيِّزا مُهمًّا من خِطاب أوشيش، لافتاً إلى أنّ برنامجه "يحمِل رؤية شاملة للنّهوض بقطاع الاقتصاد وتنويعه"، يسعى إلى توظيف أُطُر اقتصادية وتنموية من شأنها أن تُخرِج البلاد من سياسة الريع، ومُحاربة السوق الموازية، عن طريق "تحسين مناخ الأعمال، بالإضافة إلى رفع حجم الصادرات وعصرنة النّظام البنكي والمالي.
كما شدد أوشيش في عرض "رُؤية للغد" في مختلف خرجاته ولقاءاته مع المواطنين على عملية خلق أقطاب اقتصادية متصلة ومتكاملة حسب الخصوصيات الإقليمية، بدورها تعمل على تمكين المواطنين ليكونوا حلقة من حركية التنمية.
بدوره، شدّد مرشح حركة مجتمع السلم، حساني شريف عبد العالي، على أنّ "برنامجه الانتخابي فرصة للشباب والمرأة، والاهتمام بالقضايا التي تشغل المرأة العاملة أو الماكثة في البيت.
مرشّح حمس، رافع هو الآخر عن رفع الأجور وخاصة فيما تعلق بقطاع التعليم العالي والأستاذة عموما، لتصل حسب قوله إلى "مستوى أجور الإطارات السامية للدولة، لأنّهم عصب قطاع التربية وأساس التعليم الذي تقوم عليه البلاد".
وفي سياق عرض برنامج" فرصة" وعد أنه إن حصل على ثقة الناخبين، بالعمل على توفير فرص الشغل للشباب وتشجيع الاستثمار وتوفير مناخ مناسب للرفع بالأعمال، التي تستهدف تحقيق التنمية والاهتمام أكثر بالمجال السياحي، لتكون بذلك من مصادر المداخيل التي تعتمد عليها البلاد.
كما وصف حساني برنامجه الانتخابي بأنه موجه لكافة فئات الشعب، لذا سيكون مبني على أساس الإصلاح والاقلاع الاقتصادي.
أمّا المترشح الحرّ عبد المجيد تبون، فقد رافع في خرجته الأولى لمدينة قسنطينة، شرق البلاد، عن عهدة رئاسية اقتصادية بـ"امتياز"، في حال تجديد الثقة فيه.
ومن بين محددات تصوراته لتنفيذ برنامجه؛ قوامها النمو واستمراره في تحسين السلبيات في التعاطي مع المسائل التنموية، ومواصلة مُحاربة الفساد والرّشوة والمحسُوبية.
وبخصوص هذا الموضوع، ذكر أهمّ الخطوات في برنامجه " من أجل الجزائر منتصرة" الذي عرضه في اليوم الرابع من الحملة، يتعلق بإنجاز 2 مليون وِحدة سكنية من مختلف الصيغ لاسيما صيغة السكن الريفي والسكن الاجتماعي.
وأكد على أنّ برنامجه سيركّز على الحد من استيراد بعض المواد الاستهلاكية على غرار القمح الصلب والشعير، فضلا عن استغلال الصناعة أكثر في سياق تنويع مداخيل العملة الصعبة.
كما وعد بتعزيز القدرة الشرائية، عبر عدة تدابير أهمها محاربة المضاربة والتضخم مع مواصلة رفع الأجور.
خارِج جدل السياسية
والمُلاحظ في أسبوع الحملة الأول؛ تراجع القضايا السياسية والجدلية التي كانت تشكّل محور خلاف ومشاحنة سياسية في السابق مثل المدرسة والدّين والمرأة وغيرها.
وشدد المتابعون على أن الواضح جدا أنّ هناك تركيز أساسي من قبل المترشحين على الاقتصاد والتنمية وتقديم الحلول والبدائل، أكثر من التركيز على توصيف المشكلات والأزمات.
وفي هذا السياق، يعتقد الباحث في العلوم السياسي، عبد الله كحول (جامعة الجزائر)، أنّ الحملة الانتخابية أبانت عن تطور في الخطاب الاقتصاد والبحث عن " ما يريده المواطن"، في علاقة بالأجور والسكن والشغل، مشددا على أنّ القضايا القريبة من المواطن هي التي باتت مثار الاهتمام على الأقل في مستوى المواطن البسيط.
كما بدا لافِتاّ أنّ المرشّحين المنافسين للرئيس، تجنّبا توظيف أرقام عن الفترة العهدة الأخيرة، أو حتى التركيز على بعض السلبيات، وإخفاقات الحكومات المتعاقبة.
تدخلات إعلامية
شهد الأسبوع الأول، ملاحظات تقنية أهمها تنبيه السلطة الوطنية للانتخابات لتحديد مرة أخرى عملية تكافؤ الفرص بين المترشحين الثلاثة في علاقة بالتدخلات في الإعلام الذي يغطي أنشطة المترشحين، حتى لا يعطي أفضلية واسعة في مساحات التغطية لمرشح على حساب آخر.