بعدما شهدت سوق إشهار المكمّلات الغذائية والمواد الصيدلانية، فوضى كبيرة في مجال الإعلانات والترويج عبر وسائل الإعلام المرئية، دعت سلطة ضبط السمعي البصري كل القنوات التلفزيونية إلى "التوقيف الفوري" للحملات الإشهارية الخاصّة بالمواد الصيدلانية، ومنتجات المكمّلات الغذائية، مؤكدة أن الإشهار لهذه المواد يقتضي تراخيص من جهات علمية مختصة.
حذّرت سلطة ضبط السمعي البصري من مشاركة الأطبّاء في الحملات الإشهارية
وشدّد بيان سلطة ضبط السمعي البصري، على أنّ هذا التحذير جاء بعدما تبين وجود "تغليط للرأي العام بالترويج لمعلومات ومعطيات غير دقيقة عن منافع مزعومة لهذه المنتجات، وحثّ المواطنين على استهلاكها بإشراك أطبّاء ومختصّين، واستغلال فئة الأطفال في هذا الإشهار التضليلي، لاستقطاب الزبائن دون مراعاة للمعايير العلمية في ذلك، ولا القواعد القانونية والأخلاقية للإشهار، وهو ما من شأنه إلحاق الضّرر بمستهلكيها وخلق تداعيات ومخاطر صحيّة عليهم".
اقرأ/ي أيضًا: حصيلة.. 587 إصابة جديدة بكورونا و13حالة وفاة
كما حذّرت سلطة ضبط السمعي البصري، من الانسياق وراء الأوهام ومشاركة الأطباء في الحملات الإشهارية، دون مراعاة التزاماتهم القانونية والأخلاقية.
انتحال صفة التخصص في الصحة الغذائية
في سياق متّصل، سبق أن حذّرت هيئات طبية من استهلاك المكمّلات الغذائية، التي لا تخضع إلى أية رقابة قبْلية وبعدية من طرف مصالح الصحة، وأشارت جمعيات تشتغل في ميدان الصحّة، إلى أن المكمّلات الغذائية تحتوي على منتجات ومستحضرات نباتية وعشبية قد تكون غير متطابقة مع المعايير الصحيّة العالمية والوطنية، وقد تتسبب في مضاعفات صحيّة خطيرة.
وأفادت مصادر طبية، أن اللجوء إلى المكمّلات الغذائية يتمّ في الغالب عبر أشخاص ينتحلون صفة التخصّص في الصحة الغذائية، ويتم الترويج لبعض منتجاتهم عبر قنوات إعلامية، كما يمتلك البعض صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي منابر تبقى دون مراقبة من طرف المصالح المختصة .
من جهة أخرى، تُروَّجُ منتجات المكمّلات الغذائية، عبر الاستعانة بوجوه رياضية وفنية معروفة، قصد استهداف أكبر فئة ممكنة من المشاهدين، كما يتم اللجوء إلى نوع من التحايل على المصداقية بإشراك "أطبّاء" دون التمكّن من التحقّق من مصداقية الوظيفة أو التخصّص.
الأطباء يحذرون
في الموضوع ذاته، أوضح مهنيون في السلك الصحي في حديث لـ "الترا جزائر"، أن تعاطي المكمّلات الغذائية بشكلٍ مفرط، يشكّل خطرًا على صحّة الفرد، خاصّة على الكلى والكبد، كما أن لها مضاعفات خطيرة على القلب، وقد تسبب ارتفاع الضغط الدموي، لأنّ أغلبها يحتوي على بعض المنشطات المحظورة علميًا، وبعض "الستيروئيدات - "corticoïdes .
وأضافت المصادر نفسها، أن بعض المنتجات تحتاج إلى استشارة طبية، فالطبيب العام يُمكن أن يصف للمريض بعض المكمّلات الغذائية المسموح والمصرح بها، وفق معاينة وفحص طبّي، يُراعي الحالة الصحية للمريض ووفق جرعة مدروسة ومحدّدة.
من جهة أخرى، كشف أطبّاء أن الأشخاص الذين يبذلون جهدًا أو طاقة ولا تظهر عليهم أعراض مرضية، لا يحتاجون إلى مكمّلات غذائية، بل إلى نمط غذائي متّزن ومتنوّع وتناول الطعام بشكل منتظم، إضافة إلى النوم بمعدل 7 إلى 8 ساعات يوميًا.
تجدر الإشارة، إلى أن قطاع صناعة المكمّلات الغذائية من أكثر القطاعات التي تتعرّض إلى عمليات الغش والتدليس، وعليه ينصح الأطبّاء من التأكّد من المصدر والصانع، واقتناء المكمّلات الغذائية من الصيدليات، بدل محلّات بيع الأعشاب.
قانون الإشهار
في السياق نفسه، يقول الدكتور معاذ تيبنات، أن المكملات الغذائية والمواد الصيدلانية تخضع إلى تراخيص من وزارتي التجارة والصحّة، ويعرف القانون في المادة 207 أن كل المواد التي تستخدم في الطبّ البشري هي مواد صيدلانية.
وأفاد محدث "الترا جزائر"، أن الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية، هي الهيئة التي من المفروض أن تسهر على تنظيم ومراقبة السوق، وكلّ ما يتعلق بعمليات الإشهار، علمًا أن نص المادة 240 من قانون الصحة يمنع منعا باتًا كل أنواع الإشهار للمواد الصيدلانية وليس الأدوية فحسب، موضّحًا أن عمليات الإشهار الأخيرة ورد فيها تحايل على النصوص، ولا تخضع للمعايير نفسها المنصوص عليها.
وفيما يخصّ التسويق الدوائي، يقول معاذ أن بروتوكول الإشهار يخضع إلى شروط مشدّدة وصارمة، كعدم استعمال الأطفال، وعدم انخراط ممارسي الصحّة في الترويج، ولا يجوز على الطبيب التلاعب بنفسية المريض أو المستهلك وفق أخلاقيات الممارسة الطبية، واعتبر المتحدّث، أن تحذير سلطة الضبط جاء في وقته إلى حين استلام الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية مهمّتها ومراقبة السوق وضبطه.
كورونا تضاعف استهلاك الدواء
في السياق نفسه، وفي ظلّ تفشي وباء كورونا والخوف من الإصابة، إضافة إلى زيادة الطلب على الأدوية الوقائية، استغلت بعض الشركات الصيدلانية حالة الهلع للترويج لبعض المنتجات، دون التأكّد من نجاعتها أو تأثيرها الفعلي على حاملي الفيروس، ويتم التسويق لبعض الأدوية عبرمنصّات التواصل الاجتماعي، على أنها محفّز ومقوي للمناعة، على غرار "فيتامين دي" و"فيتامين سي"، أو الزنك والحديد، ما جعل الطلب يتزايد عليها دون وصفة طبية أو استشارة علاجية، كما شملت حملة مكافحة كورونا أيضًا ترويجًا كبيرًا للمهدئات النفسية والعصبية، بسبب حالة القلق والتوتّر من إجراءات الحجر الصحّي.
تزايد الطلب على استهلاك الزنك والحديد وبعض الفيتامينات دون وصفة طبية أو استشارة علاجية
وتؤكّد مصادر طبية، أن كل الأدوية لها مضاعفات صحيّة، لو يتم استخدامها دون استشارة طبيّة أو بشكلٍ مفرط غير خاضع للمتابعة، خاصّة من طرف كبار السن وذوي الأمراض المزمنة.
اقرأ/ي أيضًا:
فيديو مصلحة كورونا.. إيقاف 5 موظفين بالمستشفى الجامعي لقسنطينة
خرق قرار حظر السباحة.. هل تنقل مياه البحر فيروس كورونا؟