07-ديسمبر-2021

مصنع تركيب السيارات بوهران (تصوير: نورالدين زبار/Getty)

جاء تشخيص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للواقع الاقتصادي والصناعي في الجزائر، موافقًا  لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس"، الذي حدد جملة من الصعوبات تواجه قطاع الأعمال في الجزائر، من بينها البيروقراطية غير الفعالة، الفساد، صعوبات التمويل، وعدم استقرار السياسيات.

إسحاق خرشي: وجود إرادة سياسية في بعث النشاط الصناعي لا تكفي لوحدها والانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج ليس بالعملية السهلة

وفي كلمة ألقاها خلال افتتاح اشغال الندوة الوطنية حول الإنعاش الاقتصادي، رسم عبد المجيد تبون أولويات المرحلة القادمة وهي بناء اقتصاد قوي ومتنوع لا يعتمد على المحروقات، وأفاد أن الرهان يتمثل في مساهمة الصناعة في الناتج المحلّي الخام إلى نسبة تتراوح ما بين 10 و15 بالمائة، كما أبدى عن أسفه من كون قطاع الصناعة حاليًا يتراوح ما بين 5 إلى 6 بالمائة من الناتج المحلي الخام.

اقرأ/ي أيضًا: بن عبد الرحمان: 10 مليار دولار مُنحت للاستثمار ذهبت أدراج الرياح

التشخيص خطوة إيجابية

في سياق الموضوع، استحسن سلميان ناصر الخبير الاقتصادي اعتراف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بتفشي الفساد والرشوة وإعاقتها للاستثمار في البلاد، مضيفًا أن تشخيص الصعوبات يسمح بتجسيد وإطلاق المشاريع وتفكيك العقبات البيروقراطية.

وأشار الخبير الاقتصادي، أن إنشاء وكالة للعقار الصناعي من شأنه إبعاد الملف من التلاعبات والبزنس من طرف المسؤولين المحليين، داعيًا في الوقت نفسه، إلى الفعالية الميدانية من أجل تجسيد مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي.

جدير بالذكر، أن وضع القطاع الصناعي خلال العقدين الذين تليًا الاستقلال سنة 1962 كان أفضل بكثير من الوقت الحالي، حيث سُجل أكثر من 20 بالمائة من الناتج المحلي خلال السبعينيات، وبسبب انهيار أسعار النفط بداية ثمانينات القرن الماضي تلاشت القاعدة الصناعية الثقيلة،  وهذا بسبب غياب خطة تنموية متوسّطة وبعيدة المدى، ونقص التمويل المالي، وبعدها تم تفكيك النسيج الصناعي القاعدي بفعل تطبيق توصيات صندق النقد الدولي وسياسة إعادة الهيكلة.

هناك إرادة سياسية؟

من جانبه، أكد إسحاق خرشي، المحلل الاقتصادي في حديث لـ"التر جزائر" أن وجود إرادة سياسية في بعث النشاط الصناعي لا تكفي لوحدها، موضّحًا أن الانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج ليس بالعملية السهلة، بل يتطلب الكثير من الوقت والجهد والاستقرار التشريعي.

وأضاف أخرشي أن البيئة الحالية لا تساعد كثيرًا في جلب الاستثمارات، فالمناخ الاستثماري صعبٌ جدًا وتوجد بيروقراطية منفّرة، إذ حتى رئيس الجمهورية أبدى استيائه من الجهاز البيروقراطي والإدار، على حدّ قوله.

هنا، يستبعد المحلل الاقتصادي تحقيق نسبة 10 أو 15 بالمائة من الناتج المحلي الخام على المدى المتوسط، نظرًا إلى توغل الإدارة في الشأن الاقتصادي، وتحكمها في صناعة القرار الاقتصادي، داعيًا إلى التخفيف في إجراءات دفاتر الشروط المتعلقة بالصناعة الكهرومنزلية، وصناعة السيارات وقطاع الغيار.

وأفاد المتحدث أن "التشديد في دفاتر الشروط يُبعد كل الرغبات في الاستثمار، وهدر لعامل الوقت والجهد، ففي الأخير سيتم إعادة النظر والتخفيف من دفتر الشروط، في حين يَرحل المستثمر إلى وجهة أخرى أكثر استقطابا للاستثمار".

القطاع الخاص

بدوره، قال محمد سعودي، أستاذ العلوم الاقتصادية، إن ندوة الإنعاش الصناعي هي امتداد للندوة الوطنية الاقتصادية، واعتبر أن اللقاء سيسمح بوضع تشخيص وتوصيات حول الوضع الصناعي بالجزائر، وكيفية النهوض بالصناعة الوطنية.

في هذا السياق، يتوقع محدّث "الترا جزائر" أن الحكومة ستعتمد على أقطاب صناعية تشكل البنية الأساسية في النمو الاقتصادي، وذكر الخبير أن "قطاعات مثل صناعة الحديد والصلب والأسمدة الكيماوية والأسمنت والصناعات التحويل الطاقة، سجلت معدّلات النمو لابأس بها، وتعول الحكومة على تعزيز هذه المكتسبات، باعتبار أن السوق الدولية بحاجة إلى تلك المواد".

هنا، يدعو المتحدّث إلى المزج بين قطاع الصنعة المصنعة (صناعة التجهيز) وقطاع المؤسسات المبتكرة أو الناشئة في مجال الابتكار، كونها لا تتطلب تمويلات بنكية كبيرة، كما يشدد على دور القطاع الخاص في إنعاش القطاع الصناعي، خاصة المواد الواسعة الاستهلاك العائلي، إذ لا تتطلب استثمارات كبيرة، وليست بحاجة إلى تمويل مالي معتبر، مع تقديم قيمة مضافة لاقتصاد الوطني.

ندوة الإنعاش الاقتصادي، بحسب محمد سعودي، "حاولت رفع العقبات أمام الصناعات الخفيفة والمتوسطة وإعطاء الحرّية للقطاع الخاص في تحريك الصناعات العائلية والتي بإمكانها تمويل السوق الوطني وتخفيف من استهلاك احتياط الصرفي"، ويختتم محدثنا أن القطاع الصناعي يشكّل قاطرة النمو لكل القطاعات المشتركة كالبناء وقطاع الخدمات وصناعة الصيدلانية وغيرها، على حدّ قوله.

يحتاج بناء اقتصاد قوي ومتنوع إلى طرح نموذج مطلوب يتوفر على أهداف واضحة المعالم والأفق على المدى المتوسط والقريب والبعيد للتنمية

وعلى العموم يحتاج بناء اقتصاد قوي ومتنوع إلى طرح نموذج مطلوب يتوفر على أهداف واضحة المعالم والأفق على المدى المتوسط والقريب والبعيد للتنمية، وتفعيل ترسانة القوانين وتعزيزها لاستعادة ثقة المستثميرين والقضاء على البيروقراطية المنفّرة لرؤوس الأموال، والاعتماد على جهاز رقابي قوي يسهر على الحدّ من التجاوزات المفروضة في الوقاع الاقتصادي للبلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الوزير الأول: التبعية للخارج في الحبوب ترهن استقلالنا الاقتصادي

تراجع نمو الاقتصاد الجزائري خلال الثلاثي الأوّل لسنة 2020