بدأ الجدل مبكرًا في الجزائر، حول الانتخابات المحلية والتشريعية المزمع عقدها في منتصف العام المقبل. الجدال بين السلطة والمعارضة تركز بشأن الضمانات التي وعدت بها السلطة من أجل تحقيق نزاهة الانتخابات بعد المصادقة على قانون الانتخابات الجديد.
تعتقد الطبقة السياسة المعارضة في الجزائر بأن الأدوات الحقيقية لتنظيم الانتخابات تبقى في يد السلطة ومؤسساتها ما يجعل نزاهة الانتخابات محل شك
القانون الذي تضمن إنشاء هيئة مستقلة للانتخابات، لكنها أثارت "امتعاضًا" من طرف تيار المعارضة في الجزائر، على اعتبار أنها غير كافية لضمان سير العملية الانتخابية في شفافية ونزاهة.
اقرأ/ي أيضًا: حلب..الشرقية تلتقي بالغربية
تيار المعارضة شن هجومًا قويًا على السلطة، بخصوص قانون الانتخابات الجديد حيث تطالب المعارضة بإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات من البداية للنهاية، لتخوفها من استعمال السلطة لأجهزتها الإدارية من ربح معركة الانتخابات من خلال تسخير كل الوسائل والأدوات الحقيقية التي تبقى في يدها.
وحول ذلك تعتقد الطبقة السياسة المعارضة بأن الأدوات الحقيقية لتنظيم الانتخابات تبقى في يد السلطة والمؤسسات التي تتحكم بها، فيما ذهبت إلى وصف الهيئة الجديدة على أن دورها شكلي فقط ويتمثل في مراقبة العملية الانتخابية وفرز الأصوات والإعلان عنها.
في هذا المحور تطالب المعارضة بإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات منذ انطلاق تسجيل الناخبين والمنتخبين إلى غاية فرز القوائم الانتخابية ثم مراقبة سير العملية الانتخابية إلى غاية الوصول إلى النتائج النهائية. وهو المطلب الذي التفت السلطة عليه وأخرجت للمطالبين هيئة مراقبة فقط لا تملك صلاحية قبول أو رفض قوائم انتخابية أو مراقبة تسجيل الناخبين وتحجيم التلاعب بالهيئة الناخبة.
من ناحية أخرى، وبخصوص المشاركة في الانتخابات، دار الجدل في عقر بيت المعارضة بين بعض الأحزاب السياسة التي تدور في فلكها، وبخاصة بعد أن أعطت حركة مجتمع السلم (كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر) إشارات بشأن المشاركة في الانتخابات المقبلة وهو برأي مراقبين يمثل صورة لخروج الحركة عن الإجماع السياسي لقوى المعارضة التي تتفق على أن السلطة السياسية غير شرعية ولا يمكن المشاركة معها في مشاريعها السياسية وخصوصًا في الانتخابات القادمة، وتحاول المعارضة أن تفرض شروطها قبل خوض غمار المنافسة السياسية المقبلة.
اقرأ/ي أيضًا: حلب..الصراع على الورقة الرابحة في المعركة
يذكر أيضًا أن الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها وتياراتها في الجزائر وتمثيلها الشعبي تتخوف من المادة 73 في القانون الجديد التي تلزم الأحزاب الحصول على نسبة 4% من الانتخابات البلدية والتشريعية السابقة التي نظمت في 2012 كمقياس لقبول الترشح.
وبخصوص ذلك يرى المتحدث باسم حركة مجتمع السلم عبد القادر بن عجايمية في تصريح لـ"الترا صوت" بأن القانون من شأنه "قمع المعارضة وتحجيم صوتها في ساحة الحريات معتبرًا القانون يسهم في تغول السلطة".
اللعب السياسي بات مغلقًا والمنافسة، في رأي بن عجايمية، باتت مكشوفة الأوراق، والخاسر الأكبر هي المعارضة بهكذا قانون، مضيفًا أن السلطة حسمت الواجهة السياسية في البلديات وفي البرلمان القادم ".
في هذا الشق بالذات، تعالت أصوات سياسية تنادي بحل الأحزاب الصغيرة التي لا تستطيع جمع التوقيعات من أجل المشاركة في الانتخابات، مثلما أسماه القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني (ذي الأغلبية البرلمانية) سمير بطاش بالأحزاب المجهرية.
ويرى مراقبون أن قانون الانتخابات الجديد سيرهن العملية الانتخابية لصالح الأحزاب الموالية للسلطة وهي الأحزاب المسيطرة على الواجهة والمشهد السياسي في الجزائر، حيث ينص على أنه "تزكى قوائم المترشحين للمجالس الشعبية والولائية للأحزاب السياسية التي تحصلت على أكثر من 4% من الأصوات المعبر عنها في الدائرة الانتخابية المترشح فيها أو الأحزاب التي تتوفر على 10 منتخبين على الأقل في المجالس الشعبية المحلية للولاية المعنية"، يرى حزب العمال الجزائري أن القانون سيفرض بقوة عودة تيار الحزب الواحد وتراجع التعددية الحزبية في تشريعيات 2017.
في مقابل ذلك اعتبر بطاش في تصريح لـ"الترا صوت" أن تخوف الأحزاب من هذا القانون مرده تخوفها من انكشاف وضعيتها في الساحة وتمثيلها ووزنها الحقيقي والفعلي والواقعي على أرض معركة العمل السياسي، مضيفًا أنه في كل استحقاق سياسي، وخصوصًا إن تعلق الأمر بالانتخابات المحلية والتشريعية، تحول هذه الأحزاب "الصغيرة" مقراتها إلى محلات تجارية لفترة لتبيع ختمها لكل من يريد الترشح ضمن قوائمها وبمبالغ مالية ما أدى إلى فساد سياسي وبزنسة.
وعليه يرى القيادي في حزب الأغلبية أن السلطة تحاول وضع حد لهذه الفوضى وتنظيم التمثيل الفعلي في الساحة السياسية، على حد تعبيره.
ويبدو أن الانتخابات المقبلة ستثير جدلًا على المستوى السياسي بين المعارضة والسلطة في الجزائر، حيث بدأت المعركة من الآن تدار من خلال تحميل السلطة وأحزابها الموالية مسؤولية إفشال مكسب التعددية السياسية في البلاد، كما تسير بالساحة السياسية نحو الانغلاق أكثر وخلق تشنجات قد تفرغ الأحزاب من مناضليها وتفرق تكتل المعارضة.
اقرأ/ي أيضًا: