05-يناير-2024
 (الصورة: Getty)

مشجعون جزائريون للمنتخب الوطني (الصورة: Getty)

بعث خبر إصابة صانع المحتوى خبيب كواس بمرض الملاريا الخطير لدى سفره منذ أيام إلى ساحل العاج  مخاوف جديدة لدى المناصرين والصحفيين الجزائريين الذين سيسافرون في قادم الأيام لحضور العرس الأفريقي الكروي، متسائلين في هذا الإطار عن إجراءات الوقاية التي يجب التقيد بها لتجنب الإصابة بالمرض الذي تسببه بعوضة تنقل طفيليات إلى جسم الإنسان.

الدكتور أخموك لـ"الترا جزائر": حتى من تعوّد على العيش في بيئة بها الملاريا معرّض لإصابة خطيرة بهذا الداء

ويعزز هذه المخاوف ما جاء في تقرير لمنظمة الصحة العالمية نشر في تموز/جويلية الماضي، والذي أشار إلى أن الملاريا ما تزال من أكثر الأمراض فتكًا في أفريقيا، حيث تقتل ما يقرب من نصف مليون طفل دون سن الخامسة كل عام. ومثّلت أفريقيا حوالي 95٪ من حالات الملاريا و96٪ من الوفيات المسجلة في العالم في عام 2021، وهو يجعل الحذر من الإصابة بها واجبًا عند السفر إلى ساحل العاج.

تعيدنا هذه التقارير إلى حادثة مأساوية، تعرض لها الصحفي الرياضي الجزائري حمزة بركاوي بعد تغطيته لكأس أفريقيا للأمم بالكاميرون عام 2022، إذ وبعد عودته إلى الجزائر استمرت معاناته مع مرض الملاريا لمدة سنة تقريبًا، وبعد رحلة علاج طويلة في الجزائر  عجز الأطباء عن إيجاد علاج شافٍ لحالته، وانتقلت الفيروسات، حسب ما ذكر، إلى الكبد والدماغ، ليُعلن عن وفاته في يناير/جانفي 2023.

الجزائر معنية

شدد الطبيب المختص في الأمراض المعدية والمتنقلة بمستشفى تمنراست الدكتور الياس أخاموك في حديثه مع "الترا جزائر" على ضرورة اتخاذ الجزائريين الذين سيسافرون إلى ساحل العاج  التدابير الوقائية اللازمة لتجنب الإصابة بالملاريا، بالنظر إلى أن البلد يسجل سنويًا آلاف الإصابات بهذا المرض الطفيلي.

وتشير الإحصاءات المتوفرة إلى أن كوت ديفوار سجلت 270.9 إصابة بالملاريا لكل 100 ألف شخص في 2021، مع العلم أن عدد ها يتجاوز اليوم 28 مليون نسمة.

ولا يقتصر خطر الملاريا في كوت ديفوار على الجماهير فقط، إنما أيضًا على اللاعبين، فقد أعلن في 29كانون الأول/ديسمبر المنقضي نادي بورنموث الإنجليزي استمرار غياب نجمه العاجي، حامد طراوري جراء إصابته بالملاريا. وأصيب طراوري في المعسكر الأخير الذي خاضه برفقة زملائه في المنتخب، حيث ظهرت أعراض التعب الشديد، ما استدعى دخوله المستشفى بشكلٍ مستعجل لتلقي العلاج اللازم والخضوع لرقابة طبية مشددة، والتي كشفت إصابته بهذا المرض الطفيلي.

وفي العادة، يتمتّع السكان الأصليون بمناعة أكثر من القادمين من الخارج، وفق ما قاله الدكتور أخموك لـ"الترا جزائر"، إلا أن خطورة المرض في بعض الأحيان تجعل حتى من تعوّد على العيش في بيئة بها الملاريا معرّض لإصابة خطيرة بهذا الداء.

وتكشف التقارير الصحفية أن الإصابة بالملاريا في كوت ديفوار أمر محتمل الحدوث، وحتى في الأوساط الرياضية التي قد تكون أكثر حذرًا، ففي 2010 أصيب النجم العاجي الشهير ديدي دروغبا بالملاريا ما جعله يغيب لفترة طويلة عن ناديه الإنجليزي تشيلسي الذي كان وقتها من أبرز نجومه، وهو الأمر الذي تكرر أيضًا مع زميله في المنتخب يايا توري الذي أصيب بالملاريا أيضًا في أيار/ماي 2014 خلال زيارته لأبيدجان قبل أيام من انطلاق مونديال 2014 بالبرازيل.

الأكثر عرضة

أوضح الدكتور الياس أخموك لـ" الترا جزائر" أن الجزائريين وباقي السياح الأجانب سيكونون من أكثر الفئات عرضة للإصابة بالملاريا، بالنظر إلى عدم امتلاكهم المناعة اللازمة ضد المرض التي تتطلب العيش سنتين في محيط هذا الداء لاكتساب المناعة ضد الحالات الخطيرة منها، وهي الخاصية التي يتمتع بها السكان المحليون بالدول الأفريقية التي تعرف انتشارًا لهذا المرض الذي يسجل في الغالب في الدول الاستوائية وشبه الاستوائية.

وأشار أخموك إلى أن كل حمّى ستسجل لأي جزائري في ساحل العاج تعني بالدرجة الأولى الإصابة بالملاريا إلى أن تثبت التحاليل العكس، مبينًا أن هذا الحكم الطبي هو المعتمد في الجزائر بالنسبة للعائدين من الدول الأفريقية، حيث يعتمد البروتوكول الصحي المطبق في الجزائر فرضية أي شخص سافر إلى أفريقيا وشعر بالحمى لدى عودته إلى الجزائر فهو مصاب بنسبة 90 % بالملاريا إلى أن يتضح العكس.

تدابير

وانطلاقًا من هذا الخطر، دعا الدكتور أخموك إلى ضرورة الالتزام بالتدابير الصحية اللازمة لتجنب الإصابة بالملاريا، والمتمثلة أولًا في تناول أدوية الوقاية المعتمدة في البرتوكول الصحي خلال السفر إلى الدول الأفريقية، وأساسها العقاقير التي يجب تناولها قبل وخلال وبعد السفر إلى ساحل العاج.

ودعا خبير الأمراض المعدية والمتنقلة الجزائريين إلى ضرورة تجنب الخروج ليلًا لأن التعرض للسعات البعوضة الناقلة لمرض الملاريا يزداد ليلًا بين فترة الغسق والفجر، إضافة إلى تشديده على استعمال الناموسية في البيت، وبالخصوص لدى النوم، إضافة إلى التنقل السريع للمستشفى في حال الشعور بالحمّى.

وتتمثل  أعراض الملاريا في الحُمّى والقشعريرة، والشعور العام بالانزعاج، والصداع، والغثيان والقيء، إضافة إلى الإسهال، وألم في البطن، والمفاصل أو العضلات، والإرهاق، وسرعة في التنفس وفي ضربات القلب، وكذا السعال.

وبين الدكتور أخموك أن الملاريا مرض يُسببه طفيل، وينتقل الطفيلي إلى البشر عبر لدغة البعوض حامل العدوى، حيث يقوم بمهاجمة الكريات الحمراء في الدم، ما يؤدي إلى غلق الأوعوية الدموية الموجودة في المخ، وهو ما يجعل المصاب يدخل في غيبوبة، لذلك فإن الحذر من هذا المرض يجب أن يكون كبيرًا، خاصة وأن الكثير من طفيليات الملاريا قد طورت من مدى مقاومتها للعقاقير الشائع استخدامها ضد المرض.

وينصح مختصون المسافرين الجزائريين المتوجهين إلى كوت ديفوار بتغطية كل أجزاء أجسادهم بارتداء سروال وقميص ذي أكمام طويلة، ووضع الجزء السفلي من القميص داخل السروال وثني أرجل السروال داخل الجورب.

كما ينصح المختصون بـ"وضع مستحضر طارد للحشرات على الجلد، واستخدام طارد حشرات مسجّل في وكالة حماية البيئة على أي جلد مكشوف، ويشمل ذلك المواد الطاردة التي تحتوي على ثنائي إيثيل تولواميد (ديت - DEET)، أو بيكاريدين أو IR3535 أو زيت الأوكالبتوس الليموني (OLE) أو بارا مينثان-3،8-ديول (PMD) أو أونديكانون-2 (ميثيل نونيلكيتون)".

ويشدّد المختصون على أن "لا يرش البخاخ على الوجه مباشرة،  ولا تستخدم المنتجات التي تحتوي على مركبات بارا مينثان-3،8-ديول الأوكالبتوس الليموني أو بارا مينثان-3،8-ديول مع الأطفال دون عمر 3 سنوات"، وهو الذي يجب التقيد من قبل الأنصار الذين سيسافرون مع عائلاتهم وأطفالهم.

ويُنصح بالنوم تحت الناموسية وهي شبكة معالجة بمضادات الحشرات مثل البيرمثرين، لأنها تساعد على الوقاية من لدغات الناموس أثناء نومك.

موجود بالجزائر

عادة ما يسمع الجزائريون بمرض الملاريا عند الحديث عن العائدين من أفريقيا، مثلما حدث هذه المرة مع صانع المحتوى خبيب، وذلك بالنظر إلى أن الجزائر رغم تسجيلها سنويًا لإصابات بالداء استطاعت أن تقضي على العدوى محليًا، حيث لم تسجل منذ 2013 حالة وفاة محلية بالملاريا، حسب ما قاله الدكتور إلياس أخموك لـ" الترا جزائر"، مضيفًا أن ذلك جعل منظمة الصحة العالمية تعترف بجهودها في 2019.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية في أيار /ماي 2019 أنها تعترف رسمياً بخلو الجزائر من الملاريا، مبينة أن "البلد يمنح شهادة خلوه من المرض عندما يثبت أنه أوقف انتقال المرض فيه على الصعيد المحلي لمدة لا تقل عن 3 سنوات متتالية".

وبينت المنظمة أن "الجزائر هي ثاني بلد  بإقليم المنظمة الأفريقي يُعترف رسميًا بخلوه من الملاريا بعد موريشيوس التي جرى الإشهاد على خلوها من المرض في عام 1973"، مشيرة أن آخر حالات الإصابة بالملاريا في الجزائر على الصعيد المحلي كانت في 2013.

تعيدنا هذه التقارير إلى حادثة مأساوية، تعرض لها الصحفي الرياضي الجزائري حمزة بركاوي بعد تغطيته لكأس أفريقيا للأمم بالكاميرون عام 2022

وأوضح الدكتور أخموك أن الجزائر تسجل حالات إصابات خارجية، وهو ما يحدث سنويًا بولاية تمنراست التي يعمل بها، والتي تعود في الغالب لمهاجرين من دول أفريقية، أو جزائريين عائدين من دول أفريقية، لكن البروتوكول الصحي المطبق بمنع انتقال العدوى في الجزائر.