أصبح فصل الصيف في السنوات الأخيرة لا يشكل بالنسبة للتلاميذ والطلبة عطلة يتم الاستمتاع فيها فقط، إنما أيضًا فرصة لتعزيز مهاراتهم التعليمية قصد الاستعداد للسنة الدراسية المقبلة، واكتساب معلومات جديدة، وذلك من خلال تعلم بعض اللغات الأجنبية أو الطرق التعليمية.
تغص مواقع التواصل الاجتماعي في فصل الصيف بالإعلانات المتعلقة بالدورات التعليمية الصيفية
وبالنظر لصعوبة المقررات الدراسية وكثافتها، بدأ التحضير للموسم التربوي الجديد يتم خلال فصل الصيف بالنسبة لبعض التلاميذ، وذلك بالالتحاق بالنوادي العلمية أو مراكز تعليم اللغات وتطوير طرق التعليم والتعلم.
دورات عديدة
تغص مواقع التواصل الاجتماعي، وبالخصوص فيسبوك وانستغرام في فصل الصيف بالإعلانات المتعلقة بالدورات التعليمية الصيفية المختلفة التي تستهدف التلاميذ والطلبةـ وحتى الأطفال الذين لم يصلوا السن القانونية للتعليم.
وقالت مسيرة مركز العقول الراقية حيزية أوس في حديث إلى "الترا جزائر" إن مؤسستها تحرص على تقديم دورات مختلفة للتلاميذ والطلبة خلال هذه العطلة الصيفية، مشيرة إلى أن المركز الذي يقدم خدماته بولاية جيجل شرقي الجزائر يقصده الأطفال لتعزيز مداركهم العلمية.
ويقدم المركز دورات تعليم اللغات للأطفال من ست سنوات فما فوق، وبالتحديد في مادتي الفرنسية والإنجليزية، حيث يشير في إعلانه الإلكتروني إلى اعتماده في التدريس على طرق جديدة للتعلم عن طريق اللعب والمرح، كما يحرص على أن تكون الدورات الصيفية ممتعة وتفاعلية تتمثل في ورشات تعليمية ترفيهية عصرية باستعمال جميع حواس الطفل، في التعلم والتحفيز على التواصل مع زملائه في المجموعة.
وأشارت حيزية أوس، إلى أن مؤسستها تقدم أيضًا دروسًا في تحفيظ القرآن وتجويده، وفي طرق الحساب الذهني ومختلف الآليات التعليمية التي تساعد التلميذ في زيادة درجة الاستيعاب، وذلك من خلال العمل على اعتماد طرق حديثة وعصرية.
ولفتت المتحدثة ذاتها إلى أن مركزها لم يلق إقبالا بالمستوى الذي كان يشهده في السنوات الماضية، بالنظر إلى ارتفاع العرض جراء كثرة المدارس والمراكز التي تقدم الدورات التعليمية ودروس الدعم وتحسين المستوى في اللغات الأجنبية والمواد الأساسية.
أما مديرة نادي الوسيم بتيبازة التي كانت تشتغل أستاذة في مادة العلوم الطبيعية فقالت لـ"الترا جزائر" إن مؤسستها الحديثة النشأة تحاول أن تقدم هذه الدروس التدعيمية بأسعار تنافسية لا تزيد في مجال اللغات بالنسبة للتلاميذ عن ألفي دينار للمستوى الواحد.
وحسب الإعلان المنشور على صفحة النادي في فيسبوك، فإن هذه المؤسسة تهتم بعدة أنشطة تعليمية تمكن التلميذ من رفع مستواه التعليمي والتحضير الجيد للسنة الدراسية القادمة، وذلك باتباع مناهج تعليمية ممتعة للتلاميذ، إضافة إلى تقديمها دورة مكثفة في السوروبان للأطفال من خمس سنوات إلى 15 سنة.
وأكدت المديرة ذاتها أن نادي الوسيم يقدم هو الآخر دورات تعليمية في حفظ القرآن وتجويده، بالنظر إلى الدور الذي يلعبه القرآن في تحسين مستوى التلميذ في اللغة العربية من حيث النطق والكتابة والفهم.
وأوضحت مديرة النادي أن الدورات الصيفية تتميز عن باقي الدورات التي تتم خلال باقي فصول العام بكونها خفيفة ومدروسة حتى لا يحرم التلميذ من فرصة الراحة والاستمتاع في العطلة التي تظل أساسية للتخلص من ضغوط عام كامل من الجهد والدراسة.
وإضافة إلى هذه المراكز الخاصة، فإن المراكز الثقافية التابعة لبعض السفارات تستغل فرصة الصيف للزيادة في عدد الملتحقين بها، فمثلا المركز الثقافي البريطاني أعلن هو الآخر عن "تقديم دورات اللغة الإنجليزية الصيفية وعدد كبير من الأنشطة الترفيهية ، والتي تساهم كلها في اكتساب المعارف الأساسية الخاصة باللغة الإنجليزية".
دورات افتراضية
مكّنت التكنولوجيات الحديثة في الإعلام والاتصال من توفير طرق جديدة في التعلم، وأبرزها التعليم عن بعد (أون لاين)، والذي يبقى في بداياته، إلا أن بعض المؤسّسات بدأت في تجريبه أو هو ما تقوم به مثلا مؤسسة الجنة الخضراء بسطيف التي أعلنت عن تقديم دورات افتراضية في تعلم تقنيات تحسين الخط والقراءة، والإملاء والتعبير الكتابي، وهي تستهدف الأشخاص الراغبين في فتح نوادي الخط للأطفال، وأصحاب الروضات الراغبين في إضافة نادي تحسين الخط لروضاتهم، والراغبين في تحسين خطهم سواء كانوا جامعيين أو عاملين.
وحسب الإعلان المنشور على فيسبوك، فمدة التكوين هي أسبوع في بث مباشر عبر تطبيق تلغرام.
ووفق ما قاله مصدر على صلة بهذه الدورة رفض التصريح باسمه لأنه ليس من صلاحياته، فإن الدورة تلقى إقبالًا من الجمهور، بالنظر إلى أنها تستهدف فئات مختلفة.
عملية تجارية
من جهته، يؤكد رئيس المنظمة الجزائرية للدفاع عن المستهلك "حمايتك" محمد عيساوي في حديثه لـ"الترا جزائر" أن الإقبال على الدورات التعليمية في فصل الصيف ازداد في السنوات الأخيرة، غير أنه ما يعاب على المراكز التي توفر هذه الخدمة للتلاميذ والطلبة أنها أخذت طابعًا تجاريًا أكثر من اللازم، وأهملت الجانب البيداغوجي، باستغلال حاجة المستهلك لتطوير وتنمية مداركه العلمية والمهنية.
وتساءل عيساوي عن مضمون البرامج التي تقدمها هذه المدارس، وعلى أي أسس تعتمد، بالنظر للاختلاف المسجل من مركز تعليمي لآخر، إضافة إلى أن البعض يقدم هذه الدورات في أماكن لا ترقى لتقديم الدروس.
ويرى عيساوي أنه من الواجب على وزارة التجارة بالتحديد التدخل لمراقبة مدى التزام هذه المراكز بدفتر الشروط المنوح لها، ومدى احترامها لحقوق المستهلك، لأن العملية أخذت طابعا تجاريًا بحتًا بشكل مبالغ فيه، حيث تكون الأسعار في مرات عديدة مرتفعة، وكأنها تعتمد على منطق المضاربة، وهو أمر غير معقول ولا مقبول لما يتعلق الأمر بالتربية والتعليم.
مديرة نادي: الدورات الصيفية تتميز عن باقي الدورات التي تتم خلال باقي فصول العام بكونها خفيفة ومدروسة حتى لا يحرم التلميذ من فرصة الراحة
من المؤكد أن تحسين مهارات الأشخاص سواء كانوا كبارًا أو صغارًا أمر مطلوب، وهو الهدف الذي أنشئت من أجله مدارس اللغات ومراكز الدعم التعليمي، إلا أن تحولها لشركة اقتصادية همها الوحيد الربح السريع والكبير على حساب الجانب التعليمي والتربوي يفقدها الغاية التي أسست لأجلها، ويتطلب تدخلا من الجهات المختصة لضبط هذه السوق التي يتزايد التجار فيها كل عام.