06-فبراير-2022

(تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)

يُثير انتباه المارّة على طول الشارع الرئيسي لبلدية القبة الإخوة عبد السلامي، انتشار لافتات كراء محلات تجارية مرفقة بأرقام أصحابها، الأمر ينطبق على محلّات تجارية تقع بالشوارع الكبرى في العاصمة كالحميز بالرويبة، حي باب الواد، عين الله بدلي براهيم، الشراقة، وتعد المناطق الحضرية المذكورة من بين  أهمّ الشوارع التجارية التي تستقطب الزبائن من كافة أنحاء الولايات المجاورة. شهادات واعترافات  التجار تسجل ركود النشاط التجاري بشكلٍ محسوسٍ، وبات يُثير مخاوف من الإفلاس وتوقف مختلف النشاطات وغلق المحلات التجارية، وبات سوق عقار المحلّات التجارية في المناطق ذات الحركية التجارية لا يجلب المهتمين، وأمسى العرض أكثر من الطلب.

 لا يمكن التحجج دائمًا بالأزمة الصحية فبعض القرارات الاقتصادية الحمائية غير المدروسة كانت وراء تعطيل النشاط التجاري والاستهلاكي محليًا

مخاوف وضبابية

في سياق الموضوع، يقول حسين، صاحب وكالة خدمات وأعمال، أن النشاط التجاري يشهد تراجعًا وركودًا رهيبًا وغير مسبوق، وذكر محدّث "الترا جزائر" أن سوق العقارات الخاص بالنشاط التجاري كالمحلات التجارية، وتجارة الجملة والتجزئة، ونشاط كراء السيارات والمنازل وما يرافقه من تفعيل النشاط السياحي، وكل التعاملات الخدماتية تعرف ما يشبه "الموت السريري" منذ ما يقارب ثلاث سنوات.

اقرأ/ي أيضًا: رسميًا.. بداية تطبيق ضريبة الدخل الإجمالي

وأضاف حسين أنّ "تفشي وباء كورونا والأزمة الصحية ألقت بانعكاساتها السلبية على نشاط البيع والشراء، مع تجميد الكثير من النشاطات في مجال الخدمات والتجارة".

واستطرد محدثنا أنه لا يمكن التحجج دائمًا بالأزمة الصحية، كاشفًا في هذا، أن بعض القرارات الاقتصادية الحمائية غير المدروسة، وتعليق نشاطات مرتبطة بالتجارة الخارجية كانت وراء تعطيل النشاط التجاري والاستهلاكي محليًا.

وأوضح المتحدّث أن بعض القرارات الإدارية المفاجئة، تسببت في تراجع  حركة رؤوس الأموال وفقدان الثقة والتشاؤم في السوق، وأفاد "حسين" أن التاجر أو أصحاب رؤوس الأموال باتوا متخوّفين من السوق، والكثير بات يُفضل عدم الاستثمار في النشاط التجاري بدل الخسارة.

وذكر المتحدث أن حركة تناقل المسافرين من وإلى خارج الجزائر باتت جد محدودة، وهذا نظرًا إلى تحديد برامج الخطوط الدولية، وأشار أن حركة تنقل الأشخاص تُساهم في تنشيط التجارة المحلية والوطنية وتحفز على ضخ الحيوية في الحياة الاقتصادية للأوطان.

وختم المتحدث أنه لا يمكن الحديث عن حركية اقتصادية وتجارية في ظلّ عدم وفرة المنتجات ونفاذ المخزونات في قطاعات رئيسية كالتجهيزات المنزلية، والعطور ومعدّات التجهيز والخردوات والمواد الأولية والمواد المصنعة ونصف المصنعة.

  الأسباب والنتائج

في هذا السياق، يرى خبراء في المجال الاقتصادي أن الجزائر جزءٌ لا يتجزأ من المجتمع الدولي، الذي تأثر بفعل الوباء العالمي، حيث تضرّرت تجارة السلع، وارتفع الشحن التجاري بشكلٍ محسوسٍ، وأصيبت سلاسل التوريد بالعطب وتباطأت اقتصاديات السفر وتنقل الأشخاص.  

وأشار عدد من المختصّين أن إعادة تشكيل التجارة الخارجية في الجزائر، من خلال التعريفات والضرائب الجمركية وتعليق بعض النشاطات التجارية والقيود على عمليات التوطين البنكي وإخضاع نشاط الاستيراد إلى رخص إدارية، عوامل ساهمت في تراجع السوق وركود في الاستهلاك.

 وعلى ضوء المؤشرات المذكورة، ثمة فقدان الثقة عند أصحاب الرؤوس الأموال في ضح الأموال في الأنشطة التجارية، كُون الصناعة المحلية غير قادرة على ضمان توفير المخزونات والسلع، ولا النوعية ولا الجودة الكافية، نهيك عن سلوك المستهلك الذي تَعود على تنوع وتعدد ووفرة المنتجات والسلع.

ما معنى الركود التجاري

ويُقصد بالركود التجاري، انخفاض في الطلب في شراء أنواع السلع المختلفة إلى مستويات قياسية، ويبقى الطلب على الغذاء ثابتًا، ويُرجع اقتصاديون ذلك التراجع إلى عوامل عديدة، من جملة الأسباب هي تراجع القدرة الشرائية للمستهلك نتيجة فقدان وظيفة أو بطالة، أو تأثّر في المدخول النقدي.

القدرة الشرائية

من جهته، أوضح إسحاق خرشي، المحلل الاقتصادي في حديث لـ"التر الجزائر" أن تباطؤ وركود النشاط التجاري بالجزائر، هو نتيجة تراجع القدرة الشرائية.

وأوضح أن القدرة الشرائية ما هي إلا نتيجة أيضًا إلى عوامل كثيرة، منها ارتفاع الأسعار بسبب جائحة كورونا، والتي أدت إلى تعطيل نمو الاقتصاد العالمي ونقص في المواد الأساسية والمواد الأولية، مشيرًا إلى أنّ انخفاض قيمة الدينار انعكس على ارتفاع قيمة المنتجات بشكل محسوس جدًا، وأضاف خرشي أن الجهاز البيروقراطي تسبب في عرقلة النشاط التجاري، وهذا بسبب التدخل العشوائي في تنظيم السوق بدل التخطيط والتدرج والتنظيم العقلاني.

هنا، يعلق خرشي "العجلة الاقتصادية والإنتاجية تنعكس بشكلٍ إيجابي وسلبي على النشاط التجاري، وبالتالي أي ركود في التوزيع والإنتاجية يلحق أضرار بالنشاط التجاري وبالتالي تراجع الجباية العادية".

خفض الواردات

السلطات الجزائرية تتجه إلى خفض وتقييد الواردات والسلع والمنتجات العالمية، بحسب المحلل الاقتصادي، حيث ذكر أن هذه الخطوة قد تشكل خطرًا على النشاط التجاري والاستهلاكي، خاصّة إذ لم يُوفر السوق المحلي الكميات المطلوبة والوفرة، فالمعروض في المنتجات سيتراجع، وبالتالي سيؤدّي ذلك إلى ارتفاع في الأسعار وبروز المضاربة، على حدّ تعبيره.

يذكّرنا محدّث "الترا جزائر" أن 1800 منتجًا مستوردًا من الخارج يخضع إلى ضرائب جمركية مرتفعة ويؤدّي هذا إلى ارتفاع سعر المنتجات وتراجع الاستهلاكن وهو ما يُسبب ركودًا في النشاط التجاري، على حدّ تبعيره.

يعرّق اقتصاديون الاستهلاك، بأنّه استخدام سلعة أو خدمة بهدف إشباع حاجة الانسان، ويرتبط الإنتاج والاستهلاك ارتباطًا وثيقًا، فلا يمكن الحديث عن الإنتاج في غياب الاستهلاك، فأزمة 1929 سببها كساد في الإنتاج وتراجع في الاستهلاك، والسبب تراجع الدخل الفردي وتكدس الثروة في فئة قليلة.

يعتبر الاستهلاك أحد العناصر الأساسية في التنمية الاقتصادية ومكونًا من المكونات الناتج المحلّي

إلى هنا، يعتبر الاستهلاك أحد العناصر الأساسية في التنمية الاقتصادية ومكونًا من المكونات الناتج المحلّي، إذ يشجع الاستهلاك الانفاق بدل الادخار ويحفّز  الاستثمار في السلع والخدمات، وبالتالي يُساهم في القيمة المضافة وزيادة العمالة وتقليص البطالة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تبون يأمر بتخفيض الضريبة على الدخل الإجمالي

الزيادة في الأجور.. مغامرة إقتصادية أخرى؟