12-سبتمبر-2019

تتباين آراء الجزائرين بشأن المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة (بلال بن سالم/Getty)

تتّجه الأحداث السياسية في الجزائر بوتيرة متسارعة، نحو التعجيل في عملية إجراء الانتخابات الرئاسية قبل نهاية السنة الجارية، وهذا ما يفسّر شروع البرلمان في أولى جلساته، مباشرة بعد عودة النوّاب من العطلة البرلمانية، في مناقشة مشروعي تعديل القانونين العضويين المتعلّقين بنظام الانتخابات و"السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات"، في جلسة علنية يوم الأربعاء الماضي.

جاء في اقتراح هيئة الحوار؛ تنصيب سلطة مكلّفة بتنظيم الانتخابات، تتمتّع بالاستقلالية المعنوية والمالية والإدارية

قبلها بأيّام، استقبل رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح يوم الأحد 8 أيلول/ سبتمبر الجاري،  أعضاء هيئة الوطنية للوساطة والحوار، بقيادة منسّقها الوطني كريم بونس، بمقرّ رئاسة الجمهورية بالجزائر العاصمة، لاستلام التقرير النهائي للهيئة، بعد التقرير الأوّلي الذي تمّ عرضه سابقًا على الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية، يُعتبر التقرير، حوصلة مشاورات ونقاشات شملت 23 حزبًا سياسيًا و5670 جمعية وطنية ومحليّة، إضافة إلى العديد من الشخصيات الوطنية.

اقرأ/ي أيضًا: المال السياسي بعبع الانتخابات البرلمانية الجزائرية

في هذا السياق، أعرب رئيس الدولة، في بيان صادر عن الرئاسة، عن قناعاته بأن هذه المقترحات "تتضمّن ما يكفي من ضمانات لتنظيم انتخابات رئاسية، تستوفي الانتظام والمصداقية والشفافية"، وأشار البيان إلى دعوة رئيس الدولة عبد القادر،منسّق الهيئة كريم يونس، لمواصلة جهوده ومشاوراته لتشكيل وتنصيب السلطة المستقلّة للانتخابات.

نحو تحييد الإدارة

جاء في اقتراح هيئة الحوار؛ تنصيب سلطة مكلّفة بتنظيم الانتخابات، تتمتّع بالاستقلالية المعنوية والمالية والإدارية، وتتكفّل الهيئة بمختلف أطوار العملية الانتخابية، القبلية والبعدية، وتمتلك صلاحية مراجعة القوائم الانتخابية والبطاقة الانتخابية، واستقبال ملفّات المرشّحين للرئاسيات، بدل المجلس الدستوري.

وتضمّن التقرير النهائي، مقترح نصّ مشروعين قانونيين، متعلّقين بتعديل وإتمام المشروع القانون العضوي للنظام الانتخابي، وإنشاء "سلطة وطنية مستقلة للانتخابات". يتكوّن مجلس هذه السلطة من خمسين عضوًا، من بينهم عشرون شخصية من المجتمع المدني، عشرة جامعيين، عشرة قضاة ومساعدي العدالة، خمسة كفاءات مهنية، ثلاثة شخصيات وطنية وممثلين عن الجالية الجزائرية.

وبسبب الاتهامات التي تلاحق الإدارة حول موضوع التزوير، جاء في اقتراحات الهيئة، نصّ المادة 49 من المشروع التمهيدي للقانون العضوي، يتعلّق بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، تحوز "الترا جزائر" على نسخة منه، وينصّ على الآتي: "تُحوّل صلاحيات السلطات الإدارية العمومية في مجال تحضير، تنظيم ومراقبة الانتخابات إلى السلطة المستقلة ومندوبيتها الولائية".

ضمانات سياسية

وتعقيبًا على مقترحات لجنة الوساطة والحوار، أكّد الباحث الجزائري بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، زين العابدين غبولي، أنّ تقرير لجنة الحوار تبنّت موقف قيادة الأركان في الذهاب إلى انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، وشدّد غبولي على ضرورة توفير معايير تهدئة، قبل الشروع في إجراء الانتخابات، وتتضمّن تلك المعاير بحسب المتحدّث ذهاب رموز النظام، والتوقّف عن الاجراءات التعسفية ورفع التضييق عن الإعلام والمظاهرات، على حدّ تعبيره.

وذكر المتحدّث، أنّ الحرك الشعبي يشكّك في نزاهة الانتخابات، كون تقرير اللجنة يفتقد إلى الشرعية، باعتبار أن اللجنة لا تمتلك قاعدةً شعبيةُ في الشارع، ولا تزال مخرجاتها تفتقد لشروطٍ محورية لضمان نزاهة الانتخابات.

من جانبه، أوضح رضوان بوهيدل، الأستاذ في العلوم السياسية بجامعة الجزائر، أنه من الصعب الحكم مسبقًا على مقترحات لجنة الوساطة والحوار، مضيفًا في حديث إلى "الترا جزائر"، أنّه يجب ترقّب ردود فعل السلطة، وعلى رأسها عبد القادر بن صالح، رئيس الدولة المؤقّت، ومدى استعدادها لقبول المطالب المرفوعة، معتبرًا أن السلطة ستتعامل مع المقترحات على أنها مطالب الأغلبية، مع وجود إمكانية التضحية بحكومة بدوي، على حدّ قوله.

ضمانات أخرى؟

وعن ضرورة  توفّر الشروط التقنية في العملية الانتخابية، لضمان شفافية الانتخابات، أبرز لحسن خلاص، الكاتب والصحافي، أن الضمانات توجد في أحد أطراف السلطة، ويقصد بها السلطة الفعلية، الممثلة في المؤسّسة العسكرية، موضّحًا أن هيئة الحوار والوساطة اشتغلت ضمن الحدود المتاح لها سياسيًا وقانونيًا.

يُضيف المتحدّث، أن هيئة الحوار لا يُمكن أن تكون مصدرًا لأيّ ضمانات بالنسبة لانتخابات نزيهة وشفافة ومفتوحة على الجميع. وقال في حديث إلى "الترا جزائر" إنّ "ما نشهده من تضييقات للسلطة، ورفضٍ حازم للحراك، يوحي بأن إجراء هذه الانتخابات قد تشكّل مصدر قلق، في حين يجب أن تكون مصدر اطمئنان".

تتجه السلطة الجزائرية إلى معالجة الأزمة السياسية باقتراح آليات لمنع تزوير الانتخابات الرئاسية

في هذا السياق، يرى متابعون أن السلطة توجّهت إلى حلحلة الوضع السياسي اعتمادًا على المعالجة التقنية للأزمة، بتنصيب الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات، وإعادة النظر في قانون الانتخاب لمنع التزوير، بيد أن أبعاد الأزمة هي سياسية، وتحتاج إلى مقاربة سياسية عميقة وشاملة، تعمل على تأسيس أرضية توافقية وتعزيز الإجماع الوطني، حيث تكون الانتخابات ضمن مسار الانتقال الديمقراطي الشامل، وليست هدفًا رئيسيًا لحلّ الأزمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الانتخابات الجزائرية.. تغذية الانتماءات القبلية والخضوع لسطوتها!

مرشّحو الرئاسيات التونسية.. هل الجزائر ورقة رابحة؟