09-سبتمبر-2018

وزير الصحة الجزائري مختار حزبلاوي (يوتيوب)

انضمّ وزير الصّحة الحالي في الجزائر، مختار حزبلاوي، منذ تعيينه في أيار/مايو من عام 2017، إلى قائمة الشّخصيات، التّي يتندّر عليها الجزائريون في مجالسهم الواقعية والافتراضية، حتّى أنه تفوّق، خلال الأيام الأخيرة، على جمال ولد عبّاس رئيس الحزب الحاكم. وقد بدأ ذلك منذ مطلع العام الجاري حين تنكر، وهو الطبيب، لزملائه الأطّبّاء وساند ضرب الشّرطة لهم في مسعى رفعهم لمطالب مهنية.

بعد أن ماتت أستاذة جامعية بسبب لدغة عقرب وإهمالٍ طبي، صرح وزير الصحة الجزائري بأن "العقرب مخلوق مسالم لا يؤذي"!

وتكرّست النظرة التهكمية للجزائريين إلى الوزير، بعد أن ضرب وباء الكوليرا مناطق في الجزائر، نهاية الشهر الماضي، فكان تعاطي الوزير مع الأمر كاريكاتوريًا، من قبيل أنّه وعد بالقضاء على الوباء خلال ثلاثة أيام، ثم عاد فجعلها عشرة، بالإضافة إلى تضارب تصريحاته بخصوص سبب الوباء.

اقرأ/ي أيضًا: الكوليرا تضرب الجزائر.. فواجع متجددة في عهد بوتفليقة

قبل أيام، تعرّضت الأستاذة الجامعية عائشة عويسات إلى لسعة عقرب، فتمّ نقلها إلى مستشفى مدينة ورقلة، لكنّها فارقت الحياة بسبب ما قيل إنّه إهمال طبّي، ممّا أثار غضب الجزائريين وهجومهم على وزارة الصّحة، التي لم تستطع، بحسبهم، أن تتكفّل بأكاديمية جزائرية في أغنى محافظة جزائرية باعتبار أنّ ورقلة تضمّ أكبر حقول النّفط في البلاد.

في خضمّ هذا الغضب الشّعبي، الذّي استوعبه موقع التّواصل الاجتماعي فيسبوك، ومنابر إعلامية مستقلّة، إذ استطاع موت الجامعية الجزائرية أن يغطّي على الحديث عن وباء الكوليرا العائد بعد انقطاع دام ربع قرن، قال وزير الصّحة في ندوة صحفية إن العقرب "مخلوق مسالم"، مضيفًا: "وهو لا يؤذي إلا إذا تعرّض إلى الخطر"، وهو ما فُهم على أنّه انتصار منه للعقرب على حساب روح مواطنة وباحثة جامعية.

تقول سميرة بن مالك الأستاذة في مركز البحث بتلمسان لـ"ألترا صوت" إنّ تصريح الوزير لا يُقبل حتى من مواطن عادٍ، فكيف بوزير مكلّف بقطاع الصحّة، "كيف ينتصر لحيوان على حساب الإنسان؟ بغض النّظر عن كون الضّحية من النّخبة الجامعية في البلاد؟". وتضيف سميرة بن مالك: "هذا استهزاء بالإنسان، وهو دليل على أنّ وزارة الصّحة تتعامل معنا بصفتنا لسنا جديرين بواقع صحّي يحفظ كرامتنا".

من جهته، كتب المعلّق الرّياضي حفيظ درّاجي في تدوينة على فيسبوك: "وزير الصّحة وإصلاح المستشفيات يقول إنّ العقرب يهاجم الإنسان إذا شعر بالخطر، ما يعني أنّ الرّاحلة الدّكتورة عائشة عويسات هي من اعتدت على العقرب حتّى لدغها فقتلها!". ثمّ يخاطب الوزير بالقول: "يا معالي الوزير المحترم. أنتم لدغتمونا دون أن نشكّل أيّ خطر عليكم. بهدلتونا دون أن نعتدي عليكم. حطّمتم معنوياتنا وآمالنا دون أن نسيء إليكم، مع ذلك فإنّ لدغة العقرب أهون من لدغاتكم".

وذهب الأكاديمي عاشور فنّي، إلى أنّ محاكمة الضّحية عنوان مسرحية لم تكتب، "لكنّها تُلعب يوميًا في مسارح عديدة"، في إشارة منه إلى أنّ هذا المنطق ليس حكرًا على قطاع الصّحة في الجزائر، بل هو منطق يشمل القطاعات كلّها. وأضاف عاشور فنّي بنبرة ساخرة: "أن تلسع عقرب إنسانًا فيموت ليس حدثًا تهتمّ به وسائل الإعلام، الحدث هو أن يلسع الإنسان عقربًا. هذا هو الوضع الآن".

وانتشرت هذه النّبرة السّاخرة في أحاديث الجزائريين ومنشوراتهم على فيسبوك، فبات الجزائري يقول لصاحبه عند تهديده مزاحًا: "سألسعك"، أو "لا تظلمني كأنّني عقرب". وتداول قطاع واسع من روّاد فيسبوك بوست يقول إنّ عائلة العقارب خرجت احتفالًا بتصريح وزير الصّحة، مطالبة بتقرير المصير ومندّدة بدعسها من طرف الإنسان.

 

 

 

 

كثر المسؤولون المثيرون لسخرية الجزائريين واستهزاءاتهم في الآونة الأخيرة، بما جعلهم عامل تشويه للمناصب الوازنة التّي يشغلونها. فهل هو دليل على رداءة المرحلة السّياسية، أم أنّ الأمر مقصود لتزييف النّقاش، الذي يُفترض أن يتعلّق بالرّئاسيات القادمة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

الحصبة ترعب الجزائريين.. والحكومة متوارية عن الأنظار!

اكتشاف "جنون الإبل" في صحراء الجزائر