21-ديسمبر-2021

الرئيس الجزائري في ضياف نظيره التونسي (الصورة: الأناضول)

أبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال زيارته الأخيرة إلى تونس مخاوفه من تفتيت الدول العربية، قائلًا إن كلّ الدول العربية مبرمجة للتّقسيم والتّجزئة، مجدِّدًا رفض بِلاده التدخّل في أيّ شأن داخلي لأيّة دولة عربية.

 حجم المبادلات التجارية بين تونس والجزائر بلغ 1.259 مليار دولار في العام 2020

وركّز الرئيس تبون خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره التونسي قيس سعيّد بقصر قرطاج بالعاصمة التونسية، في تصريحاته على عدم تدخّل الجزائر في الشّؤون الدّاخلية للبلدان، ضاربًا مثالًا بتونسـ بالرغم من العلاقات القوية بين الجارتين "فلا نسمح لأنفسنا أن نتدخّل في الشؤون الداخلية لتونس".

اقرأ/ي أيضًا: الرئيس تبون يتحادث مع قيس سعيّد بعد وصوله إلى تونس (صور)

وأضاف تبون في هذا السياق، أن لكل دولة خصوصيات، متسائلًا في الوقت نفسه: " أين هو القاسم المشترك بين البلدان العربية والتاريخ والعروبة والدين؟"، داعيًا إلى تقديم المساعدة لتونس لحلّ مشاكلها، وإلا عدم التدخل في شؤونها.

الملفِت أن الملف الليبي وحل الأزمة التونسي حيث يفترض أن يشهد نهاية الشهر الحالي انتخابات رئاسية وبرلمانية، طغى على المباحثات الثنائية في خضمّ زيارة الرئيس الجزائري لتونس، حيث جدّد الرئيس تبون، موقف الجزائر المتطابق مع الموقف التونسي حيال سبل إيجاد مخرج للأزمة الليبية، الذي بني على أساس رفض أي تدخل أجنبي في الجارة الشقيقة ليبيا، معربًا عن أمله في أن تتخلص من المرتزقة والقوات الأجنبية وتعود للأشقاء الليبيين "ما يهم الجزائر هو مصلحة الشعب الليبي الشقيق وعودة استقرار بلاده".

وبخصوص الملف الليبي دائمًا، ذكر الرئيس التونسي قيس سعيد أن تبقى ليبيا موحدة، وهذا موقف البلدين، لافتًا إلى إن هناك تعاونا وتنسيقا مع الجزائر بشأن الوضع في ليبيا. مشدّدًا سعيد على أن الحل في ليبيا يجب أن يكون داخليًا ومن دون تدخل خارجي.

وأكد الرئيس التّونسي على أن "الوضع في ليبيا لا يمكن أن يكون مستقرًا إلا إذا نبع الحل من الشعب الليبي باعتباره صاحب السيادة".

من جانبه، لم يخف الرئيس تبون مخاوفه من هذا المعطى الإقليمي المبني على المصالح السياسية، لافتًا في رده على سؤال بخصوص الخلافات بين بعض الدول العربية على أن الجزائر تريد قمة عربية للململة الشّمل العربي وليست قمة تفرقة.

وبخصوص القمة العربية التي ستحتضنها الجزائر في آذار/مارس من السنة المقبلة، قال تبون أن الجزائر تسعى لأن تكون "قمة جامعة وشاملة"، مجدّدا أنّ الجزائر لن تكرّس التّفرقة العربية إما قمة جامعة قمة إن سيسعى إلى إعادة النظام السوري إل الجامعة العربية، عل حدّ قوله.

هنا، أكّد الريس الجزائري على ضرورة لملمة الدول العربية تحت مظلّة جامعة الدول العربية ومن خلال القمة العربية التي من المفترض أن تحتضنها الجزائر في شهر آذار/مارس من السنة القادمة، لتكون قمة تستدعي "قبول البلدان العربية بعضها البعض" كما قال.

تكامل بين الجارتين

وعلى صعيد التعاون بين البلدين، قال الرئيس تبون إن تونس والجزار يسيران نحو تكامل اقتصادي بين  ليعيش الشعبان الجزائري والتونسي في الرفاه، إذ رد الرئيس تبون عن سؤال يتعلق بما ستقدمه الجزائر (الشقيقة الكبرى) لتونس، قائلًا إن "تونس هي امتداد للجزائر والجزائر هي امتداد لتونس، وأن هناك سند اقتصادي لتونس دون الدخول في تفاصيله، والمساعدة ستكون كاملة وشاملة حسب قدرات الجزائر دون أن تبخل الجزائر على تونس في أي شيء".

وفي هذا المضمار، أشار إلى أن تداعيات الجائحة الصحية تسببت في انهيار الدول الكبرى، لافتًا إلى أن "الجزائر تمتاز بالصبر، وليس لدينا ثقافة الانهزام وثقافة البلدين هي ثقافة الفوز ". 

واعتبر المتحدث أن هناك سندًا اقتصاديًا جزائريًا لتونس، مبرزًا أن بلاده ستسعى إلى مساعدة تونس اقتصاديًا وفق قدراتها المسموحة، دون أن تبخل بتقديم اليد لها في كلّ الظروف.

في هذا الصدد، وجب التذكير بتوقيع البلدان خلال زيارة تبون 27 اتفاقية تعاون تضم عدة قطاعات ومجالات وهي: العدالة، الداخلية والجماعات المحلية، الطاقة والمناجم. كما مست أيضًا الصناعات المتوسطة والمصغّرة والنّاشئة، الصّناعات الصيدلانية، البيئة، الشّؤون الدينية، التربية والتّكوين المهني، الصيد البحري، الإعلام الآلي والثقافة.

وفي هذا الإطار، وجب التذكير بأن حجم المبادلات التجارية بين تونس والجزائر بلغ 1.259 مليار دولار في العام 2020، وهي موزّعة على 1.032 مليار دولار صادرات جزائرية إلى تونس. مقابل واردات منها إلى الجزائر قدرت بـ 228.20 مليون دولار.

ردّ وخطوة عربية

خلال المؤتمر الصحفي المشترك بين الرئيسين الجزائري والتونسي، شدّد تبون على أن الجزائر تحافظ على مبادئ القوة والوحدة العربية، وتقديم يد المساعدة للدول التي تعيش تجاذبات سياسية في الداخل، منبهًا إلى أن الجزائر لن تتدخّل في شؤون الدول إلا من باب تقديم المساعدة والتعاون لتجاوز المحن.

وبرده هذا كان يرد الرئيس على بعض التقارير السياسية والتصريحات التي وجّهت سهامها نحو زيارة الرئيس تبون والتي ستكون عامل قوة للرئيس سعيّد ضدّ خصومه السياسيين عقب الإجراءات التي أعلن عنها مؤخّرًا، تضمّ أجندة انتخابية ومواعيد سياسية خلال العام المقبل تتعلّق بالإبقاء على تجميد عمل البرلمان والدعوة لاستشارة شعبية بخصوص الدستور المنتظر الاستفتاء عليه في تموز/جويلية المقبل، فضلًا عن إجراء انتخابات برلمانية نهاية العام المقبل.

وكان رد الرئيس تبون بأن زيارة تونس تأتي في خضم العمل المشترك والتعاون بين البلدين والتكامل في شتى القطاعات، قائلًا بأنه رغم التقارب بين البلدين إلا أنه لا يسمح لنفسه بالتدخل في الشّأن التونسي.

فرص ضائعة 

من جهته، عبر الرئيس التونسي قيس سعيّد عن أمله في أن تتوطّد العلاقات التونسية الجزائرية أكثر في المستقبل، حتى تصبح مثالًا يحتذى به في أماكن أخرى.

ونوّه سعيّد خلال كلمته في المؤتمر الصحافي المشترك، بالموقف الجزائري تجاه تونس في مجابهة جائحة كورونا بقوله: ''لن أنسى الموقف الجزائري في الأزمة الصحيّة. وكيف يتم اقتسام الأوكسجين بين الدولتين (...) سنتقاسم كل شيء، نتقاسم نفس الآمال والإرادة لتحقيق آمال شعبنا في تونس والجزائر".

وأضاف سعيّد في هذا الإطار أن زيارة الرئيس تبون ستمهد لأن تكون خطوات أخرى في التعاون بين البلدين، إذ أنه سيتمّ العمل على "اختصار المسافة لتلافي ما ضاع في بعض الأحيان من فرص"، حسب تصريحه.

قيس سعيد: سيتمّ العمل على اختصار المسافة لتلافي ما ضاع في بعض الأحيان من فرص

كما أشار الرئيس التونسي إلى أن ''العلاقات بيننا علاقات متميزة عبر التاريخ وستكون متميزة في المستقبل، لأنه لا يمكن مواجهة التحديات فرادى؛ بل يجب أن نكون مجتمعين بطرق مختلفة تحقق المقاصد التي وضعت من أجلها هذه الاتفاقيات الموقعة مؤخرًا، فضلًا عن آفاق مستقبلية في تطوير التعاون والشراكة في شتى المجالات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تبون في تونس.. ماهي خلفيات أول زيارة لرئيس جزائري منذ 12 سنة؟

الجزائر تقرض تونس 300 مليون دولار