15-مايو-2017

معتوق بوراوي/ ليبيا

كانت القصّة القصيرة في العقود الثلاثة التي تلت الاستقلال الوطني عام 1962، من أكثر الأجناس الأدبية حضورًا في المشهد الجزائري، كتابةً وقراءةً ونقدًا وترجمةً وانفتاحًا على هواجس الإنسان والمكان الجزائريين، حتى أنه يمكننا القول إنّ المدوّنة القصصية شكّلت وثيقة على الأمزجة والأسئلة الإنسانية والسّياسية خلال تلك الفترة.

بعد الاستقلال عام 1962، كانت القصة من أكثر الأجناس الأدبية حضورًا في المشهد الجزائري

كان يظهر ذلك من خلال المجاميع القصصية الصّادرة، ومن خلال "ملتقى القصّة القصيرة" في مدينة سعيدة، 500 كيلومتر إلى الغرب من الجزائر العاصمة، حيث كان يجمع سنويًا المهتمّين بهذا الجنس الأدبي كتابةً وبحثًا ونقدًا، في نقاشات وقراءات مفتوحة، ممّا جعل منه منصّة لانطلاق معظم التجارب القصصية الجزائرية.

اقرأ/ي أيضًا: القصّة القصيرة.. سلطة الهامش

اختفاء هذا الملتقى، وتوجّه معظم القصّاصين إلى الكتابة الرّوائية، وزهد النّاشرين في ما يصلهم من مخطوطات قصصية، بعد تحرير النّشر في البلاد، جعل القصّة القصيرة تنكمش لصالح الرّواية والشّعر، مع مطلع تسعينات القرن العشرين، ولولا بعض المبادرات المحدودة لما كان لها حضور يُذكر، من ذلك إقدام "الجمعية الثقافية الجاحظية"، التي كان يديرها الرّوائي الطاهر وطّار على إطلاق مجلّة "القصّة".

في السّنوات الثلاث الأخيرة، ولأسباب جديرة بالدّراسة والانتباه، عاد الألق للقصّة القصيرة، من خلال عشرات الإصدارات، وظهر ذلك من خلال "معرض الجزائر الدّولي للكتاب"، حيث نافس بعض القصّاصين، في الحضور النقدي والإعلامي واستقطاب القرّاء الأسماء الرّوائية المكرّسة.

في ظلّ هذا كلّه، بادر الكاتبان نور الدّين مبخوتي وعبد القادر الزّيتوني، بالتنسيق مع قصر الثقافة ومديرية الثقافة بمدينة تلمسان، 600 كيلومتر غربًا، ببعث ملتقًى وطني يحتفي بالتجارب القصصية في الجزائر، "محاولين أن نجعل منه منبرًا سنويًا يحتفي بجديد المدوّنة القصصية، ويقدّمه للقرّاء والنقّاد والمؤسسات الجامعية"، بحسب الشّاعر نور الدّين مبخوتي.

ويضيف نور الدين مبخوتي في حديثه لـ"الترا صوت" أنّ الملتقى بقدر ما سيضيء التجارب الجديدة، بقدر ما سيلتفت إلى التجارب المؤسسة، مثل تجارب عمّار بلحسن ومصطفى فاسي وسعيد بوطاجين، "علينا أن نتجاوز القطائع السّلبية بين الأجيال، في مختلف مجالات الإبداع، لأننا أوغلنا فيها بما جعلنا جزرًا أدبية معزولة".

الملتقى الذي سينطلق غدًا الثلاثاء، ستحضره أسماء وازنة في الإبداع القصصي الجزائري، مثل جيلالي عمراني وحفيظة طعّام وعبد الكريم ينّينة وعبد القادر ضيف وجميلة طلباوي وسعدي صباح وعبد الوهاب بن منصور وحسين علّام ونسيمة بو عبد الله.  

 

اقرأ/ي أيضًا:

القصّة القصيرة.. وعي اللحظة والتقاطُها

صباح سنهوري: ستغمر المحبة العالم