29-فبراير-2024

تشهد فترة الامتحانات ضغطًا كبيرًا على التلاميذ والأولياء

تعرف الجزائر خلال الأسبوع المقبل فترة امتحانات الفصل الثاني لجميع المستويات والأطوار، ويُعدّ الضغط النفسي أكثر ما يميز فترة الإختبارات، ومن التحديات التي تواجه الأطفال خلال هذه الفترة،  حيث يُمكن أن يُؤثّر سلباً على قدرتهم على التركيز والتحصيل الدراسي.

تؤثر الضغوطات على سلوك الطفل، من خلال صعوبة التركيز وعدم القدرة على القيام بالمهام المدرسية أو الأنشطة الأخرى، وفقدان الاهتمام بالهوايات والأنشطة المفضلة

منال ذات 17 عام ، تلميذة في قسم بكالوريا هذه السنة،  لطالما عرفت بذكائها وقدرتها على التحصيل الدراسي، وكانت تحلم دائماً بالالتحاق بأفضل الجامعات، وفق ما ترويه لـ"الترا جزائر". ولكن مع اقتراب امتحانات الفصلية، بدأت منال تشعر بضغوط نفسية هائلة.

والدا منال يعلقان عليها آمالاً كبيرة، ويحلمان برؤيتها طالبة جامعية ناجحة. ومع كل يوم يمر، كانت هذه الضغوطات تزداد، مما أدى إلى شعور منال بالقلق والخوف. وبدأت منال تعاني من الأرق واضطرابات النوم، وصارت تفقد تركيزها في الدراسة. وكلما حاولت التركيز على دروسها، زاد شعورها بالضغط و القلق. 

وفي أحد الأيام، بينما كانت منال تُذاكر، لم تتمكن من التركيز وشعرت بنوبة بكاء هستيري. وعندما سألها والداها عن سبب بكائها، أخبرتهما عن الضغوطات التي تعاني منها بسبب امتحانات الفصل الثاني وامتحان البكالوريا خلال بضعة أشهر، حاول والدا منال تهدئتها وطمأنتها، وأخبراها أنهما يؤمنان بقدراتها وأنهما يفخران بها مهما كانت النتيجة. ونصحاها بممارسة بعض الرياضة والاسترخاء وأخذ قسط كافٍ من النوم.

تأثيرات تتعدّى الجانب النفسي

لا تقتصر تأثيرات الضغط النفسي على الجانب النفسي فقط، بل تمتد لتشمل جوانب جسدية وسلوكية واجتماعية ودراسية. جسدياً، تظهر على شكل صداع مزمن وآلام المعدة  نتيجة إفراز هرمونات التوتر التي تؤثر على الجهاز الهضمي والعصبي، والأرق والتعب  اضطرابات النوم التي تضعف التركيز ويسبب الإرهاق، بالإضافة الى تغيرات في الشهية، فقدان الشهية أو الشراهة في الأكل، وظهور المشاعر السلبية مثل القلق والتوتر والخوف والتي تؤثر على مزاج الطفل وسلوكه، والإحباط حيث يشعر الطفل  بالفشل وعدم القدرة على تحقيق الأهداف، وحتى فقدان الثقة بالنفس والشعور بالنقص وعدم القيمة.

وكما تؤثر هذه الضغوطات على سلوك الطفل، من خلال صعوبة التركيز وعدم القدرة على القيام بالمهام المدرسية أو الأنشطة الأخرى، وفقدان الاهتمام بالهوايات والأنشطة المفضلة، والانسحاب من الأنشطة الاجتماعية وتجنب التفاعل مع الآخرين. وانا على المستوى الدراسي يعاني الطفل من ضعف الذاكرة وصعوبة تذكر المعلومات واسترجاعها، وعدم القدرة على الفهم والتحليل، وتراجع في الأداء الدراسي وانخفاض في الدرجات والنتائج. وله تأثيرات الاجتماعية تظهر من خلال العزلة والانطواء وتجنب التفاعل مع الآخرين والسلوك العدواني مثل الغضب والعنف تجاه الآخرين.

ومن أهم أسباب الضغط النفسي على الطفل، توقعات الوالدين بتحقيق نتائج ممتازة في جميع المواد، والتركيز على الدرجات العالية دون الاهتمام بفهم وتعلم المواد، ومقارنة الطفل بأخوته أو زملائه مما يخلق شعورًا بالنقص، وهذا يخلق الشعور بالمسؤولية تجاه توقعات الوالدين، والخوف من خيبة أملهم  وينتج عنها القلق من عدم النجاح في الامتحان، والشعور بالدونية وعدم الثقة بالنفس.

بالإضافة الى عدم الاستعداد الكافي للامتحان، بتأجيل المذاكرة إلى آخر لحظة، وعدم وجود خطة مراجعة منظمة و بيئة مناسبة للدراسة.وكما يلعب النمط الغذائي للطفل  دورا مهما في سلوكه الدراسي فالاكل غير المتوازن مثل نقص الفيتامينات والمعادن، وتناول الكثير من السكريات والذي يؤدي الى ارتفاع مستوى السكر في الدم، يجعل الطفل يشعر دائما  بالتعب والإرهاق، وضعف التركيز وصعوبة التعلم. 

توفير بيئة هادئة

ولمساعدة الطفل على التعامل مع الضغط النفسي، ينصح بتوفير بيئة هادئة للدراسة بعيدة عن المشتتات مثل التلفاز والهاتف، ووضع خطة مراجعة منظمة مثل تقسيم المواد الدراسية إلى أقسام صغيرة، وتحديد فترات راحة قصيرة بين كل فترة مذاكرة.

وكما ينصح بتشجيع الطفل على ممارسة الرياضة، لأنها تساعد على تخفيف التوتر والقلق، وتُحسّن من التركيز والذاكرة، أيضا بتقديم الدعم النفسي للطفل من خلال التحدث مع الطفل عن مشاعره ومخاوفه، والتأكيد على حبّه ودعمه بغض النظر عن نتائج الامتحان، وتجنب المقارنة بين الطفل وأخوته أو زملائه، لان كل طفل له قدراته الخاصة، والمقارنة تُؤثّر سلباً على ثقة الطفل بنفسه. وكما يجب اعتماد نظام غذائي صحي خال من السكريات وغني بالفيتامينات والألياف والبروتينات التي تعطي الطفل طاقة ونشاط على طول اليوم.