بعد تَعيين أيمن بن عبد الرحمان وزيرًا أوّل، يتّضح أن الملفات الاقتصادية والاجتماعية ستكون على سلم أولويات الحكومة المقبلة، وفي ظلّ تآكل احتياط الصرف واستمرار العجر في الموازنة وتراجع آليات التمويل، سيعكف الفريق الحكومي على إيجاد حلول تهدف إلى إيجاد خطط تمويل الإنعاش الاقتصادي، والبحث عن طرق استقطاب أموال السوق الموازية، وإيجاد أوعية جبائية جديدة.
يتخوف خبراء من استخدام خطة التمويل من أجل تغطية عجز الميزانية فحسب
حلول البنك المركزي
في السياق، طرح البنك المركزي مؤخرًا اعتماد برنامج خاصّ لإعادة التمويل وتعويض عجز الميزانية، ودعمًا لخطة إنعاش الاقتصاد الوطني بمقدار 2100 مليار دينار، أي ما يعادل 15 مليار دولار.
اقرأ/ي أيضًا: تعيين فاضلي محافظًا جديدًا للبنك المركزي
ويرى خبراء أن الاعتماد المالي من طرف البنك المركزي يشكّل آلية من آليات تمويل الاقتصادي، يساهم في ضخ المزيد من الأموال في السوق التمويلية، ويُعتبر من بين الخيارات المتاحة التي تسمح من امتصاص العجر المسجل في السيولة.
وفي ظل استبعاد فكرة الاستدانة الخارجية، يَعدُ الاجراء أفضل من الاعتماد على التمويل التقليدي أو طباعة النقود التي أدت في نهاية المطاف إلى التضخّم في وقت سابق، بسبب عدم وجود ما يقابل النقود المطبوعة ما يُعادلها في السوق.
حلول مؤقتة
في مقابل ذلك، قال مولود مدي، المختص في الشأن الاقتصادي، أنه لا يمكن تمويل الاقتصاد بشكلٍ كافٍ عبر اعتماد مالي مقدر بـ 2100 دينار، في حين العجز في الموازنة يقدر بـ 4000 مليار دينار.
وأضاف المتحدث في اتصال مع "التر جزائر" لا يمكن الحديث عن مخطط اقتصادي يواجه أزمات هيكلية، عبر الاعتماد على سياسيات نقدية فقط، ويٌفسر مدي أن التمويل النقدي عبارة عن تدخل البنك المركزي لمنح تسبيقات للخزينة العمومية، أو توفير السيولة التي تحتجها الخزينة، مضيفًا أن الهدف هو ارتفاع المعروض النقدي الناتج عن الحاجات التمويلية.
في هذا السياق، يُبرز مولود مدّي الجانب السلبي لإعادة التمويل، المتمثلة في ارتفاع الدين الداخلي، وتدهور قيمة الدينار، وتزايد معدّلات التضخّم، وتآكل الطبقة المتوسطة، مشدّدًا على أن خطة البنك المركزي هي "عبارة عن مهدئ ظرفي ناتج عن سياسيات إنفاق غير عقلانية، كما يهدف إلى توفير السيولة في الآجال القصيرة".
تمويل عجز الميزانية؟
من جهتهم، يرى مختصون في الجانب الاقتصادي، أن التمويل النقدي يهدف إلى توفير موارد مالية لتحقيق أهداف تنموية، أو خطة إنعاش اقتصادي، عل غرار إطلاق مشاريع بنى تحتية، أو تشكيل رؤوس أموال جديدة تستعمل في إنتاج قيمة مضافة لاقتصاد الوطني، وخلق ثروة مستدامة.
على نقيض من ذلك يتخوف خبراء من استخدام خطة التمويل من أجل تغطية عجز الميزانية فحسب، أو طريقة إيجاد اعتمادات مالية اضافية قصد المضاعفة من الانفاق العمومي غير المنتج، خاصّة في غياب أي سياسية واضحة لترشيد النفقات الدولة.
صندوق إنعاش اقتصادي
وفي السياق ذاته، يؤكد الخبراء أن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى إعادة هيكلية تسمح بتنويع مصادر المداخيل بالعملة الصعبة، وتغيير جذري في نمط تسيير هياكل الدولة.
هنا يطرح مختصون فكرة وضع صندوق إنعاش اقتصادي والبحث عن آليات تمويل الصندوق لخروج من أضرار الاقتصاد الريعي ومواجهة الركود الناجم عن وباء "كوفيد-19".
يبقى التحدي أمام الحكومة القادمة البحث عن موارد مالية جديدة للاقتصاد الجزائري
ويبقى التحدي أمام الحكومة القادمة البحث عن موارد مالية جديدة للاقتصاد الجزائري، والانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الصناعي والخدماتي والمراهنة على رقمنة الاقتصاد الذي يشكّل أهم الموارد المالية العالمية.
اقرأ/ي أيضًا:
البنك المركزي يتخذ إجراءات حمائية لمواصلة تمويل المؤسّسات
الجزائر وانهيار أسعار النفط.. الحكومة بين طبع النقود والاستدانة الخارجية