22-نوفمبر-2020

الدفع الإلكتروني في الجزائر مقتصر على مجالات محدودة جدًا (الصورة: ألجيري دايلي)

وضعت الحكومة الجزائرية رقمنة مختلف القطاعات العمومية ضمن الأهداف الرئيسية الواجب التعجيل بتحقيقها، وفق تصريحات مختلف المسؤولين في البلاد وفي مقدّمتهم الرئيس عبد المجيد تبون، غير أن الواقع الميداني يظهر أن وتيرة تحقيق ذلك لا تسير بالسرعة المطلوبة، بعد أن أجّلت السلطات العمل بالدفع الإلكتروني من جديد حتى نهاية 2021، وهو الذي كان مقرّرًا أن يعمم في 2018.

لازال كثير من الجزائريين يعتمدون على الطرق التقليدية في اقتناء حاجاتهم اليومية

وعلى عكس معظم دول العالم، لازال كثير من الجزائريين يعتمدون على الطرق التقليدية في اقتناء حاجاتهم اليومية، لأنّ عمليات الدفع الإلكتروني تبقى منحصرة حتى اليوم على قطاعات معينة، ولا تقدّم خدمتها سوى بمؤسّسات محدودة قد تعدّ على الأصابع.

اقرأ/ي أيضًا: الاقتصاد الرقمي في الجزائر.. الفرصة الضائعة

تمديد جديد

حمل مشروع قانون المالية لسنة 2021، الذي يناقش الآن من طرف البرلمان أخبارًا تؤكّد من جديد تخلف الجزائر في مجال دخول الرقمنة، بعد أن مدّد موعد تعميم محطات الدفع الإلكتروني سنة أخرى، وهي التي كان مقرّرًا أن تتم في شهر كانون الأوّل/ديسمبر المقبل.

وتضمّن مشروع القانون تحديد 31 كانون الأول/ديسمبر من سنة 2021 آخر موعد لتنفيذ أحكام قانون المالية 2018، الذي يفرض على المتعاملين الاقتصاديين وصع وسائل الدفع الالكتروني تحت تصرف المستهلك الذي يبقى إلى اليوم مضطرًا للدفع نقدًا.

وليست هذه المرّة الأولى التي تقدّم فيها الحكومة على تأجيل إجبارية توفير خدمة الدفع الإلكتروني للمستهلكين، فقد تم تأجيله من 2019 إلى 2020، واليوم يؤجّل حتى سنة 2021.

ولا ينحصر هذا التأخّر على المتعاملين الخواص فقط، بل إن بعض المؤسسات العمومية معنية هي الأخرى بهذا التخلف، فعلى سبيل المثال القرض الشعبي الجزائري الذي يعد من أكبر المؤسسات البنكية في الجزائر لازالت 20 في المائة من أجهزة الدفع الإلكتروني التابعة له غير عملية، حسب تصريحات مسؤولين.

وعود مؤجلة

يضع هذا التمديد في تعميم محطّات الدفع الإلكتروني الكثير من الوعود الحكومية ضمن رفوف الملفات المؤجّلة، وفي مقدّمتها التجارة الإلكترونية رغم وعود مسؤولي القطاع بالعمل على تطوريها.

ويظهر أن وزير التجارة كمال رزيق، قد اقتنع أنه سيخضع للأمر الواقع، بعد أن صرح بأن انطلاق عملية الدفع الإلكتروني رسميا على مستوى المتعاملين الاقتصاديين لن تكون إلا ابتداء من 21 أفريل 2021.

وشدّد رزيق على التجار وأصحاب المهن الحرة والحرفيين والمؤسسات الاقتصادية، بضرورة تمكين المستهلكين من استعمال وسائط الدفع الإلكتروني، بما أنّ هذه الخدمات ستكون مجانية.

وحسب وزير التجارة، فإن استعمال الوسائط الإلكترونية في مجال التجارة والاقتصادي يبقى إلى اليوم محصورًا عند 27 بالمائة فقط من المؤسّسات.

ويضع هذا التمديد وعود الرئيس تبون برقمنة مختلف القطاعات في البلاد أمام امتحانٍ صعبٍ، بما أن الدفع الإلكتروني عنصر أساسي في انخراط المواطن في عملية الرقمنة، إضافة إلى أن وعود الحكومة بتحسين الجباية ومحاربة التهرب الضريبي تبقى بعيدة التحقيق، بالنظر إلى أن أنجع طريقة لمحاربة الاقتصاد الموازي والتهرب الضريبي مبني على الدفع الإلكتروني الذي يسمح بمراقبة رقم أعمال أيّ متعامل اقتصادي

صعوبات

يعترف رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين الحاج الطاهر بولنوار، بوجود صعوبات في ضمان المتعاملين الاقتصاديين خدمة الدفع الإلكتروني للمستهلكين.

ويقترح بولنوار، أولًا تحديد الأنشطة الملزمة بصفة تدريجية حتى التمكن من تعميم هذه الخدمة في جميع النشاطات، لأنّ العملية ستشمل أكثر من مليوني سجل تجاري في البلاد، لذلك يرى أن تنطلق عملية الدفع في البداية على مستوى الفضاءات التجارية الكبرى وبعض الخدمات.

وفي الحقيقة، لا يقتصر الارتقاء بخدمات الدفع الإلكتروني على توفّر محطاتها فقط، بل أيضًا بعقلية المتعاملين الاقتصاديين والمؤسّسات العمومية التي لا تزال في كثير من الأحيان تسيّر بعقليات تقليدية تسعى لمقاومة كل ما له علاقة بالتكنولوجيا ورقمنة نشاطها، لأنه سيفتح المجال لمراقبة أفضل، وكشف كل فساد أو تجاوز يستغل هذه الثغرات للهروب من المحاسبة القانونية والإدارية.

جائحة كورونا أثبتت أن التحول إلى العالم الرقمي في جميع المجالات أصبح حتمية وليس مجرد خيار

وإلى أن تتم عملية تذليل مختلف الصعاب التي تعترض تعميم الدفع الإلكتروني في جميع ولايات البلاد، يبقى المستهلك مجبرًا على استعمال الطرق التقليدية، بالرغم من أن جائحة كورونا أثبتت أن التحول إلى العالم الرقمي في جميع المجالات أصبح حتمية وليس مجرد خيار.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

انقطاع الإنترنت في الجزائر.. مصداقية البكالوريا تضرب الاقتصاد

إلغاء رحلات العمرة للجزائريين بسبب إجراءات السعودية الجديدة