12-سبتمبر-2019

شهد الحراك الشعبي في الجزائر مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين (تصوير: بلال بن سالم: Getty)

أجرى رئيس الدولة المؤقّت عبد القادر بن صالح هذا الأسبوع، تغييرات واسعة في سلك الشرطة والأمن الوطني، مسّت مسؤولين سامين وولائيين، في حركة لم تعرفها البلاد من قبل، لتختلف بشأنها القراءات إن كانت تندرج في خانة "حملة تطهير" تستهدف رجال نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والتي مسّت في وقت سابق، قطاع القضاء والجيش ومناصب وزارية في الحكومة، أم أنّ الأمر يتعلّق بتقديم ضمانات إضافية للمواطنين، بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في أجواء شفافة.

مسّت حركة التغييرات التي أجراها الرئيس المؤقّت، عدّة  إطارات سامية بالإدارة المركزية للمديرية العامة للأمن الوطن

لم تكن مديرية الأمن بعيدة عن التجاذبات السياسية منذ انطلاق الحراك الشعبي، فكثيرًا ما كانت توجّه إليها الاتهامات بمحاولة زرع الفوضى داخل المسيرات ودفع المحتجين إلى إثارة الشغب في المظاهرات، ومحاصرة الحراك تمهيدًا لتوقيف مساره. في مقابل ذلك، وعلى صعيد سياسي، كثيرًا ما كانت بعض قوى المعارضة، تتّهم وزارة الداخلية بتزوير الانتخابات، لإشرافها المباشر على حماية صناديق الاقتراع، بواسطة أجهزتها الإدارية والأمنية بما فيها جهاز الشرطة.

اقرأ/ي أيضًا: عنفٌ أمني في مواجهة الحراك.. عودة لخطابات التخويف

تغييرات واسعة

مسّت حركة التغييرات التي أجراها الرئيس المؤقّت، عدّة  إطارات سامية بالإدارة المركزية للمديرية العامة للأمن الوطني، وشملت 11 قياديًا في جهاز الشرطة.

بناءً على هذه القرارات، عُيّن جمال بن دراجي مفتشًا عامًا للمصالح، ومحمد نوي سيفي مديرًا لشرطة الحدود، وأرزقي حاج سعيد مديرًا للشرطة القضائية، وبن يطو بن زيان، مديرًا للاستعلامات العامة، وسي محند محمد سعيد مديرًا للشرطة العامة، وفؤاد سيب مديرًا للإدارة العامّة.

كما عُين أيضًا، محمد عجوادي مديرًا للدراسات، رئيسًا لديوان المدير العام للأمن الوطني، ومحمد مالك مديرًا للدراسات مكلفًا بالتعليم والمدارس، وعلي فراغ، مديرًا للدراسات مكلفًا بالمدرسة العليا للشرطة، وأحمد بوربيع نائب مدير التجهيزات، وعبد القادر مصطفاوي نائب مدير الموظفين.

قبل ذلك، وفي 24 آب/أغسطس الماضي، تمّت إقالة عبد القادر قارة بوهدبة من على رأس المديرية العامة للأمن الوطني، وعُيّن أونيسي خليفة خلفًا له.

رجال بوتفليقة

لا يُمكن تفسير التغييرات الواسعة التي مسّت سلك الشرطة، خارج سياق الإقالات التي تقوم بها السلطة الحالية في عدّة قطاعات حسّاسة، فهي توصف على أنها آخر حملة لتصفية رجال الرئيس السابق الذين كان يعتمد عليهم النظام السابق في المجالات السيادية، فقد سبقتها إقالات في الجيش والقضاء ووزارة الداخلية فيما يتعلّق بسلك الولاة.

في عهد مدير الأمن الوطني السابق مصطفى لهبيري، تمّ تسريب تغييرات في سلك الشرطة مسّت عدّة ولايات، غير أن نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، عبر وزير الداخلية آنذاك نور الدين بدوي -الذي يطالبه الحراك الشعبي اليوم بالاستقالة- قام بإلغاء القرار.

كما رفضت الرئاسة وقتها، تغييرات في المناصب السامية للشرطة، وأرجع متابعون الخطوة إلى عدم رضا محيط الرئيس السابق عن تغييرات مصطفى لهبيري، الذي لم يعمّر طويلًا في مديرية الأمن.

اضطرت إدارة لهبيري وقتها، إلى تبرير رفض قراراتها من قبل وزارة الداخلية والرئيس السابق بالقول، إنّ التحويلات والإقالات التي تمت "ليست لها الصفة النهائية، وأنها تبقى مفتوحة إلى غاية المصادقة عليها نهائيًا من السلطات العمومية".

بالعودة إلى الملفّات التي فتحتها العدالة الجزائرية، ضدّ رموز النظام السابق، يظهر أن أكبر قضايا الفساد في سلك الشرطة، كانت تلك التي عرفتها فترة المدير العام الأسبق للأمن الوطني عبد الغني هامل، القابع اليوم في سجن الحراش بالعاصمة، بعد صدور قرار بوضعه رهن الحبس المؤقت مع أربعة من أبنائه، إضافة إلى وضع زوجته تحت الرقابة القضائية، وألحقت بهم تهمٌ تتعلّق بالثراء المشبوه ونهب العقّار العمومي في عدّة ولايات، إضافة إلى تسريبات تتحدّث عن صلته بقضية تهريب الكوكايين.

تحدي الانتخابات

تزامن الإعلان عن التغييرات الجديدة في سلك رؤساء أمن الولايات، مع دراسة مجلس الوزراء لمشروع القانونين المتعلقين بـ"السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات"، وتعديل القانون العضوي للانتخابات، ما يعني أن الهدف من هذه التغييرات هو محاولة السلطة التسويق بأن كل الأجهزة المعنية بعملية الاقتراع تم "تنظيفها" من الممارسات السابقة.

لطالما اتهمت المعارضة السلطة بتسخير مختلف الأجهزة الحكومية لتزوير الانتخابات، لصالح أحزاب الموالاة، أبرزها جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، إضافة إلى تورّط جهاز الشرطة، المسؤول عن توفير الأمن خلال نقل صناديق الاقتراع إلى مراكز المصادقة على النتائج.

في الانتخابات المحليّة الماضية، التي جرت في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، سخّرت الداخلية 180 ألف شرطي لتأمين المحليّات، وهي آخر استحقاق أجري في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

اتهمت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، السلطة بتزوير انتخابات 2014 باستعمال جهاز الشرطة

وفي رئاسيات 2014، اتهمت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، القابعة اليوم في السجن العسكري بالبليدة، السلطة بتزوير الانتخابات برفع نسبة المشاركة والتصويت لبوتفليقة، عن طريق جلب شرطيات للتصويت في مكتب الجزائر الوسطى بالعاصمة، رغم أنّهن غير مسجّلات بمراكز الاقتراع التي انتخبنّ بها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جديد الشرطة القضائية.. تحقيقات بالسرعة القصوى

بعد الجمعة الـ13.. هل يضم الحراك الشعبي قايد صالح لـ"العصابة"؟