18-مايو-2019

لافتة تدين قايد صالح في الجمعة الـ13 (فيسبوك)

لم تختلف الجمعة الـ13 من الحراك الشعبي عن سابقاتها، من حيث كثافة المشاركة رغم ظروف الصيام، إذ كانت بعض أوجه السلطة تراهن على شهر رمضان في أن يُثبط عزائم الجزائريين، إذ تظاهر سكان الشمال نهارًا كالعادة، فيما تظاهر سكان الجنوب ذي المناخ الصحراوي ليلًا، بالنظر إلى ارتفاع درجات الحرارة.

كان شعار "جمهورية ماشي كازارنة" على رأس الشعارات المرفوعة، رفضًا لانحياز قايد صالح للخيار الدستوري

غير أنها اختلفت من زاوية تعامل رجال الشرطة مع المتظاهرين، خاصةً في الجزائر العاصمة، حيث تعرض بعض المتظاهرين للغازات المسيلة للدموع، كما أقدمت الشرطة على منعهم من الوصول إلى سلالم البريد المركزي، ومن زاوية مطالبة قطاع واسع من المتظاهرين برحيل قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: موجة عالية للقضاء: نائب عام جديد والمزيد من ملفات الفساد أمام المحاكم

ظهر ذلك في الشعارات المنطوقة والمكتوبة، منها "الجيش جيشنا والقايد خاننا" و"يا القايد صالح ماكش صالح" و"القايد صالح عميل للإمارات" و"يا القايد صالح روح وأدي بن صالح". وكان شعار "جمهورية ماشي كازارنة" أي أن الجزائر جمهورية وليست ثكنة، في طليعة الشعارات المرفوعة، في مسعى رفض الجزائريين لانحياز رئيس أركان الجيش للخيار الدستوري، الذي يقوم على تنظيم انتخابات رئاسية في الرابع من تموز/يويليو القادم، تحت إشراف رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة المعين نور الدين بدوي.

"انقلاب مفاجئ"

يقول الناشط عمر دريوش لـ"الترا جزائر"، إن "رئيس أركان الجيش ساير في بدايات الحراك مطالب الجزائريين القاضية برحيل الباءات الحاكمة، حتى أنه سماها العصابة كما يسميها الشعب، ثم انقلب فجأةً وراح يدعو إلى احترام المسار الدستوري، بالمشاركة في المشاورات والانتخابات".

وعن خلفية تراجع رئيس أركان الجيش عن موقفه الأول، يقول دريوش إنه "تعمد أن يظهر نصيرًا للشعب حتى يحبه ويثق فيه، ثم استغل تلك الثقة، حتى أن شباب الحراك بات يُناديه بالعم، في تمرير المسار الدستوري"، وهو المعطى الذي قسم صفوف الحراك إلى فئة مساندة لخيار القايد صالح، بحجة قطع الطريق على التدخل الأجنبي، وفئة رافضة له وفاءً للمطالب الأصلية للحراك، التي تدعو إلى إزاحة الوجوه المرفوضة شعبيًا، وتعويضها بوجوه نظيفة ونزيهة، حتى تشرف على مرحلة انتقالية تفضي إلى انتخابات رئاسية حقيقية.

ويختم عمر دريوش: "يحاول أنصار الخيار الأول أن يُظهروا منتقدي القايد صالح على أنهم مناوئون لمؤسسة الجيش، بينما هذا غير صحيح، فنحن نفرق بين الجيش بصفته مؤسسة جمهورية جديرة بالاحترام، ورئيس أركانها بصفته شخصًا موظفًا لدى الشعب".

تعليقات على الجمعة الـ13

وفي السياق، نشر الكاتب عبدالكريم ينينة تدوينة على فيسبوك، قال فيها: "ثمة بروزًا لتيارين أصبحا واضحين الآن، وسيشكلان في المستقبل قوتين سياسيتين إن تخلتا عن عنصري الدين والجهوية العرقية، هما التيار الجمهوري والتيار الديمقراطي".

وأضاف: "رؤية كل منهما في الوقت الراهن تنحصر في نقطة واحدة. التيار الجمهوري هو المتمسك بالخيار الدستوري وقوانين الجمهورية، والتيار الديمقراطي هو المتمسك بذهاب ما سُمي بالباءات وإعادة تأسيس الجمهورية".

ويرى الإعلامي والناشط احميدة عياشي، في تدوينة له، أن هذا الانقسام في الخيارات بات يتجسد في ما أسماه "صراعًا على الاحتلال الرمزي للمكان"، مثلما حدث في الجمعة الـ13، حيث عملت الشرطة على استرجاع البريد المركزي في الجزائر العاصمة، فيما اعتبرها "معركة حقيقية أراد بها النظام فرض إرادته وسلطته ومنطقه، على مدار ثلاث ساعات، ثم تمكن الشعب في الأخير من أن يُحرز انتصاره ويُملي منطقه ويفرض على قوات الأمن إخلاء المكان".

من جهته كتب جعفر خلوفي، أحد أبرز مصوري المسيرات الشعبية، إن "الموافق على منع الجزائريين من دخول العاصمة، والتضييق الحاصل على الطرق المؤدية الى ولاية برج بوعريريج (في إشارة إلى رئيس أركان الجيش) يصطف بداهةً في صف أحمد أويحيي، الذي قال إن الشعب غير قادر على السير سلميًا".

يبدو أن اعتقالات وجوه الفساد، لم تقنع قطاعًا واسعًا من الجزائريين، ما دام يقف إلى جانب الرئيس المؤقت ورئيس الحكومة

وأضاف: "بلغت سلمية الحراك، منذ أربعة أسابيع، نسبة مثالية. فحتى المناوشات التي كانت تحدث نهاية كل جمعة اختفت. فلم يبقَ أي مبرر لكل هذا التعسف، الذي نراه اليوم. المنع والتضييق هدفه سياسي بحت هو دفع الناس إلى وقف الحراك والاقتناع بخطط النظام".

يبدو أن الاعتقالات التي باشرها رئيس أركان الجيش في حق وجوه الفساد، بما فيها السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، لم تقنع قطاعًا واسعًا من الجزائريين، ما دام يقف إلى جانب الرئيس المؤقت ورئيس الحكومة المدرجين ضمن الباءات المرفوضة شعبيا. فهل يتراجع عن مساندتهما، والاستجابة لمطالب الحراك، في الخطاب الذي سيُلقيه غدًا الأحد، في ولاية ورقلة، التي طالما اتخذ من زيارتها موعدًا لإعلانه قراراتٍ مهمة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

مشاهد من جمعة الحراك الـ12

ما الذي قد يعنيه القبض على سعيد بوتفليقة والجنرالين توفيق وطرطاق الآن؟