17-أغسطس-2021

(تصوير: سكوت بيترسون/ Getty) فريق التحرير - الترا جزائر

يعود ملف الخوصصة وفتح رأس المال الشركات العمومية إلى طاولة النقاش، الملف الذي طال أمده لأكثر من عقدين دون أن يجد مخرجًا لمشكلة إفلاس المؤسسات العمومية، وعجز البنوك العمومية على عصرنة القطاع المصرفي، من نافذة التعليمات التي أسداها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لفتح رأسمال الشركات العمومية بما فيها البنوك العمومية، وكذا إيجاد حلول ناجعة والابتعاد عن التسيير الإداري.

باتت الوضعية المالية التي تعرفها البلاد غير قادرة على الاستمرار في دعم المؤسسات العمومية الاقتصادية المفلسة

 في السياق الموضوع، باتت الوضعية المالية التي تعرفها البلاد غير قادرة على الاستمرار في دعم المؤسسات العمومية الاقتصادية المفلسة، وتحمل أعباء ديونها، حيث كشف الوزير المنتدب المكلف بالاستشراف سابقًا محمد شريف بلميهوب، أن الدولة موّلت قطاع العمومي بـ 250 مليار دولارًا أميركيًا خلال الـ 25 سنة الماضية.

اقرأ/ي أيضًا: بيع حصص المؤسسات العمومية.. تخلص من البيروقراطية أم ضرورة اقتصادية؟

 

  في هذا الصدد يقول عمر هارون، أستاذ الاقتصاد بجامعة المدية، إن للجزائر تجربة فاشلة مع الخوصصة، وفتح رأس مال المؤسّسات خلال التسعينيات القرن الماضي، معترفًا بأنها العملية عرفت فشلًا ذريعًا بسبب غياب استراتيجية ناجعة، على حدّ قوله.

 وأضاف في حديث لـ "التر جزائر" أن الجزائر في تلك المرحلة أُجبرت على خوصصة مؤسّساتها بسبب المديونية الكبيرة التي اثقلت كاهل الخزينة العمومية، حيث وصلت إلى 33 مليار دولار.

ثلاثة مراحل أساسية

أما بخصوص الموضع الاقتصادي الحالي، يُحدد محدثنا ثلاثة مراحل أساسية لفتح رأس مال المؤسسات الاقتصادية، والبنوك العمومية وفق استراتيجية ناجعة، هي في المرحلة الأولى؛ تقييم أصول ما تمتلك المؤسّسات المراد فتح رأس مالها، وتقدير حجمها السوقي وقدراتها الاقتصادية، وفي المرحلة الثانية يتم عرض النتائج الخاصة بعملية التقييم على نطاق واسع للبحث عن الشركاء الأنسب لهذه العملية محليًا وأجنبيًا، وتابع أن المرحلة الثالثة تتمثل في اختيار أفضل العروض والمباشرة في عملية فتح رأس مال هذه المؤسسات.

الأمر مرهون، بحسب المتحدّث، بتطوير النظام الاقتصادي، والقدرة على إخراجه من المرحلة الانتقالية الى الرأسمالية، بالإضافة إلى تحديد حجم رأس المال المراد فتحه خلال هذه المرحلة، والمسارعة في ضبط مختلف القوانين المتعلقة باستثمار الاقتصاد الجزائري، على حدّ قوله.

البنوك الريعية

في المقابل، يستبعد كمال سي محمد، دكتور في الاقتصاد في اتصال مع "التر جزائر"، أن تتم عملية فتح رأسمال مال المؤسسات العمومية والبنوك المصرفية، وأرجع محدثنا الفشل إلى عدم توفر الشروط الموضوعية التي تساعد على نجاح مسار الخوصصة.

في هذا السياق، يوضّح سي محمد، أنّ البنوك الجزائرية شكّلت بؤرًا للفساد المالي وجهازًا مصرفيًا بيروقراطيًا، مضيفًا أن دور البنوك العمومية ليس اقتصاديًا بل لتنفيذ تعليمات البنك المركزي.

وأشار دكتور الاقتصاد، أن عمل البنوك يقتصر على إجراء عمليات الاستيراد والصفقات العامة، مقترحًا أنه بدل اللجوء إلى فتح رأس مال البنوك العمومية لا بدّ من تشجيع جلب البنوك الأجنبية، التي بإمكانها في مرحلة ثانية مشاركة رأس مال البنوك العمومية.

أمّا بخصوص الصعوبات التي قد تشكل إشراك البنوك لرأس مالها، كشف محدث "الترا جزائر"، أن رأس المال البنوك العمومية ليس بالرقم الكبير وبالتالي بإمكان رأس المال الخاص المساهمة، على حدّ تعبيرها.

 السوق المالية ضعيفة

في السياق، يجدر التذكير أن السوق المالية في الجزائر لم تعرف أداءً ملحوظًا عمل على تقديم قيمة مضافة، وهذا منذ تأسيس بورصة الجزائر، إذا لم يقتحم السوق المالية إلا فندق الأوراسي ومؤسّسة صيدال، كما شهدت عملية فتح رأس المال القرض الشعبي الجزائري في سنة 2003 كعملية تجريبية فشلا لم تتّضح أسبابه.

وفي هذا الصدد، يقول مولود مدي، المهتم بالشأن الاقتصادي في حديث لـ "لتر جزائر"، إن السوق المالية في الجزائر معزولة عن العالم مقارنة بأسواق الدول المجاورة مثل تونس والمغرب، موضحًا أن كل المشاريع الاقتصادية ومخططات التنمية تعتمد على نظام مالي موجه من طرف البنوك العمومية وليس على سوق مالية، هنا، يعلق قائلًا: "مشكلة السوق المالية في الجزائر لا يتعلّق بمسائل تقنية بل سياسية".

وعن أسباب غياب السوق المالية فهي تعود، بحسب محدثنا، إلى سيطرة السوق السوداء، حيث تتوجه إليه عدّة شركات لإيجاد مصادر تمويلية عوض عن البحث طرق تمويلية تطرحها البورصة عبر السندات والأسهم".

تحتاج الدولة إلى وضع استراتيجية واضحة تحدّد معالم التوجهات الاقتصادية الكبرى والابتعاد عن التسيير السياسي للشأن الاقتصادي

وعلى العموم تحتاج الدولة إلى وضع استراتيجية واضحة تحدّد معالم التوجهات الاقتصادية الكبرى، وأهميّة ودور القطاع الخاص في بعث استراتيجية التنمية المستدامة، وخلق ثقافة إدارية ريادية والابتعاد عن التسيير السياسي للشأن الاقتصادي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بيع حصص المؤسسات العمومية.. تخلص من البيروقراطية أم ضرورة اقتصادية؟

فوضى إدارة المشاريع الحديثة.. الجزائريون يسخرون من مشروع "المدينة الذكية"