25-ديسمبر-2023
تربية

(الصورة: فيسبوك)

ألزمت وزارة التربية الأساتذة بأن يواصِلوا العمل خلال الأسبوع الأول من عطلة الشتاء، بتقديم دروس تدعيمية للتلاميذ، وبالخصوص للمقبلين على اجتياز الامتحانات الوطنية نهاية السنة الدراسية.

أستاذ علم النفس بجامعة الشلف لـ"الترا جزائر": طريقة تقديم دروس الدعم تحتاج إلى تغيير  لأن التلميذ أصبح يجد نفسه في مواجهة كم هائل من المعلومات والضغوط النفسية الأسرية والمجتمعية

ودأبت الوصاية في السنوات الأخيرة على إقرار هذا الإجراء رغم الانتقادات، التي توجّه له من قبل بعض خبراء التعليم والتربية، كونه يزيد الضغط على المتمدرسين الذين هم في حاجة للراحة بعد فصل أول طويل ومقرر تعليمي مكثف.

ويشكل تحسين مستوى نتائج التلاميذ في مختلف الفصول كل موسم دراسي تحديًا لوزارة التربية في ظل عدم مراجعتها للبرامج الدراسية الحالية، لذلك تجبر الأساتذة على تقديم دروس دعم في العطل الفصلية، وهو ما أصبح يشكل عبء على التلاميذ والأولياء على حد سواء، جراء التقليص من وقت الراحة الفصلية التي يحتاجها المتمدرس.

أسبوع كامل

ترأس وزير التربية، عبد الحكيم بلعابد، قبل انتهاء الفصل الأول بسبعة أيام ندوة وطنية عبر تقنية التحاضر المرئي، حضر أشغالها إطارات من الإدارة المركزية، ومديرو التربية، قدّم فيها تعليمات حول تنفيذ العمليات البيداغوجية والإدارية المرتبطة بنهاية الفصل الأول وغلق السنة المالية، والتي من ضمنها المهمة الموكلة للمعلمين والاساتذة في عطلة الشتاء.

وحسب بيان وزارة التربية، فقد أمر بلعابد "باستغلال الأسبوع الأول من عطلة الشتاء في تنظيم حصص للدعم والمراجعة على مستوى جميع مؤسسات التربية والتعليم لفائدة التلاميذ لا سيما تلاميذ أقسام الامتحانات".

ولم يُشِر بيان وزارة التربية إلى المواد أو السنوات والأطوار المعنية بدروس الدعم، وهو ما يفتح ككل عام الباب للاجتهاد الشخصي للأساتذة الذين يقاطع البعض منهم هذه الدروس، باعتبارها إضافية ولا يتقاضون في الغالب مقابلها، إضافة إلى أن كثيرًا من التلاميذ وبالخصوص المنتمين إلى سنوات غير معنية بامتحانات نهاية السنة يتغيّبون عن دروس الدعم بالمؤسسات التربوية لأنهم مرتبطين بتلقي دروس خصوصية في مراكز الدعم والتعليم الخاصة.

وقال أحمد الذي يدرس في الطور الثانوي لـ"الترا جزائر" إنه غير معني بدروس الدعم، لأن إدارة مؤسسته التربوية لم تعلمه باستفادته من هذه البرامج الاستدراكية، لأنه غير معني بامتحان شهادة البكالوريا في نهاية السنة.

وبدوره، أشار أنيس الذي يدرس السنة الخامسة من التعليم الابتدائي أن إدارة مدرسته لم تقم بتخصيص دروس دعم له في عطلة الشتاء، رغم أنه معني وزملاءه بامتحان تقييم المكتسباب شهر أيار/ماي المقبل.

استدراك

يعتبر أستاذ علم النفس بجامعة الشلف، فارس ديلمي، أن تخصيص بعض أيام العطلة الشتوية لتقديم دروس استدراكية للتلاميذ المقبلين على الامتحانات الوطنية "فكرة ايجابية لأنها تعطي للتلميذ فرصة لكي يصحح الأخطاء، خاصة لما تكون التدعيمات مرفقة ببعض النماذج للتمارين والمسائل".

ولكن رغم هذا الحكم، فإن ديلمي يعتقد أن الطريقة التي تقدم بها دروس الدعم هي من  تحتاج إلى تغيير، حيث يرى أنه "من المستحسن أن تكون عن بعد من خلال واجبات منزلية، وليس حضوريا في المدارس أو الثانويات".

وخلال فترة أزمة كورونا، قامت وزارة التربية بتقديم دروس تدعيمية افتراضية، ينادي بعض الأساتذة بضرورة الاستفادة من هذه التجربة بتشجيع التعليم الإلكتروني ليكون مكملا للتعليم الحضوري وليس بديلا له.

ويبين أستاذ علم النفس أن إجراء دروس الدعم افتراضيًا تساهم في توفير الحرية للتلميذ في انجاز التمارين والواجبات المنزلية ،لأنها تسمح له بالمزاوجة بين استدراك النقائص ونسيان الانشغالات والضوابط التي تفرضها الدروس الحضورية.

وعلى عكس رؤية وزارة التربية، يرى الأستاذ فارس ديلمي أنه من الأحسن لو يترك الأسبوع الأول من العطلة للراحة والاستجمام وتلافي الضغط الدراسي، فيما يخصص الأسبوع الثاني لفتح المحافظ وإنجاز التمارين لشحن البطاريات من جديد، وتعرف التلميذ على نقاط الضعف والقوة الخاصة به.

ومن الفوائد التي يمكن أن تقدمها دروس الدعم، هي أنها توفر فضاء لمعالجة النقائص بالنسبة للتلاميذ المنتمين لعائلات محدودة الدخل، كونها تساهم في الاقتصاد وتغطية عدم تمكنهم من تلقي دروس خصوصية كباقي التلاميذ.

ضغط إضافي

بالرغم من فائدتها التعليمة في معالجة بعض النقائص، فإن دروس الدعم التي تأخذ نصف مدة العطلة الشتوية قد تتحول بحسب الدراسات إلى عامل سلبي بالنسبة للتلميذ الذي هو في حاجة إلى الراحة بعد فصل أول طويل.

ونبه فارس ديلمي إلى أنّ "الدراسة المستمرة والمنهاج المكثف، والضغوط الأسرية والمجتمعية قد تشكل عبئًا إضافيا للتلميذ، لذلك فهو في حاجة إلى الراحة، والاستفادة من أيام العطلة"، مبينا أن "تلميذ اليوم أصبح يجد نفسه في مواجهة كم هائل من المعلومات والضغوط النفسية الأسرية والمجتمعية."

وأشار ديلمي إلى أن التلميذ في الغالب لا يجد من يزيل عنه هذا العبء المتعلق بالتعليم، بالنظر إلى النقص أو الغياب الكلي لآليات التكفل بالتلميذ نفسيا واجتماعيا لمواجهة الرهانات التعليمية التي تواجه جراء تأثيرات المجتمع والأسرة.

وفي غياب تقييم موضوعي لجدوى الدروس التدعيمية في العطل سواء كانت داخل المؤسسات التربوية أو خارجها، يظل أي حكم بشأنها سواء بإبقائها  أو إلغائها مجرد إجراء بما أن لا أحد يلاحظ أثره في تحسين مستوى التلاميذ من عدمه.