28-يونيو-2021

من غلاف رواية طير الليل لعمارة لخوص (فيسبوك/الترا جزائر)

فريق التحرير - الترا جزائر 

طير الليل عمل روائي للكاتب الجزائري عمارة لخوص، صدرت الرواية في 2020 عن منشورات المتوسط/منشورات الحبر.

استطاع عمارة لخوص استخدام تقنية الفلاش باك والحبكة البوليسية لطرح ومعالجة قضايا تاريخية وسياسية وأمنية

تدور أحداث الرواية في مدينة وهران غرب البلاد، اعتمد فيها الروائي على محطات تاريخية مرتبطة بالسياسة والاقتصاد ونمط الحكم، لتُشكّل حبكة العمل الروائي.

اقرأ/ي أيضًا: مكتبة في حديقة باسم الفلسطينيّ عزّ الدّين المناصرة

في هذت العمل، تواريخ لها دلالات في التحوّلات السياسية التي شهدتها الجزائر المعاصرة، وشخصيات تنتمي إلى أزمة مختلفة، عوالم خفية جسدت المشهد السياسي والأمني والإعلامي.

تدور مجريات الرواية في يوم عيد الاستقلال، إذ يُعثر على مجاهد سابق في الثورة التحريرية مقتولًا بشكل فضيع. ميلود صبري بطل الرواية أو طير الليل شخصية تاريخية، يَرسم لخوص عبر بطل الرواية المدعو طير الليل صورة نموذجية عن الشخصية الثورية وعلاقاتها بعالم المال والسياسة ودهاليز الحكم والدسائس.

 يتكفل ضابط في مكافحة الارهاب العقيد كريم سلطاني بقيادة التحقيق والنظر في أسباب مقتل ميلود صبري، هل الجريمة تتعلق بعمل إرهابي؟ أم تصفية حسابات؟.

يَلعب عمل التحري الذي يقوده كريم سلطاني وفريق عمله إلى كشف عن الألغاز، وخفايا عن كواليس التاريخ والجريمة المنظمة ودوائر العنف وأسباب صعوده في البلاد.

استطاع عمارة لخوص استخدام تقنية الفلاش باك، والحبكة البوليسية لطرح ومعالجة قضايا تاريخية وسياسية وأمنية، محاولًا إعطاء إجابات، وطرح تساؤلات وإثارة القارئ.

تتداخل الأحداث وتتطور الشخصيات عبر تواريخ صنعت الحدث السياسي في تاريخ الجزائر، البداية من 1958 أين التحق مجموعة من الفدائيين بالثورة التحررية، يتوقف الكاتب عند سلسلة من التواريخ ك   1962 الصراع بين جيش الحدود وثوار الداخل، الانقلاب العسكري أو التصحيح الثوري 1965، 1976 بيان فرحات عباس ويوسف بن خدة ضد نظام هواري بومدين، 1986 صعود التيار الإسلامي ، 1988 أحداث أكتوبر، 1992 توقيف المسار الانتخابي واستقالة الرئيس شاذلي بن جديد، 1998 العنف العشرية السوداء إلى غاية 2011 أحداث الربيع العربي -2018 قضية الكوكايين ومقتل ميلود صبري.

يتوقّف الروائي عند كل محطة تاريخية ليرسم اللوحة السياسية والتحولات المجتمعية ويبرز انعكاساتها على الصعيد النفسي والاجتماعي وسلوكيات المجتمع، تتطوّر وتنمو الشخصيات الروائية وفق التوقيت الزمني، لتتوسع الجريمة إلى عناصر روائية أخرى لتلقي المزيد من الألغاز.

يكشف لخوص عبر البناء الروائي للعمل، تاريخ الجزائر الحديثة من خلال عالم مركب ومعقد من المافيا السياسة والمخابرات والإسلام السياسي والإرهاب وعالم الفساد والريع والرشوة.

تضمّنت الرواية على عالم الغموض والتشويق، لدرجة أن القارئ لا يستطيع ترك الرواية دون معرفة النهاية، إنّ عامل التحري والإثارة والنقاش الدائر في العمل الروائي يدفع القارئ إلى البحث عن الحقيقة أبعد من الجريمة.

تمكن عمارة لخوص في رواية طير الليل من سرد لغوي متميّز، لغة بسيطة ومباشرة، حوارات قصيرة، خالية من أسلوب الوصفي والبلاغي، وعبر الحبكة البوليسية أتقن في تشكيل عمل روائي مشوق.

لقد حاول عمارة لخوض في رواية "طير الليل" من طرح الكثير من الثيمات المتعلقة بالثورة التحريرية

لقد حاول عمارة لخوض في رواية "طير الليل" من طرح الكثير من الثيمات، المتعلقة بالثورة التحريرية، وارتباط العنف الثوري في صناعة الاستبداد والطغيان، وهل العنف السياسي ما هو إلا نتيجة حتمية للجيل أجبرته الظروف على اختيار العمل المسلح كأسلوب في نيل استقلاله.

هنا يطرح لخوض إشكالية تاريخية ونفسية متعلقة بالعنف كأداة محورية في إدارة شؤوننا الاجتماعية والسياسية، فكيف يُسجن ويٌعذب المجاهد إدريس طالبي بعد اعتراضه على حكم بومدين سنة 1965؟ واختفاء رفيقهم قي السلاح عباس بادي، كيف تمكنت الزهرة من قتل زوجها ميلود صبري بكل برودة دم، أليس الامر مرتبطًا بتكوينها العسكري والفدائي؟.

ربّما الإجابة أشار إليها الكاتب في بداية الرواية بمقطع لحنة أرندت : "إن العنف كان البداية...".

 

اقرأ/ي أيضًا:

متى ستُوثق السينما الجزائرية لجزائر الحاضر؟

السينما الجزائرية.. أفلامٌ في العراء