تعيش الجزائر منذ فترة وضعية اقتصادية صعبة، نظرًا لتدني أسعار النفط في العالم وما نتج عن ذلك من انخفاض لقيمة عملتها المحلية مقابل العملات العالمية. ويرجح خبراء أن يواجه الاقتصاد الجزائري أيامًا عصيبة خلال السنوات المقبلة نظرًا لكون عائدات النفط تمثل ما يناهز 98 % من مداخيل الجزائر من العملة الصعبة، ويمثل قطاع المحروقات عصب الاقتصاد في البلد.
تمثل عائدات النفط ما يناهز 98 % من مداخيل الجزائر من العملة الصعبة
وتجلت تداعيات أزمة النفط الأخيرة في إجراءات التقشف التي لجأت إليها الحكومة الجزائرية مؤخرًا قصد الحفاظ على احتياطي الصرف للسنوات المقبلة، ما أدى إلى تقليص الإنفاق على أغلب المشاريع.
ووصلت تداعيات انهيار سعر النفط إلى قطاع التربية والتعليم، القطاع الأكثر توظيفًا للشباب الجزائري من خريجي الجامعات، إذ أقرت الحكومة الجزائرية إلغاء كل مسابقات التوظيف لسنة 2015 واعتبر طلبة الجامعات القرار صادمًا وكارثيًا.
يقول وليد عجايمي، خريج ماجستير لغة إنجليزية من جامعة مستغانم بالجزائر، لـ"الترا صوت"، "بذلنا جهدًا كبيرًا خلال سنوات التعليم أملًا في فرص التسجيل في مسابقات التوظيف للأساتذة والمعلمين فكان القرار الأخير محبطًا بالنسبة لنا".
في السياق ذاته، تضيف لبنى سواكري، خريجة أدب عربي بجامعة وهران، لـ"الترا صوت"، "حلمي أن أصبح أستاذة لغة عربية، لذلك كان وقع القرار علي سيئًا كما سيساهم القرار في رفع معدل البطالة هذه السنة".
وتقدر نسبة البطالة في صفوف الشباب الجزائري من خريجي الجامعات خلال السنة الحالية حوالي 11.3% مقارنة بـ10.8% خلال سنة 2014 و9.8% سنة 2013، حسب تقارير لصندوق النقد الدولي. بينما نشر الديوان الوطني للإحصائيات في الجزائر أرقامًا تفيد أن معدل البطالة في أوساط خريجي الجامعات والمعاهد قد بلغ 16% لهذا العام.
معدل البطالة في أوساط خريجي الجامعات والمعاهد في الجزائر بلغ 16% لهذا العام
يعتبر التعليم من القطاعات التي يحبذها الشباب الجزائري ويقبلون على المشاركة في مسابقات التوظيف الخاصة بها، ويشاع أن ذلك يعود لموروث قديم يرى العمل في التعليم مريحًا ومضمونًا ويعود على صاحبه باحترام المجتمع رغم ضعف المردود المادي عادة.
وامتدت إجراءات التقشف الحكومية لتشمل بعض المشاريع الحيوية في الجزائر، خصوصًا في قطاع النقل. كما تم إلغاء بعض مشاريع بناء المنشأت السكنية لذات الغرض. وتعطلت العديد من مشاريع البنية التحتية الخاصة بالسكن والمرافق العمومية والمستشفيات وغيرها. كما لجأت الحكومة إلى فرض ضرائب جديدة وهو ما من شأنه أن يؤثر على الدخل العام للمواطن الجزائري ويساهم في تدهور قدرته الشرائية.
وحذر الوزير السابق للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، عبد القادر سماري، من تداعيات استمرار انخفاض أسعار النفط على مستقبل السياسة الاقتصادية بالبلاد والانعكاسات الاجتماعية لذلك.
ويذكر أن سعر البرميل من النفط في الأسواق العالمية بلغ أقل من 42 دولار مؤخرًا وهو أدنى مستوى له منذ حوالي 6 سنوات.
وتعالت الدعوات المطالبة بإعادة الاعتبار للإنتاج الوطني الجزائري الذي لا يمثل سوى 30% من الاحتياجات الاستهلاكية. وفي سياق متصل دعا خبراء إلى تنويع الاقتصاد الوطني من خلال تنشيط قطاع الفلاحة والسياحة والخدمات وتشجيع الاستثمار إضافة إلى الاستثمار في الطاقات البديلة.