19-يناير-2021

عثمان عريوات (الصورة: انستغرام)

ثمّة فصيلة من الفنّانين الجزائريّين كانت مقلّة في إنتاجها الفنّي، ثمّ اختفت تمامًا عن المشهد والمشاهد لسنوات كانت كافيةً لولادة جيل كامل، مع ذلك بقيت مهيمنةً على الأذهان والوجدان أكثر من الوجوه التّي ظلّت تسكن داخل الشّاشات.

لقد كان  فيلمه "كرنفال في دشرة" مادة خصبة لشباب مواقع التواصل الاجتماعي

ويأتي الممثل عثمان عريوات (1948) في طليعة الوجوه التّي تنتمي إلى هذه الفصيلة الاستثنائيّة والنّادرة. فما الذّي توفّر فيه حتّى حظي بهذا المقام؟

اقرأ/ي أيضًا: عثمان عريوات.. "غيفارا" الكوميديا السوداء في الحراك الشعبي

 

تكاد الأعمال التّي ظهر فيها، قبل ربع قرن، تعدّ على أصابع اليد الواحدة. أشهرها مسلسل "الشّيخ المقاوم بوعمامة"، للمخرج بن عمر بختي عام 198، وفيلم "امرأتان" للمخرج عمر تريباش عام 1992، وفيلم "كرنفال في دشرة" للمخرج محمد وقاسي عام 1994. وهو أكثر أعماله امتدادًا شعبيًّا، ليس على مستوى الجيل الذّي شاهده أوّل مرّة فقط، بل على مستوى الأجيال التّي جاءت بعده.

لقد كان  فيلمه الأخير سالف الذكر، مادة خصبة لشباب مواقع التواصل الاجتماعي، باقتطاع أجزاء منه وتضمينها للفيديوهات الفكاهية والسياسية التي عبروا بها عن مواقفهم من اللحظة السياسية والاجتماعية والفنية والإعلامية والرياضية القائمة، بما دلّ على أن هذا الفيلم تحديدًا شكل حراكًا فنيًا قبل الحراك السياسي بربع قرن

هنا، يقول الفنان أمين بن ثامر، إنّ عثمان عريوات لخّص في دوره الذي جسّده في "فيلم كرنفال في دشرة" صورة وطبيعة ونفسيّة وذهنيّة المسؤول الجزائريّ؛ "حيث وجدها المواطن تمامًا كما يعرفها ويعانيها في واقعه المعيش؛ فعَدَّ ذلك شجاعةً وعبقريّة من عريوات الذّي جنى ثمرة ذات وجهين؛ هما أنّه بات محبوبًا من الشّعب الذّي لم تحمله السّنوات على نسيانه أو التّنكّر له، بالموازاة مع بغض حمله له القابضون على دواليب الحكم المختلفة لأنّه عرّاهم أمام ذواتهم وأمام مواطنيهم".

تجسّد موقف الجهات الرّسميّة من عثمان عريوات، يقول محدث "الترا جزائر"، في غلق أبواب القنوات المختلفة في وجهه. فظلّ مشروع فيلمه "سنوات الإشهار" الذّي قيل إنّه يعدّ الجزء الثّاني المكمّل لفيلم "كرنفال في دشرة" معلّقًا، منذ أعلن عنه قبل سنوات، رغم الإلحاح الشّعبيّ عليه.

"ومن المفارقات التّي تصبّ في صالح المصداقيّة الشّعبيّة التّي يحظى بها عثمان عريوات، أنّ فيلمه وهو مجرّد حلم ظلّ معلّقًا في ذهنه، أشهر من أفلام أنتجت بدعم من الخزينة العامّة، فكان موتها مصحوبًا بميلادها".

وظهرت أيضًا المحبة التي يحظى بها عثمان عريوات من طرف الجزائريين، حين ظهر لأوّل مرة، الإثنين الماضي، من خلال موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام، حيث بات محل حديث قطاع واسع منهم في الواقع و المواقع.

وعبر عريوات في هذه الإطلالة الخاطفة عن امتنانه للذين لم ينسوه. داعيًا الدولة الجزائرية إلى الاهتمام بأولادها الموهوبين بأن تفتح لهم الأبواب.

من جهته، كتب الشاعر أمجد مكاوي، "مخجلٌ وعارٌ على قطاع الثقافة وعلى أحلامنا في أن تكون لنا جزائر جديدة. تلك الرعشة في يديه ستبقى وصمة عار على جبيننا جميعا". 

في السياق نفسه كتب المدوّن عبد النور شرقي: "ظهور الأسطورة بعد عقود من الغياب جعلنا نفرح وفي الوقت نفسه نتألم عندما نرى نظرات شيخ الفنانين، تحمل كل ذلك الكم الهائل من الخيبات وهو يخاطب الدولة. تحياتنا لك ومن خلالك لكل فنان حاولوا طمس فنه وإبداعه".

عثمان عريوات وافق قبل شهور على استلام وسام من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون

يشار إلى أن عثمان عريوات وافق قبل شهور على استلام وسام من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وكانت تلك المرة الأولى التي يظهر فيها في تعامل رسمي مع السلطة. وهو واحد من المعطيات التي جعلت أسهمه الشعبية تبقى محافظة على تألّقها وامتدادها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

السينما الجزائرية تفقد ملاكها الأبيض

هل أساء فيلم أحمد راشدي الجديد للثّورة الجزائرية؟