في ظل صمت صاحبة الرواية الكاتبة والمترجمة إنعام بيوض قضية "هوارية" بالجزائر مستمرة وتأخذ أبعادا أخرى ولا بوادر توحي بانفراج قريب للأزمة التي تتصاعد يوما بعد يوم خاصة بعدما توسع النقاش لمقاطعة جائزة آسيا جبار، ودخل قبة البرلمان وأصبحت مطاردة من قبل الساسة و"سكان وهران".
وصل الجدل الذي أثترته رواية "هوارية" إلى قبة البرلمان، فيما قامت إحدى الجمعيات بمراسلة رئيس الجمهورية
وجهات نظر متباينة وردود فعل مختلفة منها التي اعتبرت بـ"القاسية جدا" في حق كاتبة رواية "هوارية" انتشرت وتم تداولها بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، واتسعت مساحة الاستياء والغضب وسط الساسة ونواب البرلمان وحتى الجمعيات الثقافية.
حزب سياسي ينتقد النخبة
بين المدافعين بالآراء وبـ "بيان" مساندة ودعم لكاتبة "هوارية" إنعام بيوض وفق قناعات معينة يرى أصحابه وهم كتاب وناشرين ومكتبيين أنّ مساندتهم تندرج في سياق الإبداع وحرية الفكر وأنّ ما تتعرض له بيوض حملة شرسة وممنهجة، بينما الطرف الثاني يمثله مبدعون وأحزاب وبرلمانيون وجمعيات، إضافة إلى أعيان وهران يطالب باتخاذ إجراءات صارمة ضد "هوارية"، ووقف ما أسموه بـ"خطاب الكراهية و"تهديد الهوية الجزائرية" و"محاسبة" المسؤولين عن هذا العمل.
في سياق ردود الفعل السياسية عن "هوارية" دخلت حركة مجتمع السلم "حمس" على الخط، ودعت، الجمعة، خلال اجتماع تنفيذي وطني للحزب في بيان شامل تم التطرق فيه إلى عدد من المواضيع والقضايا إلى اتخاذ "إجراءات صارمة" في حق بعض النخب التي تهدد عناصر الهوية الوطنية وتسوق لمفردات سوقية في روايات وصفتها بـ"ساقطة لا تستحق التكريم"، في إشارة إلى رواية "هوارية" الفائزة بجائزة آسيا جبار للرواية.
"هوّارية" تشعل البرلمان
من جهتها، حركة البناء الوطني ممثلة في النائب في البرلمان الجزائري يونس حريز (الدائرة الانتخابية لوهران)، الذي راسل الوزير الأول نذير العرباوي من أجل التدخل في قضية "هوارية" لكاتبها إنعام بيوض.
وتضمنت مراسلة حريز ما وصفه النائب بـ"استياء وغضب سكان مدينة وهران خاصة والجزائريين بشكل عام بسبب الإهانة التي حملتها رواية "هوارية" ضدهم من قبل كاتبة قال إنّه "لا يعرفها أحد رغم أنّها مديرة للأكاديمية العربية للترجمة ومقرها الجزائر." بحسبه.
النائب حريز تساءل في معرض مراسلته للوزير الأول عن "دور لجنة القراءة والمراقبة قبل نشر الرواية، في إشارة إلى دار "ميم" صاحبة الإصدار.
وقال:"كيف لرواية من هذا السوء حظيت بالثقة وتغلغلت وسط حبر الطباعة؛ وباركتها دار للنشرة، تحت أعين وزارة الثقافة...! ليتم طرحها في السوق دون تقصّي لواقعها، أو معرفة من يستفيد من هكذا مواضيع لإثارة الكراهية بين مكونات المجتمع الجزائري."
وما يبرز غضب ساكنة وهران ممّا ورد في أحداث الرواية التي تنطلق من "هوّارية" وهو الاسم الشائع في تسمية الفتيات في هذه المدينة، ما قاله النائب البرلماني وعضو لجنة الشؤون القانونية بالمجلس الشعبي الوطني آل سيد الشيخ وحيد في رسالة موجهة إلى الوزير الأول نذير العرباوي حول ما أسماه بحالة الغليان بين سكان وهران حول مضمون "هوارية".
وأضاف النائب أن "محتوى الرواية يحكي عن وقائع لا تنطبق ولا تنسجم مع تقاليد وأعراف المجتمع الجزائري ولا يوجد أي سند أو دليل يثبت محتواه والأكثر من ذلك أنها (الرواية) استعملت عبارات نابية خادشة للحياء العام."
ووفقه "تم تسويق هذا الكتاب للعلن ليتم تكريمها نتيجة لذلك، وهذا ما يعتبر استفزاز استنكره أهل مدينتي وهران العريقة، كما أنّ موضوع الكتاب لا يتماشى مع قيم المجتمع الجزائري، وهو ضرب لتعاليم الدين الحنيف."
وطالب النائب من الوزير الأول التدخل والتحقيق في الموضوع واتخاذ الإجراءات اللازمة مع الأمر بسحب هذا الكتاب ومنع تداوله لمخالفته الآداب العامة.
وفي السياق النائب البرلماني عن حزب "جبهة المستقبل" حامي قادة (الدائرة الانتخابية وهران) وجه إرسالية للوزير الأول يطالبه فيها بالتدخل العاجل في قضية "هوارية".
وجاء في الإرسالية: "لقد فازت رواية "هوارية" بجائزة آسيا جبار للرواية لسنة 2024 رغم احتوائها على كلمات سوقية وألفاظ نابية تتنافى وقيم وأصالة المجتمع الجزائري، وهذا ما أثار دهشة الجميع ممّا يترب عليه آثار وخيمة مستقبلا."
وطالب النائب قادة في الإرسالية "توضيح المعايير المعتمدة في اختيار الأعمال الأدبية الفائزة بهذه الجائزة"، والإجراءات المتخذة لضمان عدم تكرار تكريم أعمال تتضمن محتوى يخدش الحياء العام ويعكس صورة سلبية عن المجتمع الجزائري."
ودعا البرلماني إلى التحقيق في هذا الموضوع لضمان الحفاظ على المعايير الثقافية والأدبية التي تعكس قيم وأصالة الشعب الجزائري."
والإرسالية ذاتها وجهها النائب البرلماني قادة حامي إلى وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي.
بسبب "هواريةّ" مراسلة إلى "الرئيس"
الجدل بشأن "هوارية" تعدى حدود الوطن، ورقعة المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذا العمل وسحب الرواية ومقاطعة الجائزة اتسعت، حيث دعت رئيسة جمعية الأمير عبد القادر بإسبانيا إيزيدي خديجة في رسالة وجهتها إلى رئيس البلاد إلى التدخل في القضية.
وقالت إزيدي في رسالتها: "يؤسفنا أن نرفع إلى سيادتكم استياء وغضب سكان وهران خاصة والجزائريين عامة جراء الإهانة الكبيرة التي تضمنتها رواية لكاتبة لا يعرفها أحد رغم المنصب الكبير الذي تشغله كمديرة للأكاديمية العربية للترجمة التي مقرها بالجزائر لتخرج إلينا برواية من روايات الخبث والوقاحة وكأنّ عالم الشهرة لابد أن يكون على حساب مجتمع أصيل ومحافظ."
وأضاف رئيسة جمعية الأمير عبد القادر بإسبانيا: "لتجعل من اسم تاريخي "الهوارية" وسيلة لخطاب الكراهية والكلمات الساقطة حطمت بها مشاعر الوهرانيين والجزائريين الشرفاء وصل صداها ربوع الوطن وتناقلها الرأي العالم الدولي."
وأكدت رئيسة الجمعية في الرسالة الموقعة بتاريخ 19 جويلية 2024 أنّهم "لا يسمحون لأي أحد سواء من الداخل أو الخارج أن يزعزع استقرار البلاد ووحدة الشعب، مشيرة إلى أنّ جميعتها تناضل منذ 2009 بإسبانيا من أجل الحفاظ على الهوية الجزائرية والحفاظ على كرامة الجالية الجزائرية داخل المجتمع الإسباني ورفعت راية الجزائر ووجهت أعداء الجزائر."
صمت بيوض؟
وأمام كل هذه التطورات المتسارعة بشأن "هوارية"، ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي بين متعاطف ورافض لمحتواها، إعلان دار "ميم" للنشر إغلاق أبوابها، صدور بيان مساندة لصاحبة الرواية، عريضة توقيعات تطالب بسحب جائزة آسيا جبار من صاحبة "هوارية"، مراسلات برلمانية للوزير الأول للتدخل في القضية، تبقى المترجمة إنعام بيوض كاتبة "هوارية" والفائزة بجائزة آسيا جبار صامتة، بحيث لم تدل بأي تصريح لحد الساعة حول الجدل الحاصل وسط تساؤلات حول التزامها الصمت، ما منح الصراع والنقاش مجرى آخر وسمح بتوسع دائرة الغضب خاصة بعد مطالبة نشطاء بمقاطعة جائزة آسيا جبار للرواية بل والتشكيك فيها، فيما ذهب آخرون أبعد من ذلك بالتحامل على الأديبة الراحلة آسيا جبار التي تحمل الجائزة اسمها، ما يعني أنّ الوضع بحسب متابعين يبعث على القلق.
للإشارة إنعام بيوض صرّحت قبل أيام لتلفزيون "العربي 2" تزامنا وفوزها بجائزة آسيا جبار للرواية بخصوص موضوع "هوارية" قائلة: "الشخصية الرئيسية في رواية "هوارية" هي شخصية تقريبا عرفتها ولكن بشكل أخر لكنها حقيقية، وفكرة أن أحكي عن هذه الفترة من خلال قارئة كف، أي هذا النوع من الناس يأتي كل أصناف المجتمع لزيارته ويتعرّف على قصص الناس وخباياهم وأسرارهم، وبالتالي كانت مركزا لأغوص في أغوار الشخوص وأنسج حيواتهم..".