18-أبريل-2024
(الصورة: فيسبوك) مقر وكالة عدل

(الصورة: فيسبوك) مقر وكالة عدل

تفتح الحكومة الجزائرية في الأسابيع القادمة الاكتتاب للاستفادة من سكنات البيع بالإيجار، في ثالث تجربة لهذه الصيغة من الشقق الموجهة بالدرجة الأولى للطبقة المتوسطة، وسط ترقب من الجزائريين الذين يأملون أن يتفادى برنامج "عدل3" الأخطاء والمشاكل التي حدثت في النسختين الأولى والثانية، فما هي الإجراءات الواجب اتخاذها لتجنب الوقوع في المشاكل ذاتها؟.ط

رغم المبالغ المالية الضخمة التي خُصّصت لسكنات عدل إلا أن عملية إنجازها وتسليمها واجهت عديد الصعوبات

ورغم المبالغ المالية الضخمة التي خُصّصت لسكنات عدل، إلا أن عملية إنجازها وتسليمها واجهت عديد الصعوبات في كثير من الولايات سواءً من ناحية العقار أو نوعية الإنجاز، الأمر الذي يضع وزارة السكن اليوم في اختبار حقيقي يجعلها مطالبة بالحرص على تفادي هذه الصعوبات كلها في برنامج "عدل 3" التي تقول إنه سيطلق قبل نهاية السداسي الجاري.

تأخر في الإنجاز

رغم أهمية برنامج سكنات البيع بالإيجار ومراعاته للقدرة الشرائية للموظفين، إلا أن تأخر تسليم مشاريعه ظلت نقطة سوداء رافقته طيلة نسختيه الأولى، والثانية، وهو العيب الذي تقر به وزارة السكن وإدارة الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره "عدل.

وأفاد بيان لوكالة عدل أن المدير العام للمؤسسة تنقل الثلاثاء أكد خلال تنقله إلى مواقع 600 و654 و250 وحدة سكنية بقورصو بولاية بومرداس، شرق العاصمة، تسجيل تأخّر وتيرة إنجاز بعض الأجزاء، حيث أعطى تعليمات فورية بضرورة تسريع وتيرة الإنجاز، وزيادة عدد العمال مع استمرار العمل بالتناوب طيلة ساعات اليوم فعليًا، من أجل تدارك أي تأخر خصوصا ما تعلق بأشغال التهيئة الخارجية.

ووجه المدير العام تعليمات بضرورة التنسيق مع مختلف الهيئات المعنية بالمشروع من أجل رفع كل التحفظات، واستباق وقوع أي عراقيل قد تواجه تسليم الموقع في آجاله المتفق عليها.

ولا يسجل هذا التأخّر على مستوى موقع قورصو أو ولاية بومرداس لوحدها، إنما بعدة مواقع، بالنظر إلى عدم التزام المؤسسات المكلفة بالإنجاز بدفتر الشروط، الأمر الذي جعل وزارة السكن تفسخ العقود مع عدة مؤسّسات أظهرت ضعفًا في تنفيذ المشاريع، لكن هذا القرار رغم أهميته وضرورته فإنه أخر آليًا تسليم بعض المشاريع، بالنظر إلى أن منحه لمقاولات أخرى يتطلب طرح صفقة الإنجاز من جديد ودراستها، وهو ما يتطلب أشهر لاختيار الجهة المكلفة بمواصلة الأشغال.

وقال وزير السكن محمد طارق بلعريبي في أبريل 2021 إن وقال لعريبي إن نوعية بعض السكنات المسلمة في 2018 و2019 للمكتتبين كانت "كارثية"، بالنظر إلى أنه لم يتم خلالها احترام بنود دفاتر الشروط، ووعد وقتها بعدم التسامح مع الشركات المتحايلة التي لا تحترم جودة و نوعية السكن حتى وإن اقتضى ذلك فسخ العقد معها

ورغم مرور أكثر من 10 سنوات على إطلاق برنامج عدل 2 إلا أن وزارة السكن لم تنه حتى الآن تسليم جميع الوحدات السكنية لجميع المكتتبين، بل إن بعضهم لن يحصلوا على شهادة التخصيص إلا في الأسابيع القادمة، وذلك بالرغم من الوتيرة المتسارعة في الإنجاز التي اتخذتها الوزارة بعد جائحة كورونا.

وحسب آخر الإحصاءات المقدمة من طرف وزارة السكن، فأن عدد المكتتبين في برنامج "عدل2" قد بلغ 561688 مكتتب، بينهم 535521 مكتتب تعرفوا على مواقع سكنهم، من بينهم 16718 مكتتب يتم صب شهادات التخصيص لهم خلال هذه الأيام في عملية تشمل 27 ولاية، وهو ما يعني أن 26167 مكتتب لم يتعرفوا بعد على مكان سكنهم الجديد.

ويرى المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك فادي تميم أنه على الحكومة معالجة هذا الإشكال في برنامج "عدل 3" المنتظر، وذلك بتضمين العقد الذي بربط الوكالة بالمكتتبين بنودا تتعلق بمدة الإنجاز، وعقوبات جزائية ضد المخالف للالتزامات في حال لم يتم يتقيد أحد الطرفين بما تضمنه العقد الذي يربط علاقتهم التجارية، وفق ما قاله لـ"الترا جزائر".

وتحاولُ وزارة السكن تدارك بعض أسباب هذا التأخّر، بتحديد القطع الأرضية المخصّصة لتنفيذ برنامج "عدل 3" مسبقًا، وفق ما أشار إليه مسؤولها في أكثر من مرّة.

تعديل العقود

يستذكر فادي تميم في حديثه مع "الترا جزائر" أن التحفّظات التي تراها منظمة حماية المستهلك التي يمثّلها على خدمات وكالة عدل قد وصلت حتى أروقة العدالة، لذلك يرى أن أهمّ نقطة يجب أن يتضمنها برنامج "عدل 3" هو إدخال تعديلات على العقود التي تربط الوكالة بالمكتتبين.

وأشار فادي تميم إلى أن المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك تُطالب بضرورة وجود عقد ابتدائي بين الطرفين يضمن حقوق المكتتب من خلال تحديد مدة الاستفادة عند دفع الشطر الثالث من قيمة السكن، وألا يعطي معظم الحقوق للمؤسسة ويتجاهل الطرف الآخر.

وفي 2018، أعلنت منظمة حماية المستهلك رفع دعوى قضائية ضد وكالة عدل بسبب " ممارسات تعسفية كان المكتتبون ضحية لها مثل الحرمان من التعويض عن التأخير"، مطالبة بـ"عقود لفائدة كل مكتتب وبالشروط القانونية مع إلغاء كافة الشروط التعسفية المفروضة حاليًا".

وأشارت المنظمة حينها إلى أن التجاوزات المسجلة تتعلق بـ "حرمان المكتتب من حقّه في التعويض عن التأخير وفرض غرامات على المطالبين بالفسخ وغيرها من الممارسات التعسفية".

لكن المنظمة وجمعيات أخرى خسرت الحرب القضائية ضدّ وكالة عدل التي أعلنت في تموز/حزيران 2020 على صفحتها في فيسبوك أن " العدالة تُنصف مرّة أخرى وكالة عدل في القضية التي رفعتها ضدها جمعية حماية المستهلك".

وفي 2021، أثار التعديل الذي مس المرسوم التنفيذي رقم 16/ 279 مؤرّخ في 2 نوفمبر 2016، حفيظة مكتتبي عدل بعدما تضمن في بعض مواده منها المادة الرابعة بأن ثمن السكن المقدم للمستفيد، قابل للمراجعة وغير نهائي، حيث اعتبر مكتتبون مناقضًا للمادة الرابعة المتفق عليها في المادة الأولى من شروط البيع بالإيجار التي تنصّ على وجوب تحديد مبلغ بيع المسكن موضوع العقد بالأرقام والحروف، وهو ثمن بيع نهائي.

ولسنوات عدّة ما تزال تطرح مسألة تسليم عقود الملكية النهائية للمكتتبين بعد دفع كامل التكاليف، وهي من النقاط التي طالبت بها منظمات حماية المستهلك في أكثر من مرة، وتأمل وزارة السكن بمعالجته بوتيرة أسرع بعد إطلاقها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي منصّة خاصّة بهذا الملف.

ملف الخدمات

يمتنع الأربعيني نور الدين بعد عام ونصف من تسلمه شقته بسكنات عدل عن دفع أقساطه الشهرية اليوم إلى 17 مليون سنتيم، مرجعًا هذا التأخّر إلى رفضه دفع أعباء يتضمّنه العقد المتعلقة بالخدمات الموفرة بالحي الذي يقطن به وعمارته، والتي تشرف عليه مؤسسة "جاست إيمو" أحد الفروع التابعة لوكالة عدل.

ويقول نور الدين، إنه رفع رفقة العديد من جيرانه دعوى قضائية ضد "جاست إيمو" كونها لا تعمل على توفير خدمات النظافة والحراسة وتسيير مصعد البناية الذي لا يعمل في غالب الأحيان، وكسبوها في الجلسة الأولى، في انتظار صدور قرارٍ نهائيٍّ بعد استئناف المؤسّسة ضد الحكم الصادر.

ويوافق فادي تميم على أن ملف "جاست إيمو" من المشاكل التي يطرحها مكتتبو عدل بشدة، مبينًا أن منظمة حماية المستهلك لا تطالب بإسقاط حق الأعباء، بل هي تدعم وجود مؤسسة تشرف على تسيير العمارات والأحياء السكنية، لكن ذلك يتوجب أيضا توفير خدمات حقيقية، إلا ان وقع الأمر يشير إلى أنه في كثيرٍ من سكنات عدل لا تتوفّر هذه الخدمّات للأسف، وذلك تفادي للوصول إلى حالة من عدم الاهتمام بسكنات عدل مشابهة لبعض المواقع التي عرفتها الأحياء السكنية التابعة لدواوين الترقية والتسيير العقاري.

فادي تميم لـ "الترا جزائر": التحفّظات التي تراها منظمة حماية المستهلك على خدمات وكالة عدل قد وصلت حتى أروقة العدالة

وأكد فادي تميم في حديثه مع "الترا جزائر" أنّ منظمة حماية المستهلك تؤكّد أنه في حال غياب الخدمات التي تنص عليها العقود لا دفع لمقابل الأعباء، داعيًا الوزارة إلى ضرورة معالجة هذا الجانب في برنامج "عدل 3".