10-مايو-2022

الجوية الجزائر تكبدت خسائر معتبرة جرّاء إجراءات الوقاية من كورونا (الصورة: الخبر)

رغم معاناة الخطوط الجوية الجزائرية من متاعب مالية منذ سنوات، وسط تنامي نفقاتها مقارنة بالإيرادات، وتأثير جاحة كورونا على مداخيلها في السنتين الماضيتين، واضطرار السلطات لمساعدتها ماليًا في أكثر من مرة لتفادي الإفلاس، إلا أن مجلس الوزراء أعلن عن  الترخيص للجوية الجزائرية بتحديث أسطولها الجوي وشراء 15 طائرة جديدة.

أثار بيان مجلس الوزراء بترخيص لشركة الخطوط الجوية الجزائرية باقتناء 15 طائرة جديدة، الكثير من التساؤلات لدى مهتمين بمجال التجارة الجوية

وأضاف البيان، أن الترخيص لشركة الخطوط الجوية الجزائرية بشراء 15 طائرة، يهدف إلى فتح خطوط جديدة لا سيما نحو بلدان أفريقية وآسيوية، وأنّه تمّت الموافقة على برنامج الرحلات للخطوط الجوية الجزائرية تحسبًا لموسم السياحة الصيفية. مضيفًا أن الترخيص يشمل أيضًا اقتناء بواخر لنقل المسافرين والسلع والحبوب.

التكلفة وتساؤلات   

أثار بيان مجلس الوزراء بترخيص لشركة الخطوط الجوية الجزائرية باقتناء 15 طائرة جديدة، الكثير من التساؤلات لدى مهتمين بمجال التجارة الجوية، ولدى الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج التي تشكوا من ارتفاع تذاكر السفر بين الجزائر ودول أجنبية، وتراجع عدد الرحلات بين العواصم الدولية والمطارات الجزائرية.

وقد أجرت الخطوط الجزائرية آخر تحديث لأسطولها الجوي عام 2014، عندما اقتنت 15 طائرة جديدة، ثلاثة من الحجم الكبير، وثمانية من الحجم المتوسط، وثلاثة من الحجم الصغير للرحلات الداخلية.

  وحاليًا تتوفر الشركة على 56 طائرة عصرية، تستجيب  لمعايير السلامة والأمان الدولية حيث أن متوسط عمرها لا يتجاوز 11 سنة، حيث تجري رحلات دولية إلى 28 وجهة نحو أوروبا وآسيا وأفريقيا وكندا.

مؤسسة مفلسة

 في السياق ذاته، انعكست الأزمة الصحية على شركة الخطوط الجوية الجزائرية، حيث تراجعت عدد رحلاتها إلى الخارج من 42 وجهة دولية إلى 28 رحلة إلى الخارج، وبسبب إغلاق الفضاء الجوي، تَكبدت الشركة خسائر مالية كبيرة.

فخلال سنة 2020 أعلن وزير النقل السابق لزهر هاني أن شركة الخطوط الجوية الجزائرية تكبدت خسائر بـ 40 مليار دينار (315 مليون دولار). وما تزال الشركة تعاني من مصاعب مالية منذ سنوات، نظرًا لارتفاع تكاليف التسيير، وتنامي النفقات، مقابل تراجع الإيرادات والمداخيل، الأمر الذي يدفع السلطات الجزائرية إلى ضخ المزيد من الأموال لمساعدة الشركة تفاديًا لإعلان الإفلاس.

مؤسسة سيادية

من جهته أخرى، يرى مراقبون أن الدعم المالي للشركة الخطوط الجوية الجزائرية له دوافع ومبررات سياسية وسيادية، على غرار الشركات العمومية كسوناطراك وسونلغاز وقطاع السكك الحديدية والنقل البري والبحري، وتكنولوجية الاتصال، والمجال الجوي من بين القطاعات الاستراتيجية والسيادية لي أي دولة كانت تتمتع بالاستقلال والسيادة، وبناء عليه فالاعتبارات السياسية والدبلوماسية تتفوق على الاعتبارات التجارية والمالية، حيث يمثل فتح خطوط جوية اتجاه بعض العواصم تعبيرًا على مستوى التعاون الثنائي والتقارب الدبلوماسي بين البلدان، ولو على حساب المردودية الاقتصادية.

مؤسسة ريعية

في مقابل ذلك، يعتقد كثير من المواطنين أن شركة الخطوط الجوية الجزائرية هي مؤسسة ريعية وزبائنية، لا تتمتع بالشفافية في تسيير مواردها البشريةـ والغموض دائمًا ما يطبع عمليات التوظيف، إذ تعاني الشركة من التضخم الوظيفي، حيث يبلغ عدد الموظفين 9600 حسب أرقام إعلامية،  مقابل 56 طائرة فقط.

يشار أيضًا، أن أن الشركة مهدّدة بالإفلاس منذ عقود وهي تتلقى الدعم من أموال الخزينة العمومية لسد العجز، فالمشكل بحسب خبراء يكمن في الإطار الهيكلي للشركة، حيث قرّرت السلطات مؤخرًا مراجعة النظام الهيكلي لشركة الخطوط الجوية الجزائرية وطريقة تسييرها بما يتماشى مع المقاييس العالمية.

     

البحث عن المردودية

في مقابل ذلك، وبالإضافة إلى متاعب الجوية الجزائرية المالية، هناك منافسة دولية تقدم خدمة جيدة وأسعار معقولة، مع توفر وجهات دولية أكثر مردودية ونجاعة مالية، على غرار الشركات الجوية الصينية والتركية والإمارتية والقطرية.

لذا يرى مختصون أن الاستثمار في الرحلات الدولية التجارية ذات المردودية الاقتصادية يُمكن الشركة  العمومية من تحقيق إيرادات مالية أفضل، فسوق الطيران التجاري سواءً نقل المسافرين والسلع والبضائع يخضع إلى عاملين؛ أولها، توفر ووجود الطلب والعرض، وثانيهما نسبة استغلال الطائرة.

فالتوسع الجوي يستجيب إلى وجود تدفق سياحي وعلاقات اقتصادية متبادلة، تٌحقق نجاعة وأرباح مادية، إذ تكلف الرحلات الطويلة مصاريف باهظة نتيجة ارتفاع الضرائب والرسوم واستهلك الوقود، وبناء على ذلك، يتساءل خبراء في المجال التجارة الجوية، ماهي ما جدوى من تعزيز رحلات إلى أفريقيا وآسيا مع وجود قلة في العلاقات الاقتصادية والسياحية، وكذا محدودية الجالية الجزائرية المقيمة في القارتين، ماعدا طبعا الاعتبارات السياسية والدبلوماسية.

تسعى شركة الخطوط الجوية الجزائرية دعم أسطوله الجوي آفاق سنة 2024 عبر اقتناء 30 طائرة جديدة، بتكلفة مالية تقدر 250 مليار دينار أي ما يعادل 2 مليار دولار، بحسب مصادر إعلامية.

"الأولغراشية" المقربّة من نظام الحكم السابق كانت تريد إفلاس المؤسسات العمومية والاستثراء على حساب مؤسسات الدولة

في السنوات السابقة، ومع وجود رجال أعمال محيطين بالرئيس السابق، كانت هناك محاولات حثيثة لفتح المجال الجوي أمام القطاع الخاص لتحسين خدمات النقل الجوي، غير أن هذا المقترح لقي اعتراضًا كبيرًا وسط الجهات السياسية بسبب أن "الأولغراشية" المقربّة من نظام الحكم السابق تريد إفلاس المؤسسات العمومية والاستثراء على حساب مؤسسات الدولة من خلال القطاعات الخاصة.