21-نوفمبر-2018

مكان تمثال بوذا في باميان فارغًا

رجل متجهم الوجه، يحمل مطرقة يهوي بها على المرمر المتجسد في جماله امرأة، يزبد صارخًا "الله أكبر"، بينما ساعداه والمطرقة تكسر وجه وأثداء تمثال "عين الفوّارة" بمدينة سطيف الجزائرية.

المشهد ليس بالجديد، فقد سبق أن تعرضت ذات المنحوتة لنفس عملية التخريب في كانون الأول/ديسمبر الماضي 2017، كما تعرضت لمحاولة تفجير سنة 1997، فتم إعادة ترميمها من طرف السلطات المحلية. سوء طالع هذه المنحوتة جعلها دائمًا موضع جدل، بين مؤيد ومعارض، بين من اعتبرها صورة خادشة للحياء، ومن قال بحرمتها لما بها من تصويرٍ منهي عنه دينًا.

بيد أن هذه الحوادث، على الرغم من غرابتها الكوميدية، والتراجيدية في آن، ترجعنا إلى النقاش حولها داخل مجامع الفقهاء المسلمين، وبين مذاهبهم، وبين عامة الناس كثيرًا ما يطرح الاستفتاء الآتي: هل التصوير حرام؟

خلال السطور التالية، نبحث في قضية التصوير في الإسلام، بين النقد الفلسفي والميزان الفقهي، بين النص والواقع نجمع الصورة حول هذه القضية الشائكة.

الحرب على الأصنام: من عين الفوارة إلى أفغانستان

لتمثال عين الفوارة قصة وجود وسط مدينة سطيف العالية، الذي وهو في الأساس عمل فني للنحات الفرنسي الإيطالي فرنسيس دو سان فيدال. وبينما كانت تقف المنحوتة الأصل بين أروقة متحف اللوفر عام 1898، وقعت عليها أنظار الحاكم العسكري لمدينة سطيف وأعجب بها، فطلب من صاحبها أن يتكرم بها على سكان ولاية سطيف فكان له ما أراد.

شكّلت الفوارة، والتمثال القابع على حنفيتها، بسطيف قيمة تاريخية، تميز مدينة التي صارت تسمى باسم عينها، كما مثلت ذات العين مصدر إلهام لكثير من الشعراء والفنانين، الذين تغزّلوا بجمالها ومفاتنها، كالشاعر العراقي محمود رزاق الحكيم، والشاعر الجزائري الصادق غربي، والفنان سمير سطايفي، وعبد الكريم بلخير، وغيرهم كثير.

في2001، قامت ميليشيا طالبان بنسف تماثيل بوذا في "باميان" باعتبارها أصنامًا مشركة

بيد أن هذه العين الجمالية لم تكن لترق للعيون الفقهية، حيث تأرجحت أقوالهم فيها بين الاستهزاء والسخرية؛ كما ورد على لسان الشيخ شمس الدين الجزائري، داعيا العامة إلى ستر عريها بجبة (لباس). وبين تحريم الشرب من مائها، كما كانت فتوى أحد أئمة المساجد، بحجة أن الشارب من هذه العين يتطلب منه السجود للتمثال الذي وصفه بـ"الصنم"، واعتبر ذلك "شركًا وكفرًا بالله".

اقرأ/ي أيضًا: عندما يغزو الدين معاهد الفنون الجميلة في لبنان

لم يكن زخم هدم التماثيل حكرًا على القطر الجزائري، ففي العقدين الأخيرين بلغت الظاهرة باسم الدين، وتحت إمرة التصور السياسي للإسلام، قمة أوجها. ففي سنة 2001، قامت ميليشيا طالبان بأمر من القائد الملا عمر، الذي كان يعد بمثابة الرئيس الفعلي لأفغانستان آنذاك، بنسف تماثيل بوذا في "باميان"، باعتبارها أصنامًا مشركة، كما أتى أتباع ذات الجماعة بالتدمير على كل محتويات المتحف القومي بكابل، وكانت المحتويات الأثرية تعود إلى حقبة ما قبل الإسلام بتلك البلاد.

وعلى نفس المنوال، تكررت نفس المشاهد حين انهالت معاول جند داعش على متحف الموصل بالعراق سنة 2015، وكذلك تخريب مدينة نمرود الآشورية، وبعض آثار مدينة تدمر السورية. واضعة إيّانا داخل جو من الرهبة والحزن، لا يفوقهما سوى التساؤل حول ماهية هذه الظاهرة الفريدة.

فهي، وإن كانت، تنضوي تحت غطاء أيديولوجيا الإسلام السياسي، لكنها ليست حكرًا عليها. فقد وجدت حوادث أخرى تم فيها تدمير تماثيل، كتعبير رمزي عن سخط سياسي، وثورة ضد رمزية تلك التماثيل، كمثال: تحطيم تمثال صدام حسين سنة 2003، تماثيل لينين عند سقوط الاتحاد السوفييتي، أو تمثال حافظ الأسد بالسويداء سنة 2015، إثر اغتيال النظام السوري لأحد المشايخ البارزين بالمدينة.

هكذا يكون تدمير جسم مادي؛ لوحة، تمثالًا، أو آلة. في واقع الأمر، ليس مقصده تدمير الشيء لذاته وفي ذاته، ولكنه رغبة في هدم الصورة الرمزية التي يجسدها ذاك الشيء.  كأنه بتحطيم الجسم المادي، يتم معه قبر ما فيه من معان، في ردة فعل أيديولوجية، تسعى إلى قتل المعنى بقتل المادة.

فوبيا المحاكاة: الفلسفة ضد الصورة

تمتد علاقة الإنسان المتوترة، ضد الصورة، بجذورها إلى النقد الأفلاطوني للمحاكاة. ففي يوتوبيا أفلاطون، هذا العالم الذي نعيش فيه، هو مجرد ظلال للعالم المثالي، حيث تسكن الأفكار، وقيم الخير والشجاعة والجمال. وبهذا فمحاكاة الفنان للعالم المادي المحسوس، الذي هو أصلًا محاكاة لعالم المثل، ما هو إلا إعادة إنتاج لنسخ مشوهة، صنع وهم على وهم، وابتعاد أكثر فأكثر عن الجوهر. 

هكذا كان لأفلاطون موقفًا شهيرًا متحفظًا من الفنانين، وصل به الأمر إلى منعهم دخول المدينة الفاضلة. فهو يعتبر الرسامين، مجرد ناسخين وصانعين لوهم بصري مخادع، والشعراء بالنسبة له مفسدين للعقول، كلماتهم تنبني على إثارات حسية، تحاكي الحقيقة بالتخيلات الكاذبة، فهم يخلقون الكذب، ويجملونه، ليخدعوا به الناس.

مما يذكرنا به هذا الموقف، هو القول القرآني في سورة الشعراء: "والشّعراء يتّبعهم الْغاوون (224) ألمْ تر أنّهمْ في كلّ وادٍ يهيمون (225) وأنّهمْ يقولون ما لا يفْعلون (226) إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وذكروا اللّه كثيرًا وانْتصروا منْ بعْد ما ظلموا وسيعْلم الّذين ظلموا أيّ منْقلبٍ ينْقلبون (227)". والذي، وكما نجد تأويله في متن الطبري أن: "الآية تستثني شعر المؤمنين، في مدح الرسول والابتهال لله".

كان لأفلاطون موقفًا شهيرًا متحفظًا من الفنانين، وصل به الأمر إلى منعهم دخول المدينة الفاضلة

نجد نفس هذا الاستثناء كذلك عند أفلاطون، حيث يستثني أيضًا في نقده الشعر الغنائي والملحمي والتعليمي، الذي يتخذ موضوعاته من مدح الآلهة والأبطال، والتغني بصور المجد والبطولة والإرشاد إلى المثل العليا. 

اقرأ/ي أيضًا: الرسم والكتابة في تجربة أفونسو كروش

ولأفلاطون كذلك موقف من المسرح والفن التراجيدي بصفة عامة، وهو الشيء الذي دفع نيتشه في كتابه "ميلاد التراجيديا"، إلى الهجوم الحاد عليه وعلى سقراط، واتهامهم من خلال تقديسهم للعقل المفرط، بهدم أجمل ما في الحضارة الإغريقية، ألا وهي الروح الديونيسية، المبنية على النشوة والتحرر.

نجد كذلك هذه الفوبيا الفلسفية للصورة والتماثيل في فلسفات العصر الوسيط بأوروبا، والتي كانت تقوم على ربط العقل بالإيمانيات الكنسية، انطلاقًا من اعتبار أن الله هو النور، والعقل نور منه، وقد أثرت هذه الأفكار على فن المعمار فتلك المرحلة، فكانت تبنى الكنائس والكاتدرائيات بنوافذ كبيرة وضخمة وسقف عالي، ليدخل أكبر قدر من النور إلى المكان.  بينما كانت الصور والتماثيل تخبأ في الأماكن المظلمة، باعتبارها كائنات غير كاملة، قد تحتوي على شياطين وأرواح.

إن النفور من الصور قد تحركه مجموعة من الدوافع: فقد يكون مستتبّه نابع من تصور فلسفي لعلاقة التمثل بالحقيقة، ولكون الرسوم والتماثيل لا تقدم تصورًا كاملة عن الواقع.  وكذا، قد نجد النفور نابعًا من فوبيا نفسية، باعتبار الصور الإنسانية أو الحيوانية مرتعًا للأرواح والشياطين، وقد يكون نتيجة لدافع قيمي، ديني، أخلاقي، أو سياسي، مرتبط برغبة في هدم الصورة الرمزية للصنم.

المحاكاة في الديانات الإبراهيمية

إن التحريم الديني للصورة والتماثيل فكرة تشترك فيها كل الديانات الإبراهيمية. حيث نجد في "العهد القديم" نصًّا صريحًا في هذا الأمر، بالضبط في الوصية الثانية من وصايا موسى العشر، والذي تقول: "لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض " (40: سفر الخروج).

في هذا الصدد يخبرنا جاك كودي، في كتابه "الخوف من التمثل"، بإن تحريم التصوير بدأ أولًا في اليهودية، ثم انتقل ضمنا إلى المسيحية قبل أن يأخذ الإسلام بدوره هذا المذهب المعادي للتصوير، مقتصرًا في فنونه على الرسومات التجريدية للزخارف والخط العربي.

إن تحريم تصوير الإله في اليهودية، نابع من فكرة: "من رآه يموت"، وبالتالي فمن المستحيل رؤيته بالعين المجردة، إلا من وراء حجاب

في المسيحية، نجد بعض الفروع البروتستانتية التي حرمت التصوير الإلهي، إما لدواعي تيولوجية عقائدية، باعتبارها أصنامًا، أو لاعتبارها ترفًا un luxe غير مفيد. ويضيف جاك كودي، بأن النفور من الأيقونات قد يذهب إلى أبعد من الحضارة الغربية وحضارة الشرق الأوسط، إلى الحضارات الشرقية والآسيوية، لنجدها، إلى حد ما أيضا الديانة الكونفشيوسية، وفي البوذية البدائية، حيث كان بوذا يقدم في البداية عبر الرموز فقط؛ شجرة البوذي، آثار أقدام بوذا ودولاب الصلوات.

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ كلمة "مرحبا"

إن تحريم تصوير الإله في اليهودية، نابع من فكرة: "من رآه يموت"، وبالتالي فمن المستحيل رؤيته بالعين المجردة، إلا من وراء حجاب، كما في قصة موسى الذي كلم الله من وراء الجبل، وما إن تبدى له حتى خر صريعًا. الإسلام في نفس التوجه، يتبنى طرح: "ليس كمثله شيء". وبالتالي فإن أي تشبيه مادي له يعتبر بناء على هذا الأساس شركًا وكفرًا بوحدانية الله.

بينما يأخذ الأمر منحى آخر في المسيحية، إن يمكن افتراض فكرة حلول الذات الإلهية في جسد المسيح، كانت من بين المحركات الرئيسية التي جعلت المسيحية، لا تملك نفس الحساسية من التصوير كما هو الأمر في الإسلام واليهودية.

فرغم شيوع فكرة أن المسيحية ديانة تصويرية، إذ نجد الكنائس ممتلئة بأيقونات ولوحات وتماثيل المسيح المصلوب. إلا أنها عرفت عبر التاريخ، موجات من المعارك الداخلية حول إشكالية التصوير، خصوصًا بين التوجهات المسيحية الأرثودوكسية الملتزمة بالعهد القديم باعتباره أصلًا للعهد الجديد، وبين الثيولوجيا المنحازة للتصوير. بل وتعد أهم الحروب الداخلية التي عرفتها الإمبراطورية البيزنطية، خلال القرنين الـ8 والـ9 م، حيث سادت حركة تحطيم للأيقونات ورفض، بل وتحريم، تصويرها من قبل عدد من الأباطرة البيزنطيين. وصل هذا الجدل حدتها عام 726 حينما أمر الإمبراطور ليو الثالث بتدمير كافة الرسومات والتماثيل الدينية، وإصدار مرسوم ضد تبجيل الرموز والأيقونات ومنع تعليقها في الكنائس والمنازل والأماكن العامة باعتبارها أصنامًا.

يعتبر المؤرخون، أن هذه الحركة كانت من وراء التأثير الإسلامي، حيث إن الأباطرة المعادون للأيقونات كانوا كلهم من مدن تعتبر مراسًا للفكر الإسلامي ضمن الدولة الرومانية البيزنطية.

إشكالية الصورة والنحت بين القرآن والأحاديث

تكلم القرآن الكريم عن "التماثيل" – صراحة وبالنص- في مواطن ثلاث: أولها اتخذ فيها موقفًا رافضًا محرما عبر قصة النبي إبراهيم وقومه (الأنبياء: 70-77)، وثانيها دلّل عليها في موقف يشيد باعتبارها نعما للزينة عبر تعداد نعم سخرة الجان لسيدنا سليمان (سبأ: 12-13)، وفي الموقف الثالث عاد لها كمعجزة للنبي عيسى (آل عمران: 48-49).

يتلون الحكم القرآني بلون ظرفه تجاه قضية التماثيل، وكذا والمعنى والنية التي يضفيها الشخص على تلك الاجسام المصطنعة

بشكل متباين، حسب السياق، يتلون الحكم القرآني بلون ظرفه تجاه قضية التماثيل، وكذا والمعنى والنية التي يضفيها الشخص على تلك الاجسام المصطنعة. في وقت تأخذ السنة في هذا مهمة التفصيل، وتخلق بذلك منطلق الجدل الفقهي.

اقرأ/ي أيضًا: 50 كلمة من القاموس العثماني

حيث يتخذ الفقهاء قاعدتهم من حديث "أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون"، وحديث آخر حيث يقال للمصورين "أحيوا ما خلقتم"، ليخلصوا إلى أن السنة النبوية حرمت الصور والتماثيل للأحياء – حيوانات كانت أو إنسانًا- وأنها بذلك قد نسخت الإباحة التي لها في شريعة النبي سليمان.

تمثال حافظ الأسد

يعتبر محمد عمارة في كتابه "الإسلام والفنون الجميلة"، أنه: "وحتى إذا سلمنا بالقول بالنسخ لهذه الإباحة التي كانت في الشرائع السابقة، فإننا سنجد أن علة حدوث هذا النسخ هي: تحول الصور والتماثيل – في الواقع الذي ظهر فيه الإسلام- إلى معبودات، كما كان حالها لدى قوم إبراهيم، وهو ما لم تكنه زمن نبوة سليمان"، ويضيف أن ضرورة فهم فحوى المصطلحات، بالعودة إلى سياقها التاريخي: "الصور" في الأحاديث النبوية التي عرضت لهذه القضية إنما يراد بها الصنم والوثن المعبود.

مؤكدًا أن تلك الحرمة تفقد معناها في حالة الغرض الفني، إذ لم يكن ضمن سياقها المفاهيمي، ولم يعرف العرب وقتها نفس التصورات الجمالية اتجاه مفهوم الفن، كما لدينا الآن وكانت لدينا في مراحل متقدمة من التاريخ الإسلامي.

في حديث آخر، تحضر فيه عائشة (ض) ثوبًا من صوف فيه صورة، وتغطي به أحد الرفوف، فانزعج الرسول لذلك وخاطبها معاتبًا: "تسترين الجدر يا عائشة؟"، تنزعه بعدها وتقطعه لقطع صغيرة تصنع بها وسادة، كان يتكئ عليها، وزال بذلك تحفظه من الأمر.

يؤول محمد عمارة هذه الحادثة، على أن كره الرسول هنا للصورة قد ارتبط بكونها ترفًا يستهدف مجرد ستر الجدر، وبكونها بهذا الوضع في هذا الموقع مما يتقبله المصلى، فتشغله عن خشوع الصلاة، فلما انتقلت الصورة إلى الوسادة، زال الحرج.

تباينت عبر التاريخ مواقف العلماء من الفن عمومًا، والتصوير خصوصًا، بتباين المناهج الفقهية، فنجد من جهة، فئة الفقهاء النصيين، الذين انحازوا إلى حرفية ظواهر المأثورات، فوقفوا موقف التحريم المستميت، بينما انحاز الفقهاء القصديون إلى الإجازة مع استحضار النية والقصدية.

ونجد فقهاء قد أشادوا بالصور التي تستعمل لأغراض اجتماعية وتربوية، أو لأغراض نفعية. معللين ذلك بإباحة الرسول لعائشة اللعب بالدمى. بل ونجد قصة الفقيه الأصولي الإمام القرافي، من القرن الـ13، الذي تحدث عن ممارسته لفن صناعة الدمى والتماثيل.

كما أنه لم يكن في دار الخلافة من حرج نحو التماثيل، على ما يورده لنا المؤرخون من أخبارهم، فكانوا يزينون بها بلاطهم، ويستعملونها على عملتهم بما يدلّ على مهابة وعلو مجد الحاكم.

تطورت إشكالية التصوير، والتي غالبًا ما كانت مرتبطة بسؤال الرسم والنحت اليدوي، إلى إشكالية التقنية. في بداية اختراع الالة المصورة، التي أوقعت الفقهاء في المأزق.

يتخذ الفقهاء قاعدتهم في تحريم التماثيل من حديث "أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون"، وحديث آخر حيث يقال للمصورين "أحيوا ما خلقتم"

وأمام معضلة جواز الصور الفوتوغرافية انقسموا إلى شيعٍ، فضل البعض منها بالاجتهاد في القول بجوازها، بحجة أن الصورة مجرد خيال وبالتالي فهي غير محرمة، بينما ضل بعض الفقهاء متحفظين من الآلة المستحدثة، وزاد عندهم نقمها عندما تحركت الصورة لتصير فيديو، وأسس الفيديو ليعود فنًا سابعًا.

اقرأ/ي أيضًا: جحا ناقدًا دينيًا

لكن، في الأخير، دائمًا ما يفرض الواقع التقني ذاته، حيث لا مفر من العصر الجديد، عصر الصورة. وبالتالي تنازل كثير ممن كانوا متحفظين من الأمر، ونشاهدهم حاليًا في قنوات تلفزية يلقون خطبهم وفتاواهم بتحريم الصورة.

هذه المفارقة، في براءتها، تحيلنا على حتمية ارتباط النص بالجدل الذي يفرضه الواقع، الواقع حيث لا ثابت فيه، لا مناصّ للنص إلا في الاجتهاد وتكييف ذاته حسب متطلبات اللحظة التاريخية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تيسير خلف في "عصافير داروين".. رحلة عربية إلى الهزيمة

تاريخ كلمة "طز"