عرفت الجزائر في الفترة الأخيرة خاصة مع انخفاض درجات الحرارة، انتشارًا كبيرًا لفيروس التنفسي المخلوي (VRS) الذي يصيب الأطفال، بأعراض حادة عادة ما تتطلب تدخلًا استشفائيًا.
يقول خبراء إن ما جعل هذا الفيروس قويًا وسريع الانتشار هو التزام الناس التباعد الاجتماعي ووضع الكمامات واحترام إجراءات الوقاية
ويمكن بسهولة ملاحظة تفشي هذا الفيروس، من خلال ما تعانيه المستشفيات ليلًا من ضغط كبير، حيث يضطر الأولياء لنقل أبنائهم للاستعجالات من أجل تهدئة أعراض السعال الحاد الذي لا تنفع معه في العادة الأدوية العادية، خصوصًا في حال دخول المصاب الصغير في نوبة.
وفي جولة قادت "الترا جزائر" لمستشفى بني مسوس بالعاصمة، وقفنا على حالات كثيرة لأطفال مع أوليائهم ينتظرون دورهم لتلقي العلاج الذي يكون في العادة عبارة عن حقنة تسبق وضع الطفل تحت جهاز أكسجين يسمح له بتجاوز النوبة. وتعج مصلحة استعجالات طب الأطفال ليلًا بحالات مستعصية لأطفال يبدو القلق باديًا على أوليائهم، حيث يتكرر حديث الأمهات عن تجريبهن كل أنواع مسكنات الحمى والسعال الطبية أو الطبيعية دون جدوى.
نفس الحالة من الضغط وجدناها تقريبًا بالمستشفى الآخر الشهير بمصلحة طب الأطفال "بير طرارية"، حيث كان المنتظرون بالعشرات. ويؤكد عدد من أطباء بالمستشفى، تحدثنا إليهم، أن الحالة عامة بأغلب المستشفيات، حيث يصيب الأطفال بالأعراض نفسها تقريبًا، لكن الأمر بشكل عام متحكم فيه ولا يدعو كثيرًا للقلق، لأن أغلب الاطفال يتمكنون من التعافي بسرعة عبر الالتزام بالبروتوكول الصحي المعتمد في مثل هذه الحالات.
وتتشابه أعراض هذا الفيروس مع الإنفلونزا الموسمية وفيروس "كوفيد-19"بحسب مختصين، لذا يجب الحرص على المتابعة الطبية للأعراض. ويؤكد الأطباء أن وجود عدة فيروسات في نفس الفترة هو أمر عادي مع وجود فيروس طاغي، كما حدث مع فيروس "كوفيد-19"خلال العامين الفارطين، والفيروس المهيمن حاليا في الفيروس التنفسي المخلوي.
وما ساهم في انتشاره، أنه تزامن مع عودة الأطفال للمدارس ورفع القيود التي كانت مفروضة من قبل بسبب كورونا، حيث قررت وزارة التربية التخلي عن نظام الأفواج الذي كان يقسم التلاميذ في الأقسام إلى فوجين يتداولان الدراسة بما يسمح للأساتذة بتطبيق التباعد الجسدي في المدارس.
منظمة الصحة العالمية تحذر
والأمر لا يقتصر فقط على الجزائر فقد شملت الموجة عدة دول، مما دفع منظمة الصحة العالمية لنشر بيان حمل خبرين، الأول هو بدء نهاية جائحة كورونا، والثاني هو انتشار فيروس خطير هذا الشتاء في العالم أجمع، يعرف باسم الفيروس التنفسي المخلوي RSV، ويعتبر شديد العدوى ويسبب التهابات شديدة في الجهاز التنفسي خاصة عند الأطفال، حيث تدوم العدوى أسبوعين، وهو السبب الأساسي لدخول الأطفال إلى المستشفى عبر العالم.
وحول درجة الخطورة المسجلة في الجزائر، قال الدكتور رزقي، طبيب أطفال في تصريح لـ "الترا جزائر" إن الاعراض المسجلة هي نفسها المتعلقة بالأنفلونزا الموسمية لكنها أكثر حدة، منها آلام المفاصل، الإرهاق، التقيؤ، الإسهال، الحمى بالإضافة إلى أعراض تنفسية مثل سيلان الأنف، ألم في الحلق والسعال.
وأوضح المتحدث أن هذه الموجة التي أصابت الأطفال هي عدوى فيروسية انتشرت بقوة هذا العام أكثر من الأعوام السابقة، وعندما نقوم بتحليل فيروس "كوفيد - 19" نجده دائمًا سلبيًا، ما يدل على أن الفيروس ليس متحورًا لفيروس كورونا.
ولمواجهة الفيروس، يقول الطبيب إن العلاج الأول هو الوقاية من العدوى، من خلال تطبيق التباعد بين الأطفال وتجنب الذهاب الى رياض الأطفال وكل التجمعات واحترام كل إجراءات الوقاية مثل تلك الخاصة بـ"كوفيد-"19، كما يستحسن أخذ مقويات المناعة مثل الزنك والفيتامين س لأنها ذات فعالية كبيرة في مواجهة هذه الفيروسات بالإضافة إلى شرب الماء بكثرة.
أسباب شراسة الفيروس
وعن شراسة هذا الفيروس، قال خبراء إن ما جعل هذا الفيروس قويًا وسريع الانتشار، هو التزام الناس التباعد الاجتماعي ووضع الكمامات واحترام إجراءات الوقاية من فيروس "كوفيد- 19" خلال السنتين الماضيتين، مما جعل الجهاز المناعي لا يتعرف على هذا الفيروس ولا يملك آليات محاربته.
وفي حديث مع "الترا جزائر"، قالت الدكتورة واليكان صبرينة طبيبة أطفال، إن هذا الفيروس يسبب عادة الالتهابات الشعبية عند الاطفال أقل من خمس سنوات، مشيرة إلى أن معظم الاستشارات الطبية في هذه الفترة هي لأطفال يعانون من سعال حاد وحمى مرتفعة.
وأضافت الطبيبة أن العلاج من الإصابة بالفيروس التنفسي المخلوي يتمثل، في تخفيف الأعراض بواسطة الأدوية الخافضة للحرارة وبخاخات الأنف المزيلة للاحتقان والأدوية الموسعة للشعب الهوائية، كما يمكن استخدام أجهزة الاستنشاق. أما بخصوص اللقاح المضاد للانفلونزا، أكدت الطبيبة أن فئة الأطفال غير معنية به وهو موجه أساسا للكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة والنساء الحوامل.
الاتحاد الأوروبي وافق على على دواء جديد يدعى بايفورتوس منتج من مخابر إسترازينيكا وسانوفي للوقاية من أمراض الجهاز التنفسي السفلي الناجمة عن الفيروس المخلوي التنفسي RSV.
الاتحاد الأوروربي وافق على دواء جديد يدعى بايفورتوس منتج من مخابر إسترازينيكا وسانوفي للوقاية من أمراض الجهاز التنفسي السفلي الناجمة عن الفيروس المخلوي التنفسي RSV
علاج جديد وافق عليه الاتحاد الأوروبي
وفي الاتحاد الأوروبي، تمت الموافقة على دواء جديد يدعى بايفورتوس منتج من مخابر إسترازينيكا وسانوفي للوقاية من أمراض الجهاز التنفسي السفلي الناجمة عن الفيروس المخلوي التنفسي RSV عند الأطفال والرضع، حيث يتم تحصين الأطفال بجرعة واحدة حتى أولئك الذين يتمتعون بصحة جيدة، أو الذين يعانون من حالات طبية معينة.