20-سبتمبر-2021

قاعدة الحياة بعين أمناس (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

منذ أكثر من عقدين لم يشهد أي قانون استثمار في الجزائر استقرارًا تشريعيًا وتنظيميًا، فقد تعدّدت التعديلات والمرجعات مع تعاقب الحكومات، لتبقى المشاكل عالقة، فقد ارتبط قانون الاستثمار بالحسابات السياسية والريعية، وانعكس عدم استقرار المنظومة القانونية للاستثمار مخاوف رجال الأعمال، ووتردد الشركات الأجنبية العالمية، وداعا خبراء اقتصاديون إلى ضرورة وضع رؤية واضحة المعالم تشجّع على خلق مناخ أعمال جذاب.

استعبد محمد سعودي الخبير الاقتصادي أن تتمكّن حكومة أيمن عبد الرحمان، من إجراء تعديلات عميقة وإصلاحات جذرية تمسّ بقانون الاستثمار

قانون الاستثمار جديد

في هذا السياق، أعلن الوزير الأول وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، خلال مداخلته أمام البرلمان عن انتهاء من مراجعة قانون الاستثمار، وأكّد أن المراجعة ستكون عميقة، تتكفل بانشغالات المتعاملين الاقتصاديين، ويهدف المشروع إلى خلق بيئة استثمارية محفزة، من شأنها جلب استثمارات خارجية مباشرة وإرساء مناخ من الثقة بين المستثمر ومؤسسات الدولة.

اقرأ/ي أيضًا: ضبط أسعار اللحوم.. الامتحان الذي تفشل فيه السلطات دائمًا

وكشف أيمن بن عبد الرحمان عن استحداث بوابة إلكترونية للصفقات، وإعادة التنظيم التشريعي للتسيير العقار الصناعي الموجه للاستثمار، وتنشيط البورصة وتوجيه البنوك إلى دعم المتعاملين الاقتصاديين ومرافقة المستثمرين، إلى جانب اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص وخصخصة المؤسسات العمومية المفلسة.

معيقات الاستثمار

في هذا الشأن، أرجع مولد مدي المهتم بالشأن الاقتصادي والمصرفي، عدم استقرار قانون الاستثمار في الجزائر، إلى غياب إرادة سياسية في تحرير الاستثمار الوطني والأجنبي، وتحرير الاقتصاد من المعيقات الإجرائية والإدارية والبيروقراطية.

وأضاف محدّث "التر جزائر" أنه رغم تعاقب الحكومات غير أن مشاكل الاستثمار سواءً المحلي أو الأجنبي ما تزال عالقة، مُشيرًا إلى جملة من المشاكل المتكرّرة على غرار مشكلة العقار الصناعي التي كانت وراء إقالة وزير الصناعة السابق. معلقًا بالقول إن "المنظومة المصرفية لم تعرف أيّة خطوة إيجابية من أجل  إصلاحها وعصرنتها".

وبخصوص صيغ دعم الاستثمار، يرى مدي أن الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، تحوّلت إلى جهاز بيروقراطي يعطل الاستثمار بدل أن يرافقها ويدعمها. وعن تراجع الاستثمار الأجنبي بالجزائر، أفاد محدثنا أن الاستثمارات الخارجية المباشرة في الجزائر ضعيفة جدًا مقارنة بدول الجوار، ما عدا قطاع المحروقات.

حجم الاستثمارات الخارجية خارج قطاع النفط بلغت 1.1 مليار دولار بينما في المغرب قُدرت بـ 3.5 مليار دولار ومصر 6.5 مليار دولار. يستشهد المهتم بالشأن الاقتصادي بهذه المقارنة، ليُوضّح أن هناك عدّة عقبات تقف أمام المستثمر الأجنبي، يعيدها إلى وجود خلل في المصداقية وعدم وجود رؤية واضحة وشفافة، على حدّ قوله.

كل القطاعات استراتيجية

من جهته، استعبد محمد سعودي، الخبير الاقتصادي في حديث لـ "التر جزائر"، أن تتمكّن حكومة أيمن عبد الرحمان، من إجراء تعديلات عميقة وإصلاحات جذرية تمسّ بقانون الاستثمار، أو إصلاحات اقتصادية عميقة، حيث يضع ضمن مقترحاته لقانون الاستثمار، إلغاء فكرة القطاعات الاستراتيجية وغير الاستراتيجية، "فكلّ القطاعات الاقتصادية استراتيجية، بإمكانها خلق الثروة ومناصب العمل".

وأضاف الخبير الاقتصادي أن قانون الاستثمار لابدّ من أن يحدّد محورين أساسيين؛ وهما محور الاستثمار الموجّه إلى الداخل، والاستثمار الموجه إلى التصدير، مشدّدًا على أن الأولوية تعطى لقطاع التصدير، على غرار البتروكيميائيات والصناعة الإلكترونية والنسيج، على حدّ قوله.

إلغاء الامتيازات

في سياق آخر، دعا سعودي إلى ضرورة التخلي على التحفيزات والامتيازات، وقال إنها وراء خلق مستثمرين وهميين والتدخّل البيروقراطي في الشأن الاقتصادي، ما يفتح الأبواب أمام المحاباة والرشوة والإقصاء.

وتابع المتحدث، أن التحفيزات تتضمن كل التسهيلات ماعدا التمويل المالي، و"على المستثمر أن يتحمل كل الأعباء المالية، والمزايا الوحيدة هي أولوية التملك في العقار الصناعي"، موضحًا أن حق تملك العقار الصناعي يُعطي للمتعامل الاقتصادي الطمأنينة والثقة في وضع كامل الأصول في استثماره، على حدّ قوله.

الدستور الحالي لا يعترف بحق الأجنبي في التملك العقاري، بحسب سعودي، وهنا يدعو إلى فتح نقاش موسع في المسألة، إذ "لا يمكن استقطاب رؤوس أموال أجنبية وفرض الشراكة عليها مع مؤسسات عمومية".  

إن قانون الاستثمار والإطار القانوني والتشريعي للاستثمار، يهدف إلى تحسين مناخ  الأعمال، وخلق بيئة جذابة للعديد من الاستثمارات الأجنبية

إن قانون الاستثمار والإطار القانوني والتشريعي للاستثمار، يهدف إلى تحسين مناخ  الأعمال، وخلق بيئة جذابة للعديد من الاستثمارات الأجنبية. وعليه لا بد للقانون أن يحمل جملة من المزايا على غرار تخفيف الأعباء الضريبية، وتبسيط الإجراءات لتفعيل المؤسسات، وأن يتضمن حماية للمستثمر، و يضمن الحرية في المنافسة والأسعار، وعدم تدخّل السلطات في شأن التسيير وضمان التحكيم ووساطة الاتفاقية، حيث تتكفل الدولة بتوفير البنية التحية من شبكات الطرقات والموانئ و خاصّة الاستقرار السياسي والمؤسّساتي.

  

اقرأ/ي أيضًا:

السماح للفلاحين ببيع منتوجاتهم مباشرة للمستهلك في أسواق الجملة والتجزئة

تبون يُبرق بتعازيه إلى ميشال عون إثر انفجار بيروت